مما لاشك فيه أن الارتفاعات الأخيرة التى شهدتها أسعار المواد الغذائية مازالت تمثل العائق الأكبر أمام جهود تقليص أعداد الجياع في العالم، في ضوء ذلك من المتوقع أن تتبنى القمة العربية الاقتصادية والاجتماعية والتنموية الثانية التي تستضيفها شرم الشيخ بعد غد يوم 19 يناير/كانون الثاني من الشهر الجاري هدف خفض الفقر في العالم العربي بنسبة 50% بحلول عام 2015. واجتمع المندوبين الدائمين في الجامعة العربية وكبار المسئولين في المجلس الاقتصادي والاجتماعي لمناقشة جدول أعمال الاجتماع المشترك الذي يتضمن ثلاثة بنود أساسية يتعلق أولها بمشاريع القرارات الخاصة بتقرير الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى حول متابعة تنفيذ نتائج وقرارات القمة العربية الاقتصادية والاجتماعية والقرارات الاقتصادية والاجتماعية الصادرة عن القمم العربية في دوراتها العادية في الفترة من 2001 إلى 2010. وفيما يتعلق بالبند الثاني للاجتماع المشترك فتناول اقتراح تعديل مسمى القمة الاقتصادية ليصبح "القمة العربية التنموية: الاقتصادية والاجتماعية"، أما البند الثالث بموعد الدورة الثالثة للقمة ومكانها. وقال هشام يوسف، مدير مكتب الأمين العام للجامعة العربية لصحيفة "الحياة" إن هناك مقترحات محددة ستُطرح على القادة العرب في ما يخص مشاريع الربط البحري وربط شبكات الإنترنت العربية، مشيراً إلى أن القمة ستناقش ما آلت إليه أهداف الألفية "وسنتبنى هدف خفض الفقر في العالم العربي بنسبة 50% بحلول عام 2015". ولفت يوسف إلى أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس طلب إضافة بند لدعم صمود القدس من خلال إقامة مشاريع في القدس الشرقية وهو ما حصل. وفقاً لمسودة حصلت "الحياة" على نسخة منها عن أهم ما جاء في مشاريع القرارات المعروضة على المجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي يجتمع اليوم على المستوى الوزاري:
- مشروع قرار حول تقرير الأمين العام في شأن متابعة تنفيذ نتائج وقرارات القمة العربية الاقتصادية والاجتماعية والقرارات الاقتصادية والاجتماعية الصادرة عن القمم العربية في دوراتها العادية في الفترة من 2001 إلى 2010.
- مبادرة أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح في شأن تأمين الموارد المالية اللازمة لدعم مشاريع القطاع الخاص الصغيرة والمتوسطة في العالم العربي، بما في ذلك دعوة الدول التي أعلنت عن مساهماتها إلى الإسراع في إيداعها وفق ما ورد في اللائحة التنظيمية الخاصة بالمبادرة لدى الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي ودعوة الدول العربية التي لم تساهم بعد إلى المبادرة بالمساهمة. - مشروع الربط الكهربائي العربي، مع التشديد على ضرورة الإسراع لتهيئة الشبكات الكهربائية الداخلية وتقويتها للتوائم مع متطلبات الربط الكهربائي العربي الشامل ودعوة مؤسسات التمويل العربية والإقليمية والدولية والقطاع الخاص إلى المساهمة في تهيئة الشبكات الكهربائية الداخلية وتقويتها خصوصاً في الدول العربية الأقل نمواً واستكمال الدراسة المتعلقة بالربط الكهربائي العربي الشامل.
- البرنامج الطارئ للأمن الغذائي العربي، ويشمل البند تكليف المنظمة العربية للتنمية والزراعة بتكثيف جهودها بالتنسيق مع الجهات المعنية لتأمين الموارد المالية لتنفيذ المرحلة الأولى من الخطة التنفيذية للبرنامج الطارئ للأمن الغذائي العربي 2011 - 2016 من خلال الترويج للبرنامج لدى المؤسسات المالية وصناديق التمويل العربية والإقليمية والدولية وإيلاء أهمية بالغة لجذب القطاع الخاص للاستثمار بها.
