تتعلق المسالة بأهم عمل نثري تنظيري لأبي القاسم الشابي ، وهو محاضرة (الخيال الشعري عند العرب ) تلك المحاضرة التي صدرها بكلمة تكشف قلقه المعرفي بموضوعه والتي وضعها في إطار الصراع بين الماضي والمستقبل حين قال: (لقد أصبحنا نتطلب حياة قوية مشرقة ملؤها (...)
عيناك غَابتا نخيل ساعة السحر،
أو شرفَتان راح ينأَى عنهما القَمر .
عيناك حين تبسمان تورق الكروم
وترقص الأَضواء ...كالأَقمار في نهر
يرجه المجداف وهنا ساعة السحر
كأنما تَنْبض في غوريهما، النجوم ...
وَتَغْرَقَان في ضباب من أَسى شفيف
كالبحر سرح اليدين (...)
اذا كانت المرأة عند البردّوني هي الفكرة الملهمة ، يقطف من سحرها أزاهير شعره ، وينهل من بحرها أثمار فنّه ، فهي كذلك سبب لعذابه وأساه، فهي في عالمه الشعري بين مدّ وجزر، شأنه شأن كلّ إنسان يعيش الوجود بتناقضاته ،فيعيش الفرح كما يعيش الحزن ويجني الورد (...)