أكاديمي اقتصادي: فكرة البنك المركزي للحد من تدهور الريال اليمني لن تنجح!    تقرير برلماني يكشف عن المخاطر المحتمل وقوعها بسبب تخزين المبيدات وتقييم مختبري الاثر المتبقي وجودة المبيدات    انهيار مرعب للريال اليمني.. ووصول أسعار صرف الدولار والريال السعودي إلى أعلى مستوى    المشاط يدافع عن المبيدات الإسرائيلية وينفي علاقتها بالسرطان ويشيد بموردها لليمن    الحوثيون يعبثون بقصر غمدان التاريخي وسط تحذيريات من استهداف الآثار اليمنية القديمة    رئيس برلمانية الإصلاح يتلقى العزاء في وفاة والده من قيادات الدولة والأحزاب والشخصيات    شراكة الانتقالي وتفاقم الازمات الاقتصادية في الجنوب    ذكرى إعلان فك الارتباط.. جدار جنوبي راسخ لفظ الوحدة المشؤومة    أين نصيب عدن من 48 مليار دولار قيمة انتاج الملح في العالم    هل يمكن لبن مبارك ان يحدث انفراجة بملف الكهرباء بعدن؟!    قاتلكم الله 7 ترليون في الكهرباء فقط يا "مفترين"    خاصموا الانتقالي بود وأختلفوا معه بشرف    "ضربة قوية لمنتخب الأرجنتين... استبعاد ديبالا عن كوبا أميركا"    يوفنتوس يعود من بعيد ويتعادل بثلاثية امام بولونيا    مظاهرة حاشدة في حضرموت تطالب بالإفراج عن السياسي محمد قحطان    فيديو فاضح لممثلة سورية يشغل مواقع التواصل.. ومحاميها يكشف الحقيقة    شاهد : العجوز اليمنية التي دعوتها تحققت بسقوط طائرة رئيس إيران    لليوم الثالث...الحوثيون يفرضون حصاراً خانقاً على مديرية الخَلَق في الجوف    صراعات داخل مليشيا الحوثي: قنبلة موقوتة على وشك الانفجار    ناشطون يطالبون الجهات المعنية بضبط شاب اعتدى على فتاة امام الناس    "يقظة أمن عدن تُفشل مخططًا إجراميًا... القبض على ثلاثه متهمين قاموا بهذا الأمر الخطير    شاهد :صور اليوتيوبر "جو حطاب" في حضرموت تشعل مواقع التواصل الاجتماعي    رئيس الوفد الحكومي: لدينا توجيهات بعدم التعاطي مع الحوثيين إلا بالوصول إلى اتفاقية حول قحطان    اللجنة الوطنية للمرأة تناقش أهمية التمكين والمشاركة السياسة للنساء مميز    وهم القوة وسراب البقاء    "وثيقة" تكشف عن استخدام مركز الاورام جهاز المعجل الخطي فى المعالجة الإشعاعية بشكل مخالف وتحذر من تاثير ذلك على المرضى    مجلس النواب يجمد مناقشة تقرير المبيدات بعد كلمة المشاط ولقائه بقيادة وزارة الزراعة ولجنة المبيدات    إعلان هام من سفارة الجمهورية في العاصمة السعودية الرياض    لابورتا وتشافي سيجتمعان بعد نهاية مباراة اشبيلية في الليغا    رسميا.. كاف يحيل فوضى الكونفيدرالية للتحقيق    منظمة التعاون الإسلامي تعرب عن قلقها إزاء العنف ضد الأقلية المسلمة (الروهينغا) في ميانمار    منتخب الشباب يقيم معسكره الداخلي استعدادا لبطولة غرب آسيا    البرغوثي يرحب بقرار مكتب المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية مميز    اتحاد الطلبة اليمنيين في ماليزيا يحتفل بالعيد ال 34 للوحدة اليمنية    قيادات سياسية وحزبية وسفراء تُعزي رئيس الكتلة البرلمانية للإصلاح في وفاة والده    اشتراكي الضالع ينعي الرفيق المناضل رشاد ابو اصبع    إيران تعلن رسميا وفاة الرئيس ومرافقيه في حادث تحطم المروحية    مأساة في حجة.. وفاة طفلين شقيقين غرقًا في خزان مياه    وفاة طفلة نتيجة خطأ طبي خلال عملية استئصال اللوزتين    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    الريال يخسر نجمه في نهائي الأبطال    أرتيتا.. بطل غير متوج في ملاعب البريميرليج    مدارس حضرموت تُقفل أبوابها: إضراب المعلمين يُحوّل العام الدراسي إلى سراب والتربية تفرض الاختبارات    كنوز اليمن تحت رحمة اللصوص: الحوثيون ينهبون مقبرة أثرية في ذمار    الدوري الفرنسي : PSG يتخطى ميتز    غموض يحيط بمصير الرئيس الايراني ومسؤولين اخرين بعد فقدان مروحية كانوا يستقلونها    ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة إلى 35,456 شهيداً و 79,476 مصابا    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة نقدية مقارنة بين مسرحية " الملك هو الملك " ومسرحية " الزعيم"
نشر في أوراق برس يوم 21 - 03 - 2015

إذا تسائلنا لماذا يتوارى الكاتب خلف قناع تاريخي ؟ سنجد بلا ريب أنه يفعل هذا من أجل التعبير عن حادثة أو لطرح وجهة نظر، وعليه فمن حقه أن ينسب إلى هذه الشخصيات التاريخية التي كانت رميماً من الأقوال والأفعال ما لم يسجله التاريخ وما لا يتعارض مع وقائعه المعروفة لكي يبرز معالم تلك الشخصية كما يدركها هو وكما يريد أن ينقلها على المشاهد بتفسير جديد ورؤية متفردة، يلتفت إلى بعض الوقائع دون بعض من ناحية، ويضيف وقائع مبتكرة من ناحية ثانية تؤكد هذا التفسير وتلك الرؤية، ذلك أن الغاية من استحضار التاريخ هو توافقه مع رؤيته الفكرية للنص وتلائمه مع مقتضى الحال، أما تتبع الأحداث وتمحيص جزئيات التاريخ فمن اختصاص المؤرخين لا المبدعين.
