حشد الحوثيون أنصارهم عند مداخل العاصمة صنعاء في تصعيد لحركتهم الاحتجاجية من خلال سلسلة مظاهرات مطالبة بإسقاط الحكومة قبل يوم الجمعة، ما يعزز المخاوف من اندلاع مواجهات في العاصمة. وذكرت مصادر محلية لوكالة الأنباء الألمانية «د.ب.أ» أن العديد من أفراد القبائل توافدوا اليوم الثلاثاء إلى العاصمة صنعاء تلبية لدعوة أطلقها زعيم جماعة الحوثي بالتوجه إلى العاصمة تصعيدا ل «ثورة جديدة». وقال محمد البخيتي عضو المكتب السياسي للحوثيين ل «د.ب.أ» إن العديد من القبائل توافدت إلى صنعاء ونصبت الخيام في ساحة التغيير بصنعاء للمطالبة بإسقاط الحكومة ورفض رفع الدعم عن المشتقات النفطية. وتعليقا على المسيرات والاحتجاجات التي يقوم بها الحوثيون، قال علي القحوم -من المكتب الإعلامي للحوثيين- لوكالة الأنباء الألمانية إن هذه المسيرة تعبر عن مطالب الشعب اليمني، موضحا أن اليمن لم يعد يتحمل بقاء الحكومة الحالية كونها جرت البلاد إلى الهاوية. * مخيمات حوثية مسلحة وقالت وكالة فرانس برس إن الحوثيين نصبوا خمس مخيمات كبيرة تضم عشرات الخيام عند المدخل الغربي لصنعاء وهم يستعدون لنصب خيام في شمال وجنوب العاصمة، وشوهد مئات المسلحين في المخيمات، بعضهم مراهقون. وأفادت مصادر من المعتصمين للوكالة بأن خمسة آلاف شخص اتوا من صعدة، معقل الحوثيين في أقصى شمال اليمن. وقال أحد المسلحين لوكالة «فرانس برس»: «لن نتراجع وأتينا ليتم اقتلاع هذه الحكومة الفاسدة، وعلى الرئيس عبدربه منصور هادي أن يسمع لصوت الشعب والا فنحن جاهزون لاقتلاع هذه الحكومة الفاسدة التي جوعت الشعب بقوة السلاح». واستحدث الحوثيون نقاط تفتيش على طرق رئيسية مؤدية إلى العاصمة صنعاء، من بينها نقطة تفتيش على الطريق بين صنعاء ومدينة الحديدة الساحلية في منطقة الصُّباحة، بالقرب من معسكر للجيش. وشوهد العشرات من أنصار الحوثيين في مخيمات الاعتصام وهم يحملون أسلحة، بينما تجوب دوريات من الحوثيين تحمل مسلحين محيط المناطق التي تقع فيها الاعتصامات. من جهتها، عززت قوات الامن الخاصة تدابيرها الأمنية في مناطق قريبة من مخيمات الحوثيين. وقال عبد الغني تاج الدين، وهو قائد نقطة أمنية قريبة من نقطة تجمع الحوثيين عند المدخل الغربي للمدينة، :«نحن الان مكلفون بحماية المدخل الغربي للعاصمة وبمنع دخول اي جماعات مسلحة الى داخل صنعاء». وأضاف: «إن شاء الله سنتصدى لأي جماعة مسلحة تريد العبث بأمن واستقرار البلاد». * خارطة حصار صنعاء في الغضون نشر الصحفي يحيى الثلايا في صفحته على موقع فيس بوك ما أسماها ب «خارطة حصار صنعاء»، مؤكداً بدء الحوثيون تنفيذ الخطوات الفعلية لمحاصرة صنعاء وإسقاطها بعد اكتمال الخطة. وأوضح أن الحوثيين بدأوا، أمس، بتطويق العاصمة من نواحي عدة، ففي غرب صنعاء نصبت مجاميع مسلحة حوثية نقاطها في منطقة الصباحة وهي طريق توصل العاصمة بالحديدة أهم منافذ الحركة التجارية، وتطل المنطقة على منزل الرئيس هادي. وفي المدخل الجنوبي للعاصمة، يقول الثلايا إن مجاميع مسلحة بدأت تتواجد بمنطقة حزيز لتتحكم في أهم منفذ يوصل بين صنعاء والمحافظات الرئيسية تعزعدنإبذمار وغيرها. ومن اتجاه الشرق ستتولى المجاميع التحكم بطريق العاصمة المؤدي إلى مأرب وحضرموت مصادر النفط والغاز التي تزود العاصمة وسيكون تواجدها في مناطق من بني حشيش وصرف ونهم، فيما تتجمع مجاميع مسلحة في مداخل خولان