عيدكم مبارك أولاً، وأعتذر إن كان في حديثي بعض التشاؤم عن حالة الأمة، ثانياً وكأن لسان هذا الحال يردّد مع الشاعر: عيد بأية حال عُدت يا عيد
بما مضى أم بشيء فيك تجديد
على مستوى الوطن العربي فإن رمضان هذا العام مرّ كسحابة صيف بفضائله ومعانيه وقيمه، بينما حال هذه الأمة لا يسرُّ عدوّاً ولا حبيباً، حيث لاتزال تتنازع قبائلها الصراعات، وتشب الحرائق بكل مكان في جغرافيته الواسعة، ودماء أبنائها تمتد من دجلة حتى الفرات، ومن «العاصي» حتى تخوم اليمن، ومن أرض الرطب في قرطاجة حتى سواحل خليجنا المعلّقة في مزارع تسمين العجول قبل ذبحها..!!.
لا أريد أن أكون منجّماً وأنا أتوقّف عند حالة الوطن الذي تتقاذفه أعاصير الأهواء والاختلاف وتتنازع بعض قواه الأطماع في محاولة الاستحواذ على السلطة والقرار، بل أريد أن أكون محقّاً وواقعياً وأنا أشير إلى مكامن الأخطاء والتنويه إلى مخاطرها، وبالتالي الحث على عدم إعادة إنتاج هذه الصراعات، فضلاً عن ضرورة تغليب مصالح الوطن والمواطن، والدعوة إلى الاصطفاف في وجه تحديات الداخل والخارج على حدٍ سواء.
الأُمنية الأزلية بالنسبة لأبناء الأمتين العربية والإسلامية هي دعوة مكرّرة عند كل مناسبة دينية عامرة بالإيمان ومتحرّرة من الأدران كما هي لحظات الفرحة باحتفالات عيد الفطر المبارك التي نعيشها خلال هذه الأيام، هذه الأُمنية نردّدها عند مرور مثل هذه المناسبة وغيرها على أمل أن تنقشع هذه الغيمة الحالكة السواد وأن تُعاد فرحة الأُلفة والالتقاء والسلام كل عام والسعادة تغمر الأرواح بظلال وارفة من إعلاء قيم التسامح والمحبّة والإخاء على ماعداها من نعرات الكراهية والبغضاء.
ولست أريد في مثل هذه المناسبة الدينية غير التأكيد مجدّداً على حقيقة أنه إذا كان قلب الأمة العربية والإسلامية معافى من تلك النعرات والنزاعات الضيّقة وأوهام القوة والاستبداد؛ فإن كيانها سيصلح دون شك، فضلاً عن أهمية التأكيد في هذا السياق على ضرورة العمل بروح رسالة الإسلام السمحاء والنأي بالأمة عن مخاطر الانزلاق إلى مجاهل الصراعات الطائفية والمذهبية والمناطقية.
وأخيراً لا نجد مفرّاً من ترديد قول الشاعر: عيد بأية حال عدت يا عيد