واستعارة الهياكل أو استخدام الأقنعة يسوغ للكاتب النفاذ - من خلال التعدد في الأبعاد ما بين الماضي والحاضر والعام والخاص والرمز والمرموز له – إلى رؤية معاصرة، عن طريق الإيحاء بالتماثل بين هذه الظروف، وكل ظروف تشبهها في أي بيئة أخرى، فالآخرون ما هم إلا نحن ولكن في صورٍ مختلفة، وعليه ففهم الحاضر لن يتم إلا من خلال الماضي وتقويم ما يقع اليوم قياساً على ما وقع بالأمس، ونستطيع أن نؤكد هذا بهذه المسرحيتان التي نتناولها في هذه القراءة، إذ أن القضية الإنسانية واحدة في الماضي ك (ألف ليلة وليلة) وفي الحاضر بشكل خاص وامتداد متكيف مع الرؤية المعاصرة في ( الملك هو الملك) وكذلك في شكل فني آخر هو ( الزعيم )، ونجد أن الاستحضار للتاريخ وشخوصه لم يكن لذاتها كما لم يكن شكلياً، فالتاريخ في هذه الأعمال ليس تاريخاً وكفى بل هو الحاضر من خلال الماضي، وهو الماضي مفسراً بمنطق الحاضر، ومن ثمة تكتسب الأحداث والشخصيات في مثل هذا اللون الدرامي معاني رمزية لا يعجز المتلقي عن ربطها بالواقع ومعطياته.
إن تناول مثل هذه الموضوعات التاريخية واستعارتها كأقنعة وكمنافذ للبوح، له تفسيره وتعليله إذ أن هذه الموضوعات والقوالب قد تناولتها أقلام عديدة في ثقافات ولغات مختلفة، فأضحت معروفة عالمياً، وعليه فإن تناولها بتصورات جديدة تعيد صياغة العالم فيها، وتحملها أبعاداً تتوافق وثقافة الكاتب وأمته ما من شأنه تسهيل استيعابها لدى المتلقي وفهمها واستساغتها إلى حد كبير، فتبدو مألوفة كخبز الذرة، فيكون تأثر المتلقي بهذه الصياغة الجديدة مقترناً بألفة القالب، فتترسخ في الذهن فكرتها بما فيها من قضايا تبناها الكاتب مرتبطة بمعتقدات أمته تحمل هويتها الثقافية، ومن دون أن يكون الكاتب تقريرياً فيها، بل يظهر فناناً أنيق الأحرف مجود السبك ذكي المقصد، مستساغ الفكرة ومقبولها، وأيضاً صاحب رسالة عظيمة وهو مانجده في مسرحية " الملك هو الملك " لسعد الله ونوس.
وكان الماضي المستقى من حكايات " ألف ليلة وليلة" في مسرحية " الملك هو الملك" أشبه بقاعدة انطلاق لمعالجة مشكلة من مشكلات العصر الراهنة، فالذي يحدث في الماضي له علاقة وتأثير في الحاضر والمستقبل على أساس أن الماضي هو الأب الشرعي – إن جاز التعبير – للحاضر، وإنسان اليوم بفكرهِ وخبراتهِ، هو ثمرة أفكار وتجارب الإنسان منذ الخليقة.
