في تسارع خطير للأحداث، وجدت العاصمة صنعاء، نفسها تحت حصار فعلي للحوثيين، الذين أمرهم زعيمهم عبدالملك الحوثي بالتوجه إلى العاصمة تصعيدًا لثورة جديدة. واصل الآلاف من أنصار الحوثيين، اليوم الأربعاء، الاحتشاد عند مداخل صنعاء للمطالبة بإسقاط الحكومة. وخرجت عصر اليوم مسيرات حوثية جابت عددا من شوارع صنعاء ضمن التصعيد الذي دعا إليه زعيم الجماعة المسلحة. وردد المشاركون هتافات تطالب بإسقاط حكومة الوفاق الوطني وإلغاء الجرعة. * مخيمات مسلحة وفي السياق قال أبو علي الأسدي المتحدث باسم المخيم الاحتجاجي للحوثيين: «نحن معتصمون سلميا حتى اسقاط الحكومة، والبديل تشكيل حكومة كفاءات. نحن ملتزمون بالتحرك السلمي، لكن اذا تعرض المعتصمون لاعتداء ستقطع يد المعتدي». وأضاف: «ننتظر من الرئيس اليمني هادي ان يُغلب العقل، فإسقاط الحكومة مطلب شعبي، ونحن ضد الفاسدين في اي جهة كانوا». ونصب الحوثيون مخيمات في الصباحة غرب أمانة العاصمة صنعاء، واستحدثوا نقاط مسلحة في المدخل الغربي للعاصمة. ويقع مخيم اعتصام الحوثيين في الصباحة على بعد كيلومتر ونصف الكيلومتر فقط عن معسكر لقوات الامن الخاصة، فيما لم تفرض السلطات أي تدابير أمنية استثنائية في المنطقة. وفي منطقة حزيز جنوبصنعاء، أقام المحتجون الذين بينهم مئات المسلحين سواتر ترابية وخنادق كما أقاموا نقاط تفتيش. وأكد شهود عيان أن المحتجين المناصرين للحوثيين أقاموا مخيما كبيرا في منطقة بيت نعم بين صنعاء والمحويت في الشمال. وتضم تجمعات المحتشدين أعدادا كبيرة من أبناء القبائل الحليفة للحوثيين والتي قاتلت إلى جانبهم ضد آل خلال الأشهر الأخيرة خصوصا في محافظة عمران. وقال محمد البخيتي عضو المكتب السياسي لجماعة الحوثي إن العديد من القبائل توافدت إلى صنعاء، ونصبت الخيام في ساحة التغيير في صنعاء، للمطالبة بإسقاط الحكومة ورفض رفع الدعم عن المشتقات النفطية. كما اعتبر عضو المجلس السياسي للجماعة علي العماد المسيرات والاعتصامات التي بدأت على مداخل صنعاء بمثابة "إنذار أخير" قبل انتهاء مهلة الجمعة لتحقيق مطالبهم. وعززت تحركات الحوثيين المخاوف من سعيهم إلى توسيع رقعة نفوذهم إلى صنعاء بعدما نجحوا في السيطرة على مناطق شمالية عدة، وفي تحقيق تقدم على حساب آل الأحمر زعماء قبائل حاشد، وعلى التجمع اليمني للإصلاح، وهو حزب إسلامي سني مقرب من الإخوان المسلمين. * مبادرة اللحظة الأخيرة وفي ظل التوتر المتزايد، ترأس الرئيس هادي اجتماعا وطنيا واسع النطاق ضم قيادات الدولة وأعضاء مجلس النواب والشورى وزعماء الاحزاب وأعضاء الحوار الوطني ومنظمات المجتمع المدني والعلماء وقادة الجيش. وقال فارس السقاف لوكالة «فرانس برس» إن الاجتماع أصدر بيانا تضمن «مبادرة اللحظة الأخيرة» إزاء الحوثيين، إذ تم تشكيل وفد سيزور زعيم الحوثيين في معقله بصعدة شمال اليمن الخميس وينقل له رسالة. وأضاف إن المجتمعين أكدوا على أن «الأساليب التي يعتمدها الحوثيون غير مقبولة، فالحوثي كان مشاركا في الحوار وعليه الالتزام به». وبحسب