وربما سنحان جنوب شرق العاصمة، بحسب الصحفي الثلايا. ولفت إلى أن المدخل الشمالي للعاصمة من جهة الأزرقين وضلاع همدان سيكون خط إمداد بشري وعسكري كونه يعد آمنا ويوصل العاصمة بصعدة وعمران، وستكون عمران محطة ومعسكر للانتقال نحو العاصمة. وأضاف: «يتبقى المنفذ الجوي الوحيد للعاصمة "مطار صنعاء الدولي" سيكون من السهل استهدافه عبر التشكيلات المسلحة للحوثيين التي تتواجد في حي الجراف وغيره من أحياء العاصمة وضواحيها»، مردفاً: «يبدو المشهد كأنه نفس الحصار الذي واجهته العاصمة صنعاء في عام 1970 والشهير بحصار السبعين يوما». * خنادق حوثية وكان شهود عيان أفادوا ل «الخبر» بأن مسلحي الحوثي بدأوا، مساء أمس، بحفر خنادق بالقرب من معسكر الصباحة بمنطقة عصر وذلك في مكان ليس ببعيد عن منزل الرئيس هادي. وأكد الشهود أن المسلحين يحفرون الخنادق بمعدات كبيرة «شيولات ، وحفارات» أمام الناس ويرفعون شعاراتهم في أماكن الحفر. وفي ذات السياق قالت مصادر عسكرية ل «الخبر» إن وزارة الدفاع تكفلت بالتموينات الغذائية لمسلحي الحوثي الذين يقومون منذ أمس بحفر الخنادق في منطقة الصباحة غرب العاصمة صنعاء. وأوضحت أن الحزام الأمني للعاصمة سمح بدخول 150 طقما حوثياً إلى أمانة العاصمة صنعاء، في ظل الاستعدادات التي تقوم بها جماعة الحوثي لإسقاط الحكومة، ومحاولة السيطرة على صنعاء. وشهدت أمانة العاصمة صنعاء منذ صباح اليوم انتشار كثيفا لأطقم الحوثي المسلحة في الشوارع. وذكر شهود عيان ل «الخبر» أن أطقم حوثية تجوب شوارع صنعاء منذ صباح اليوم، وعلى متنها مسلحين حوثيين معظمهم من صغار السن. * تحذيرات رئاسية وإزاء احتدام التوتر في العاصمة صنعاء، عقد رئيس الجمهورية اجتماعا ضم كبار المسؤولين في الدولة، وقد شدد المجتمعون على إدانة التصرفات الخارجة عن النظام والقانون والمتمردة على مخرجات الحوار الوطني الشامل من قبل جماعة الحوثي. وتوعد الرئيس هادي في الاجتماع، ب«إجراءات حازمة وقانونية» تجاه من يعبث بالأمن والاستقرار في البلاد، محذراً الحوثيين مما أسماه «الطيشان الغير مسؤول»، ومؤكدا أن الدولة ستقوم بواجباتها بصورة كاملة إزاء أي إخلال بالأمن. ودعا الرئيس والمشاركون في الاجتماع بحسب وكالة الأنباء اليمنية الرسمية إلى الإدانة الواضحة والصريحة لهذه التصرفات التي اعتبروها "غير مقبولة لا وطنيا ولا سياسيا"، كما دعوا جميع الاطراف الى "الاستشعار بالمسؤولية الوطنية تجاه هذا الطيشان الغير مسؤول". من جهته، قال محمد الصبري القيادي في تجمع أحزاب اللقاء: «نحن لن نرضخ ولن نسلم للأمر الواقع الذي يريد جماعة الحوثي فرضه بقوة السلاح». وأضاف: «إذا سولت لهم انفسهم الدخول وفرض الامر الواقع على صنعاء بقوة السلاح فان هذا سيكون انتحار». * العشر تحذر وفي رسالة نشرت على صفحة السفارة الاميركية في اليمن على موقع فيسبوك، حذر سفراء الدول العشر الراعية لعملية الانتقال السياسي في اليمن، زعيم التمرد عبد الملك الحوثي من إثارة العنف. وقال سفراء الدول الخمس الاعضاء في مجلس الأمن ودول مجلس التعاون الخليجي في رسالة للحوثيين: «ندعوكم لاحترام القانون وحفظ النظام ولن يقبل أي أفعال تهدف إلى التحريض على أو إثارة الاضطرابات والعنف، وسوف يتم إدانتها بشدة من قبل المجتمع الدولي». وطلب السفراء من الحوثي «العمل بروح طيبة مع الحكومة على التنفيذ السريع لمخرجات الحوار