- الاتحاد الجمركي العربي، بما في ذلك استكمال العمل الجاري لتوحيد جدول التعرفة الجمركية للدول العربية قبل نهاية عام 2012 تمهيداً للدخول في التفاوض على فئات التعرفة الجمركية والانتهاء منها ضمن الوقت المحدد للإعلان عن الاتحاد الجمركي العربي في 2015. - الأمن المائي العربي، ويشمل دعوة المجلس الوزاري العربي للمياه إلى استكمال استراتيجية الأمن المائي العربي وعرضها على المجلس الاقتصادي والاجتماعي ودعوة المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة إلى عقد لقاءات مع مؤسسات التمويل العربية لبحث سبل مساهمة هذه الصناديق في مشروع الإدارة المتكاملة للموارد المائية. - دور القطاع الخاص في دعم العمل العربي المشترك، ويشمل دعوة القطاع الخاص إلى المساهمة في تمويل مشاريع التنمية في الدول العربية وتكليف الأمانة العامة بالتنسيق مع مؤسسات العمل العربي المشترك بعقد اجتماعات قطاعية مع القطاع الخاص للترويج والمشاركة في تمويل المشاريع في الدول العربية. وعن القمة الثالثة، وافق الاجتماع المشترك للمندوبين الدائمين في الجامعة العربية وكبار المسئولين في المجلس الاقتصادي والاجتماعي، الذي عُقد أمس في شرم الشيخ في إطار التحضير للقمة، على طلب السعودية لاستضافة القمة الثالثة في مدينة الرياض عام 2013. وعلى صعيد متصل، توقعت دراسة صادرة عن الجمعية العربية للبحوث الاقتصادية ارتفاع الفجوة الغذائية العربية إلي 44 مليار دولار عام 2020 ، بعد أن سجلت 27 مليارا في عام 2010، حيث تمثلت فجوة الغذاء في عدم قدرة الإنتاج في البلاد العربية علي مواكبة الطلب المحلي ، ومن ثم فإن الاكتفاء الذاتي العربي يقدر في الوقت الحاضر بنحو 50% من مجموع الاحتياجات الفعلية. وانتقدت الدراسة أيضاً ضعف الاستثمارات في الأراضي الزراعية وفي العنصر البشري الزراعي ، وذكرت أن الارتفاعات الإضافية في أسعار الحبوب أضافت بُعداً جديداً لأزمة الفجوة الغذائية العربية ، حيث تزايدت قيمة الواردات بنسبة أكبر من نمو الاحتياجات الكمية مما أدي لحدوث عجز كبير في الموازين التجارية للسلع الغذائية ، وبخاصة الحبوب ، ثم أخذ هذا العجز في التفاقم لتصل كمية الواردات من الحبوب لنحو 60 مليون طن ، كما أصبحت الأسواق العربية من أكبر الأسواق استيرادا للحبوب علي المستوي العالمي ، وانعكس ذلك علي مستوي الفقر في البلاد العربية التي تأثرت بموجبها شرائح عديدة من الطبقات الفقيرة وذات الدخل المحدود.
وأكدت الدراسة أن أزمة الفجوة الغذائية العربية الحالية ليست قاصرة علي السلع الغذائية التي في طليعتها الحبوب والمحاصيل الحقلية ، وإنما تمتد أيضا إلي أزمة المياه التي تتعدد استخداماتها في المجال الاستهلاكي المنزلي وفي المجالات الإنتاجية والصناعية والخدمية الزراعية. ومن جانبه، دعا فان شنجين، مدير عام المعهد الدولي لأبحاث السياسات الغذائية في الولاياتالمتحدة، دول الخليج إلى إنشاء مخزون استراتيجي موحد من الطعام والمواد الغذائية بدلاً من إنشاء كل دولة مخزونها الخاص، محذراً من أن أسعار الغذاء عالمياً معرضة لقفزة جديدة في العام الجاري 2011، كما حدث في عام 2008 عندما تضاعفت أسعار الحبوب الغذائية في الأسواق العالمية. وقال شنجين إن أسعار الغذاء، خاصة الحبوب، شهدت ارتفاعات كبيرة خلال الستة أشهر الماضية، حيث ارتفع سعر القمح بمعدل 60% والذرة بنسبة 50%، وأن هذه الارتفاعات تأتي بسبب تراجع إنتاج الحبوب على مستوى العالم والسياسات الحمائية التي اتخذتها بعض الدول المنتجة للغذاء مثل قرار روسيا أوكرانيا وقف تصدير القمح مما أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار القمح، مشيراً إلى أن الارتفاعات الحالية في أسعار الغذاء على مستوى العالم أثارت قلق الدول المستوردة للغذاء وهو ما دفعها إلى شراء كميات كبيرة من المواد الغذائية من الأسواق العالمية بأي سعر لتأمين الغذاء لسكانها. ورأى شنجين بأن دول الخليج والدول المستوردة للغذاء ساهمت في صعود أسعار الغذاء خلال 2007-2008 وبالتالي عليها أن تتعامل مع الوضع الحالي في الأسواق العالمية بهدوء لوقف الارتفاعات الكبيرة في الأسعار. وتوقعت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "فاو" أن تصل فاتورة استيراد الغذاء عالمياً خلال عام 2010 إلى نحو تريليون دولار متأثرة بالارتفاع الحاد في أسعار السلع الغذائية مقارنة بالأرقام المسجلة في العام الماضي. وأوضحت "فاو" في تقرير أنها تتوقع تراجع أرصدةُ الحبوب الرئيسية بِحدّة، مطالبة دول العالم بزيادة الإنتاج بهدف إعادة تكوين المخزونات، حيث تتجه أرصدة الحبوب العالمية إلى الانكماش بحدود 7%، مع هبوط أرصدة الشعير بنسبة 35%، والذرة الصفراء 12%، والقمح 10%. وأكدت "فاو" أنه لا يُرجَّح زيادةُ أي احتياطيات غذائية سوى لأرصدة الأرز، بحدود ستّة بالمائة.