ليس من قبيل العزف على وتر التمييز، ولا أي شكل من العنصرية؛ لكن هناك سياق منطقي للتذكير بهذه الواقعة كحالة مفارقة لتعامل الزوج السعودي مع زوجته اليمنية، بالقياس مع حالة الحب التي دفعت بالفتاة السعودية "هدى" للتمسك بالشاب اليمني "عرفات" كزوج مستقبلي. هذه الفتاة (في الصورة) اسمها "وفاء راجح"، تزوجت بشاب سعودي الأصل والنشأة، لتكتشف بعد شهرين من زواجها بأنه يتعاطى الممنوعات، ودخلت حياتهما بعد ذلك جحيماً انتهى بتشويهها وإتلاف كل أوراقها الثبوتية. انظروا إلى وجهها؛ إنه محروق بالأسيد. الزوج السعودي هو من فعل ذلك قبل أن يطلقها. لم يقتصر التشويه على الوجه فقط، بل في يديها وصدرها، والأهم من ذلك كله، تشويه حياتها كاملة بمرارة الإذلال الذي مارسه عليها كونها من أسرة فقيرة على المستوى الاقتصادي، وقبل ذلك، هي يمنية وأسرتها تعيش في المملكة بمحاذاة الجدران وظل "الكفيل". لقد وصل الحال بزوجها، كما أتذكر من قصة الفتاة، إلى إجبارها على مقابلة أصدقائه وهم في حالة ثمالة، وتلبية ما يرغبون به من الطعام والشراب. تعامل معها كنادلة في مطعم رخيص، رغم أنها زوجته وأم لطفلين أو 3 منه. بالمقابل، لا أعرف كيف يمكن أن تكون حياة "هدى" و"عرفات" إذا ما تمكنا من الزواج، لكن انظروا إلى هذا الشاب (عرفات) الذي ترك العالم كله لمجرد أن الفتاة التي يعمل في بلدها بنظام عبودي، أخبرته بأنها تحبه جداً، لدرجة أنها تنتظره على حدود بلده، لكي تكون زوجته إلى الأبد. ترك كل شيء، ودخل السجن بتهمة تسهيل دخولها غير الشرعي إلى اليمن. وحتى بعد حكم القضاء ببراءته من التهمة، ما زال ينتظر خروج القلب الذي أحبه بهذه الصورة الجنونية. لن أتحدث عن زواج السعوديين بيمنيات عبر ما يسمى "زواج المسيار"، ولا أتحدث عن ضحايا هؤلاء الأزواج العابرين. بل عن فتاة يمنية، من أبوين يمنيين ما زالا يعيشان في السعودية، تزوجت بشاب سعودي، وعن فتاة سعودية أحبّت شاباً يمنياً، ووقفت أمام زواجهما، جميع الفتاوى الدينية وقوانين بلديهما، حجرة عثرة. لو لم يتحرك ضغط شعبي أمام محكمة جنوب شرق أمانة العاصمة صنعاء، قبل النطق في الحكم، لكانت هدى الآن في عسير، مسحولة وراء سيارة أبيها أولاً. بينما لا أحد يعرف مصير الفتاة اليمنية التي تزوجت بشاب سعودي لم تنقصه الجرأة على تشويه جسدها وإذلال أسرتها بذلك الاعتداء الوحشي. لا تنظروا لمسائل الحب والعاطفة بمنظور الجنسيات والأصل والعرق واللون. إذا لم يتزوج "عرفات اليماني" ب"هدى السعودية"، فاعرفوا أن العدالة الاجتماعية مضروبة في الصميم، حتى في قوانين الأممالمتحدة، التي تمنح الناس على اختلاف جنسياتهم، شعوراً ب"المواطنة الكونية". على الأممالمتحدة ألاّ تسمح بأن يكون هذا الشعور إزاء قوانينها، وهمياً، وعلى الآباء والفقهاء والقضاة، في اليمن والسعودية، أن يقبلوا بتفوق مسائل الحب على رغباتهم القمعية.