"الملك هو الملك" مسرحية شهيرة للكاتب والمؤلف السوري سعد الله ونوس 1977 وتعد من أكثر اعماله تكثيفا لآرائه السياسية. تحكي المسرحية قصة ملك ضجر بأبهة الحكم فيقرر أن يتنكر هو ووزيره بحثا عن ترفيه بين العامة فيلتقي بتاجر قد افلس يمضي وقته في الخمرة والهذيان ويحلم بأنه الملك فيقرر الملك أن يلبسه ثيابه ويجعله ملكا ليوم حتى يضحك من هذا المشهد الغريب. ولكن الجميع يتصورون أن التاجر هو الملك حتى الملكة وحراس القصر ويكتشف التاجر مؤامرة لقلب الحكم في ذلك اليوم مما يرسخه أكثر فوق كرسيه ويجد الملك نفسه ضحية اللعبة ترفيهية.
وقد وظف ونوس أفكاراً قديمة مادتها التراث القديم، ضاماً إياها بشكل حكاية شعبية مادتها مستقاة من إحدى حكايات ألف ليلة وليلة وفيها يروي بلباقة فنية كبيرة فكرة سياسية ثابتة هي أن تغيير الأفراد لا يغير الأنظمة، وإنما على الأنظمة أن تتغير من قواعدها، حتى تصح الجسوم، وتلمع الوجوه بالبشر كما كان الناس في سابق الزمان، ويبقى الملك هو الملك مهما كان، والطاغية هو الطاغية، لأن السلطة في تركيبتها الفسيولوجية وجوهرها مفسدة وتماماً مثلما يؤكد سعد الله ونوس في المسرحية : في الأنظمة التنكرية، تلك هي القاعدة الجوهرية، أعطني رداءً و تاجاً، اعطك ملكاً.
في مسرحيه الزعيم، وهى مسرحية كوميدية ألفها للعرض فاروق صبري وأدى دور البطولة عادل أمام واحمد راتب ومصطفى متولى ورجاء الجداوى ومنال سلامة، فجاءت امتداداً لمسرحية ونوس " الملك هو الملك " أي أن مادتها لم تكن مستقاة من "ألف ليلة وليلة " كما فعل ونوس بل أخذت مادتها من الملك هو الملك ثم أضافت لها ما يحتاجه أي عرض ليكون ناجحاً فطورت الحبكة، وكثفت الرموز السياسية وزيد فيها، لكن الجوهر ورغم كل تلك الإضافات يظل جوهر " الملك هو الملك " وكما أراده ونوس وصنعه وحتى البناء لم يناله الكثير من التغيير إلا بما يراعي فارق السنون التي قدمت وكتبت فيها المسرحيتان.
تدور أحداث مسرحية " الزعيم" حول أحد الحكام الديكتاتوريين في إحدى الدول العربية، ويكون من أحد افراد الشعب شخص يشبهه تماما يدعى "زينهم".
يأمر الديكتاتور باعتقاله وقبل تنفيذ ذلك يموت الحاكم فتقوم الحاشية التي بالطبع تستفيد من وجود الحاكم بتقديم "زينهم" على أنه هو الحاكم لكى يضمنوا بقاؤهم في السلطة ولكن زينهم يستغل وجوده وينقلب عليهم تماما مثلما ينقلب البديل للحاكم في مسرحية " الملك هو الملك " لسعد الله ونوس.
وفي سياق الحديث عن الثورة التي دعا إليها سعدالله ونوس في مسرحية الملك هو الملك يؤكد ونوس أنها ليست بتبديل ورق الأشجار في موسم الخريف وبقاء الأغصان كما هي وإنما الثورة الحقيقية هي اقتلاع الأنظمة الحاكمة من جذورها، كما يؤكد أنه يستحيل أن تكتمل الثورة الشعبية إلا بثورة داخلية, ثورة على أفكارنا البالية والمتحجرة و التي هي آثار أفكار الأنظمة الفاشستية فينا.
يجب أن نتعلم أننا لسنا الوحيدين في هذا العالم , هناك المختلف عنا , فلا نتحول إلى طواغيت جديدة تحلم بحرق ووأد و القضاء على من يخالفها , بل يجب أن نتعلم تقبل وجود الآخر على أساس الاحترام المتبادل. بل وأراد أكثر من ذلك توضيح أن كرسي العرش ذو سلطان أكبر من معتليه.. بعد فتره تُنسى سحنة وهيئة المَلِك و يبقى المُلّك حقيقته الوحيدة...
أشار أيضا ونوس لدور المال (متمثل في شهبندر التجار) و الدين(متمثل في الامام) في تقويض الهمم و اضعاف نفوس الشعوب و تنويمها لتقبل الحكم الظالم... وتم الاشتغال على هذه الثيمة في مسرحية الزعيم بصورة مختلفة قليلا، وأيضاً التأكيد على أن الأنظمة القمعية ينتفي معها الولاء للأفكار أو الاشخاص ويبقى الولاء للكرسي لذلك وجب على أي حاكم ظالم أن يتذكر أن الشعوب محكومة بمنطق ""عاش الملك...مات الملك".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.