الوطني» الذي شارك في الحوثيون. * درس تكتيكي لقوات الاحتياط إلى ذلك نفذ اليوم في قيادة اللواء الرابع مدرع احتياط وزارة الدفاع الدرس التكتيكي لرفع درجة الاستعداد القتالي وتنفيذ الحركة الفورية لمنتسبي اللواء والذي يهدف إلى صقل مهارات منتسبي اللواء والارتقاء بمستوى قدراتهم العسكرية والقتالية واكسباهم المزيد من العلوم والخبرات العسكرية التكتيكية لتحقيق التنفيذ الخلاق والأمثل لمختلف المهام المسندة اليهم. وأكد قائد قوات الاحتياط اللواء الركن علي بن علي الجائفي على أهمية استمرار ومضاعفة جهود التدريب والتأهيل وتنفيذ كافة الخطط والبرامج المحددة لكل عام تدريبي.. مشيراً إلى أن تنفيذ مثل هذه الدروس التكتيكية تعد من أولوية البرامج التدريبية وخاصة في ألوية قوات الاحتياط. وألقيت كلمة باسم منتسبي اللواء أكدوا فيها على استعدادهم الدائم والكامل لإنجاز واجباتهم المقدسة وتنفيذ كل ما توجههم به القيادة السياسية والعسكرية العليا ممثلة بالمشير عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة وبما من شانه حماية سيادة الوطن وحفظ امنه واستقراره وصون مقدرات أبناء الشعب والذود عن الثورة والنظام الجمهوري الخالد في وجه كل من يسعى إلى إعادة أوهام الماضي المقبور للائمة والمستعمرين.. كما قدم منتسبو اللواء مهارات استعراضية للانتشار على العربات والمدرعات جسدوا خلالها ما يتمتعون به من قدرات وخبرات عالية واحتراف قتالي كبير. * تأويلات واحتمالات ولم تتضح بعد ردة الفعل الرسمية على تحرك الحوثيين، الذي ينظر إليه كثير من اليمنيين على أنه محاولة للسيطرة على العاصمة والسطو على الحكم، كما أن المبعوث الأممي، جمال بن عمر، الموجود حالياً في صنعاء، لم ينبس ببنت شفة، وهو ما يزيد من قلق الشارع اليمني وتوجسه من تداعيات الوضع. وتتعدد التأويلات المفسرة للتصعيد الحوثي، وموقف هادي منه، بين من يرى أن الرئيس يستخدم تحرك الحوثيين من أجل الضغط ل «تغيير الحكومة»، وتعيين حكومة يشارك فيها الحوثيون كتجاوب، يتوقف عنده التصعيد، وبين رأي آخر يرى أن هادي، هو هدف محتمل لهذا التحرك، لكنه لا يستشعر خطورته، بينما يذهب الرأي الثالث إلى أن الرئيس وفريقه، بدأوا عملياً تسليم صنعاء للحوثيين، تمهيداً لانتقالهم إلى عدن أو إلى الخارج، وهو التفسير الأكثر رعباً وقتامة. ولا يعني صمت الوسائل الرسمية، أن ثمة لا مبالاة من قبل هادي، إذ كشف مسؤول عسكري ل «العربي الجديد»، أن الرئيس وجه، أمس الاثنين، قيادات في الجيش وأخرى في الأمن، بالاستعداد لمواجهة الحوثيين، إذا ما صعدوا احتجاجاتهم داخل العاصمة وفي المداخل. ووصف المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، هذه التوجيهات بأنها لا ترقى إلى حجم التهديد للعاصمة ومؤسسات الدولة فيها، والذي يتطلب «استنفاراً شاملاً للدولة وأجهزتها العسكرية والأمنية والإعلامية". ولم يستبعد أن تؤدي التحركات المتسارعة والاعتصامات المسلحة قرب مواقع عسكرية إلى "انفجار المواجهات في أية لحظة». ويمتلك الحوثيون، بوصفهم امتداداً لتيار "الإمامة" في اليمن، خبرة طويلة في الوصول إلى السلطة أسقطوا خلالها صنعاء مرات عديدة من ذات المداخل، التي يتموضعون فيها اليوم، على أن معطيات سياسية وشعبية، لا تجعل من السهل عليهم السيطرة على العاصمة، غير أنها في وضعها الحالي، لا تضع هذا "الحلم الحوثي" في خانة المُحال.