في سنة 2008 نشرت مجلة «تايم» قائمتها جهاد الخازن السنوية عن أهم مئة شخصية عالمية، وحل المعارض الماليزي أنور ابراهيم في المرتبة التاسعة بين 20 زعيماً وثوروياً، وكتب النبذة عنه الليكودي المتطرف بول وولفوفيتز، أحد مخططي الحرب على العراق، ما ربطته بهجوم مهاتير محمد المستمر على إسرائيل، ورفضه شروط أميركا والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي أيام أزمة «نمور آسيا» ونجاح ماليزيا في الخروج من الأزمة بجهودها الذاتية. عاد إليّ الموضوع الذي لم تجد «تايم» لكتابته سوى بول وولفوفيتز وأنا أقرأ صفحتي الرأي في «وول ستريت جورنال» الأسبوع الماضي، فأنا مشترك عبر الإنترنت في مواضيع الرأي فقط في هذه الجريدة الاقتصادية الأميركية والعالمية، لأن أخبارها صحيحة، ورأيها ليكودي متطرف. هذه المرة قرأت الجريدة نفسها، بطبعتها الأوروبية، وتوقفت أمام أربعة مواضيع شغلت الصفحتين، اثنان منها عن ايران وواحد عن حزب الله وآخر عن الضمانات الصحية الأميركية عنوانه يشير الى «ضمانات أوباما» ما يعني المعارضة، وأتركه للأميركيين الذين يريد بعض الأثرياء منهم، مثل قراء «وول ستريت جورنال»، حرمان 47 مليون اميركي فقير من ضمانات يوفرها بعض دول العالم الثالث. كان هناك مقال عن الإيرانية المهددة بالرجم يستحق النظام كل انتقاد وارد فيه. أما الافتتاحية فكانت سامّة كما توقعتها، وهي بدأت بالحديث عن صعوبات الحكم في إيران، ومشاكل الاقتصاد واستيراد البنزين في بلد نفطي، وأكملت بحزمة العقوبات الرابعة وكيف زادت عليها الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي. غير أن الجريدة وجدت كل ما سبق لا يكفي، وهي اقترحت ان تعاقب الإدارة الأميركية الشركات العالمية التي تتعامل مع إيران، أي ان تفرض أميركا قوانينها على شركات ألمانية وصينية وروسية وتركية. والجريدة في هذا تستعين بدراسة لمؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات، وهذه مؤسسة يمينية تؤيد اسرائيل بنَفَس ليكودي.
وإذا كانت العقوبات الدولية والإضافية ومعاقبة الشركات لا تكفي، فإن الافتتاحية تقترح ان يشجع الرئيس أوباما المعارضة الإيرانية في الخارج وأن يستضيف رموزها في البيت الأبيض. وأختار تعليقاً ثلاث نقاط محددة:
- إيران لا تملك سلاحاً نووياً، وإنما اسرائيل تملك ترسانة نووية وهي دولة فاشستية تحتل وتدمر وتقتل.
- العقوبات المتراكمة تؤذي المواطن الإيراني لا حكومته.
- المعارضة الإيرانية في الخارج لا قيمة لها، ولكن إذا حكمت بمعجزة، فهي ستستمر في البرنامج النووي، فهو يمثل الكبرياء الوطني للإيرانيين كلهم.
المقال عن حزب الله كان أسوأ من كل ما سبق فكاتبه رونين بيرغمان محلل سياسي وعسكري في «يديعوت أخرونوت» أي ان الجريدة الأميركية اختارت عدواً لحزب الله وأعطته نصف صفحة لينشر فيها الإعلام الأسود للاستخبارات الإسرائيلية... يعني مثل كتابة بول وولفوفيتز عن أنور ابراهيم.
مصادر بيرغمان «تعتقد» أن وراء المواجهة بين الجيش اللبناني والجنود الإسرائيليين ضابطاً شيعياً موالياً لحزب الله، و «تعتقد» أن المحكمة الدولية ستدين حزب الله باغتيال الرئيس رفيق الحريري.
ننتظر لنرى ولكن في غضون ذلك هناك الأخطاء التي تبنى عليها «الاعتقادات» الإسرائيلية الخاطئة بدورها.
الكاتب يقول عن الرئيس سعد الحريري «ان سيطرته على الجيش اللبناني، وغالبيته الكبرى شيعية، محدودة خصوصاً في جنوب البلاد».
الرئيس ميشال سليمان زار لندن وهو قائد للجيش قبل قليل من انتخابه رئيساً، وكان لنا عشاء معه بضيافة سفيرة لبنان، أختنا إنعام عسيران. وهو قال رداً على سؤال لي وعلى مسمع من جميع الحضور ان التوازن الطائفي في المناصب العليا في الجيش محفوظ، غير أن نصف الجيش من الرتب الصغرى من السنّة، مع 25 في المئة من المسيحيين و25 في المئة من الشيعة. أعتقد أن قائد الجيش يعرف عن جيشه أكثر من «خبير» إسرائيلي.
الكاتب «الخبير» يكمل معلوماته الخاطئة السابقة بخطأ آخر هو ان الشيعة والسنّة يؤيدون حزب الله، والصحيح هو ان الشيعة يؤيدون حزب الله، يتبعهم نصف المسيحيين ثم قلة من السنّة. وهذا طبعاً لا يناسب إسرائيل التي تفضّل تقسيم لبنان على أساس مسلم/ مسيحي.
أغرب ما في المقال أو أخطر ما فيه قوله ان سورية خرجت من لبنان بعد اغتيال الحريري، إلا أنها لا تزال تلعب دوراً كبيراً فيه عبر عملاء الاستخبارات والرشى الضخمة للسياسيين اللبنانيين.
سورية ترشو السياسيين اللبنانيين بمبالغ ضخمة؟ كدت أضحك لولا خوفي من حرب إسرائيلية، فما نعرف جميعاً هو انه منذ استقلال البلدين قبل حوالى 70 سنة، لم يصل قرش رشوة واحد من سورية الى لبنان، وإن كانت هناك رشى في السنوات الأخيرة، فهي من لبنان الى سورية، إلا أنني لن أعطي كاتباً إسرائيلياً معلومات مجانية. هو جهل إسرائيلي أو تجاهل لا يبشر بخير وإنما يجعلنا نخشى المستقبل.