السقاف، فإن الرسالة تدعو الحوثيين «للحوار والتعقل والمشاركة في حكومة وحدة وطنية بموجب قرارات الحوار الوطني"، كما "تؤكد استحالة التراجع عن الجرعة السعرية (رفع اسعار المحروقات) لأن الدولة ستنهار في هذه الحالة». وذكر أن الرئيس والمشاركين في الاجتماع اكدوا «استحالة القيام باي خطوة قبل يوم الجمعة، فأي خطوة لتعديل الحكومة تتطلب وقتا أكثر». واعتبر أن الحوثي «يستثمر معاناة الناس، وأن الكرة الآن في معلب الحوثي والتصعيد أو عدمه مرتبط بكيف سيكون رد الحوثي على المبادرة». وخلص إلى القول إن ما وصل إليه الاجتماع «انذار وإبراء ذمة»، مؤكدا أن الدولة لن تفرط في رعاية المواطنين. * الرئيس يخير الحوثيين وفي الاجتماع خيّر الرئيس هادي زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي بين المشاركة في حكومة وحدة وطنية أو مواجهة الدولة. وأكد أنه حال لم يستجب الحوثيون لمطالب الإجماع الوطني فإنه سيضطر لاستخدام كافة الوسائل والأساليب المناسبة لحماية الأمن والقانون. وكانت اللجنة الأمنية العليا في اليمن قد حذرت الحوثيين من التمادي في تطويق العاصمة صنعاء بمسلحي الحركة من مختلف الجهات. وأفصح مصدر بوزارة الدفاع عن خطة عسكرية أعدتها الوزارة لمواجهة مخاطر الحوثيين، فيما بدأ اللواء الرابع وقوات من ألوية الحماية الرئاسية وقوات الاحتياط تدريبات ميدانية وأعلنت عن رفع جاهزيتها القتالية تحسبا لأي تطورات، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي». وتحدث بيان صادر عن اللجنة الأمنية عن تجمعات كثيفة للمسلحين الحوثيين على مقربة من مطار صنعاء الدولي والمطار العسكري المجاور وحشود مسلحة أخرى في المداخل الغربية والجنوبية والشمالية لصنعاء ونصب نقاط تفتيش ومخيمات في تلك المناطق. * الحوثي يرفض التفاوض إلى ذلك قال ضيف الله الشامي عضو المكتب السياسي للحوثيين ، إن عبد المالك الحوثي رفض مخرجات اجتماع الرئيس هادي مع القوى السياسية والاجتماعية وأعضاء حكومة الوفاق صباح اليوم، والتي بحثت الأزمة اليمنية وحصار مليشيات الحوثيين للعاصمة صنعاء. وأكد الشامي- حسب ما أفادت تقارير إعلامية يمنية اليوم الأربعاء- رفض الحوثي لاقتراحات الرئيس لحل النزاع جملة وتفصيلًا وأنه اعتذر عن مقابلة اللجنة التي شكلت من أجل التفاوض معه. * هادي يستنفر القبائل واستنفر الرئيس هادي قادة القبائل في صنعاء ومحيطها في اجتماع له معهم، وتوجّه إليهم فيه بالقول إنهم: «يمثلون الطوق الأمني للعاصمة صنعاء عاصمة دولة الوحدة اليمنية»، في إشارة إلى دور مرتقب للقبائل بالدفاع عن العاصمة في حال تعرّضها لهجوم. وأعاد هادي إلى أذهان قادة القبائل، مذكرًا إياهم بدورهم في «إفشال حصار الملكيين لصنعاء في أواخر الستينيات». وفيما اعتبرت رسالة إلى الحوثيين المتهمين بالسعي إلى إعادة الحكم الملكي، الذي كان قائمًا في شمال اليمن حتى ثورة 26 سبتمبر (أيلول) 1962، أكد هادي أن الثوابت الوطنية، وفي مقدمتها النظام الجمهوري، خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها.