كتب "مهدي المشاط" وهو سكرتير أعمال رجل الدين الشيعي في اليمن عبدالملك الحوثي على صفحته في "فيس بوك" متهكماً وساخراً (ليتكم شاهدتم أعضاء حكومتكم "الساقطة" وهم يستجدون ويتوسلون إلى مندوبي "أنصار الله" الذين رفضوا أي تسوية لم تحقق مطالب الشعب الثائر والذي نحن جزء منه)!!. - في هذه اللغة الاستعلائية جانب من الحقيقة لم تظهره وسائل إعلام الحكومة يتعلق بمهانة المفاوضات التي يقودها وفد الرئيس اليمني "هادي" إلى زعيم الحوثيين لغرض التهدئة وفك حصار أنصاره المسلحين على العاصمة "صنعاء" الذي دخل أسبوعه الثاني. - الغريب في كتابة "المشاط" وهو للمعرفة أحد قيادات "أنصار الله" المقربين ومسؤول عن مفاوضات إجلاء "السلفيين" من قرية "دماج" بصعدة قبل عام، أنه تعمد إهانة الوفد الحكومي بوصفهم ب"الساقطة" وإظهارهم كالمتوسلين!، وهي عبارات لم تلق أي استهجان من قبل الناطق الرسمي للوفد "عبدالملك المخلافي"؟!. - لا أنكر أن "الحوثي" سبّب لنظام المحاصصة والدول الراعية جنوناً واضطراباً لم يعرفوا حتى الآن طريقاً للخروج منه، "هادي" و"بنعمر" فقدا زمام المبادرة، حتى مجلس التعاون الخليجي فقد البوصلة التي تحركت عقاربها نحو الغضب القادم من الشمال اليمني، ما اضطرهم لتوسيط "سلطان عُمان" لحث "إيران" على التدخل لإرغام "الحوثي" على انتهاج سياسة سلمية لا يستفز فيها الدولة ويعمق إهانتها أمام الشعب. - جاء الرد الإيراني إيجابياً إلا أنه اشترط طلب اليمن ذلك مباشرة بواسطة زيارة رسمية ومعلنة يقوم بها وزير الخارجية اليمني إلى طهران يتم فيها بحث كافة المشاكل والملفات العالقة بين البلدين. - في مجاراة ذلك يحاول الإعلام الرسمي والخليجي الظهور بثقة، لكن الحقيقة أن هناك مفاوضات مهينة فعلاً للحكومة تتم في صعدة بطلب من الدول العشر الراعية للمبادرة الخلبجية.. ورغم تنازلات الوفد الحكومي إلا أن "الحوثي" مازال متمسكاً بإجراءات تستهدف إضعاف الإخوان والرئيس هادي أهمها: تشكيل حكومة كفاءات بعيدا عن مقتضيات المبادرة الخليجية وإلغاء الزيادة السعرية في مشتقات الوقود. وأخيراً إعادة النظر في مخرجات الحوار التي انفرد بها "هادي" ولم تحظ بالتوافق الحقيقي في بعض مفاصلها الرئيسة مثل خارطة الأقاليم ومواد العزل السياسي. - إقليمياً صار حضور "إيران" قوياً في "اليمن" وذلك ما تبتسم له "الدوحة" بهدوء، فكل حلفاء السعودية التاريخيين يفقدون تأثيرهم وتفقد المملكة معهم قبضتها العميقة في مسار السياسة والقرار اليمني. - "بنعمر" يخسر أيضاً باستمرار "حصار صنعاء" المفاجئ مع ازدياد حجم الدهشة الأممية للواقع اليمني الجديد واكتشافهم مدى التضليل الذي مارسه عليهم مبعوثهم إلى اليمن وهو يضع نفسه عراب "التسوية السياسية" الهشة!. - محلياً.. تخرج حشود كثيفة في محافظات مثل "ذمار" و"تعز" و"إب" منددة بالملكية الحوثية التي باتت تطرق أبواب صنعاء فعلياً، في مقابل هذه الحشود يغزو "الحوثي" شوارع العاصمة بآلاف المناصرين وهم يتوسعون في خيام الاعتصام، وبين أولئك وهؤلاء تتطلع آمال اليمنيين وحلفائهم إلى بشرى السلام المأمولة من "رُسل" هادي إلى "سيد صعدة" رغم عبارات الاستفزاز الحمقاء المتناثرة من أفواه بعض مقربيه. ولو أن "هادي" أوقف أطماع "تمديده" لما تجرأ أحد للحديث عن "الانتفاضة"، وكل ما آمله أن تتلاشى عصبوية المليشيا بوصول الدستور إلى الأمان خلال الأشهر القادمة لاستعادة وجود الدولة التي ماتت بين ثنايا "الانتقال" وصراع التمدد والاستحواذ. .. وإلى لقاء يتجدد