كالعادة أثناء زيارتي لعدن للأقارب وجدت قبل أيام الحاجة عائشة في مكتبة بيع الصحف وتصوير المستندات بكريتر تقوم بتصوير وثائقها وبصائرها وضننت أنها تلك الخاصة بمطالبتها الطويلة باستعادة منزلها المؤمم منذ عقود في عدن وكانت الفرحة والبهجة تغمران وجهها البشوش ويزيدانه بشاشة ونوراً.. كانت طائرة من الفرح وبرفقتها ابنها الوحيد محمد وكعادتنا نحن اليمنيين سرعان ما نشاطر الأحباء والأصحاب أحزانهم ونشاركهم أفراحهم وسألتها للتو بصوتً خافت حتى لا أفسد فرحتها... أيش بايعودوا لكم المنزل يا حاجه.. فردت بغضب لا... لا .. من أجل نستعيده.. نحن بحاجة لمسئولين في عدن أمثال أحمد ألميسري... وفهمت فيما بعد من حديثها أن فرحتها وابتهاجها هي لاستعادة قطعة أرض في مدينة النخيل بمنطقة العلم محافظة أبين، كانت قد باعت حلَّيها ومجوهراتها لشرائها في عام 2006م إلا أن المشروع أوقف وفقدت الأمل في الحصول عليها، ومؤخراً استلمت موقع الأرضية والعقد بعد اهتمام مباشر بقضية مدينة النخيل من محافظ أبين ألميسري... الفرصة التي غمرت الحاجة عائشة وأبنها العاطل عن العمل الممزوجة بكلمات الثناء والوصف والإشادة بالميسري وتردد بأنه محافظ عصي أمام حيتان الفساد التي تحاول عرقلة خطاها للنهوض بالتنمية واجتثاث بؤر الفساد ... الخ. تلك الكلمات تركت أثر كبيراً في نفسي وستظل تدق على مسامعي لأنها أعادت إلى وجهها الابتسامة المفقودة منذ زمن – ابتسامة الفقراء ولأنها صدرت منها بصورة عفوية على عكس ما تعودنا على سماعه من مديح وثناء مصطنع من بعض المواطنين الذي لا يفارقون مجالس المسئولين. فهذه الحادثة ليس الوحيدة للميسري أو لغيره.. ولكنها بمثابة ظاهرة موجودة وقد يكون أحد أسباب غيابها إعلامياً لأننا لا نعطيها حقها من الاهتمام كظاهرة تهم المجتمع وإبرازها كنموذج حي لما هو إيجابي حتى لا نتيح الفرصة لما هو سلبي يطغى على تناولانا لبعض الأمور لذا ينبغي أن نظهر هذه الجوانب الإيجابية في أعمال المسئولين ونشيد بالقرارات و الأعمال الصائبة وننتقد في الوقت نفسه الأخطاء والسلبيات أن وجدت بإنصاف وحيادية مهنية ليستفيدوا من الأخطاء للعمل على تصحيحها وأن نعمم الصواب ليستفيد منه الآخرون. وإذا نظرنا بصدق وبتجرد فأننا نتفق مع ما قالته الحاجة عائشة أطال الله عمرها ليس في حل قضية أراضي مدينة النخيل ولكن في قضايا أخرى أكثر أهمية ومرتبطة بحياة المواطن وبالتنمية في أبين صحيح أن البعض ينظر بسلبية إلى الجانب الأمني ويتخذ منه الشماعة لإخفاء الجوانب الإيجابية الأخرى... وهذا الأمر لا يجب أن نحمله مسؤولية قيادة المحافظة وحدها لأن الأمن مسؤولية الجميع ولأن الإرهاب مشكلة كبيرة يعاني منها اليمن والعالم أجمع فالإرهاب ليس له وطن وأصبح آفة العصر وقضية أكبر من محافظة أو صلاحيات محافظ ولا يتسع المجال هنا لشرحها، لكن لا ينبغي علينا بسببها إغفال اهتماماتنا عن الجوانب الإيجابية الأخرى التي نلمسها في أبين فإذا نظرنا للوضع خلال العامين الماضيين سيتضح لنا أن الفرق شاسع في مكافحة الفساد حيث انخفضت قضايا المال العام مقارنة بالأعوام السابقة... وتم معالجة أنقطا عات الكهرباء والمياه في عاصمة المحافظة زنجبار وجعار وشهد القطاع الصحي (مستشفى الرازي) تحسناً ملحوظاً في خدماته بعد تولي الدكتور خالد الجرادي صاحب الخبرة الطويلة والنظرة المهنية المتميزة في تطوير الخدمات الصحية الذي لا تزال بصماته شاهدة في مستشفى الجمهورية إلى اليوم... وكذا تنفيذ أكبر مشروع رياضي في أبين إستاد الوحدة الرياضي الدولي، وتسهيل عمل الاستثمار وتشجيعه وافتتاح مصنع الوحدة (باتيس) للأسمنت وإعادة تأهيل مساحة الشهداء التي أهملت ودمرت طوال المراحل السابقة وحصول المحافظة على قرض لتمويل دعم فرص التنمية الريفية بابين بمبلغ12.5 مليون دولار من قبل البنك الإسلامي للتنمية. كما أن أبرز نجاحاته تلاشي ظاهرة الاحتجاجات الحقوقية من معلمين وغيرهم ومعالجة مشكلاتهم وكان أخرها التوجيه بصرف راتب شهر مارس 2010م لموظفي التربية والصحة بلودر الذي نهب من قبل عصابة تقطع... لا نقول أن كل شيء في أبين عال العال ولكن يجب أن لا نغفل اهتماماتنا عن بعض النجاحات التي تعد مؤشر إيجابي لعمل جيد وجهد يستحق الثناء قام به المسئولون في أبين وفي مقدمتهم المحافظ م/أحمد الميسري، الذي لا يزال بحاجة إلى التعاون من قبل المسئولين في المحافظة لتنفيذ برامجه الهادفة لخلق التنمية المنشودة في أبين كلاً في موقعه وبما يمليه عليه ضميره وواجبه الوطني والابتعاد عن العمل الفردي والالتفاف حوله لاستئصال سرطان الفساد الذي ينخر في أجهزة المحافظة وترك الرجل العصي يعمل ويقاوم بصمت وحتما سينتصر طالما أفعاله ترسم الابتسامة على شفاه الفقراء والمقهورين أمثال الحاجة عائشة.