بعد يومين من خطاب الرئيس السوري بشار الأسد الذي وعد فيه بتنفيذ مجموعة من الاصلاحات السياسية ، أشار وزير الخارجية وليد المعلم الأربعاء إلى انزعاجه من ردود الأفعال التى صدرت عن مسئولين أوروبيين معروفين حيال خطاب الأسد. وأكد المعلم ، في مؤتمر صحفي عقده اليوم، على أن المسئولين الأوروبيين لم يسمعوا خطاب الرئيس الأسد واطلقوا تصريحاتهم مباشرة عقب انتهاء اجتماع وزراء الخارجية بالاتحاد الأوروبى فى لوكسمبورج وحللوا مضامينه أيضا ، مما يدلل على وجود مخطط يريدون السير فيه لزرع الفوضى والفتن فى سوريا. واستغرب وزير الخارجية التصريحات الأوروبية التى حللت خطاب الأسد بأنه غير كافى وجاء متأخرا، مؤكدا دعوة الرئيس السورى لجميع فئات الشعب للمشاركة فى مؤتمر الحوار الوطنى. وأضاف وليد المعلم أنه خلال ثلاث ساعات من وضع مشروع قانون التعددية الحزبية على موقع مجلس الوزراء، دخل على الموقع آلاف السوريين، مشيرا إلى عدد القوانين التى يتم مناقشتها ما بين قانون الانتخابات البرلمانية، والإدارة المحلية، والإعلام. ودعا المعلم الأوروبيين إلى الكف عن التدخل فى الشأن الداخلى لبلاده عبر إثارة الفوضى والفتن لأنهم ليسوا من" العائلة السورية"، مؤكدا قدرة الشعب السورى على صنع مستقبله بعيدا عنهم عبر القواسم المشتركة فيما بينهم إيا كانت الخلافات فى وجهات النظر.
واعتبر المعلم ما جاء فى خطاب الرئيس السورى من تعديل للدستور ومناقشة مشاريع القوانين الخاصة بالأحزاب، والانتخابات، والإعلام، ديمقراطية حقيقية ب "امتياز" بما يتوافق مع المصلحة الوطنية، داعيا الأصدقاء الذين أداروا ظهورهم للقيادة السورية بمراجعة أنفسهم.
وفى سؤال له عن دور الضغوط الخارجية على خطاب الرئيس الأسد، أوضح الوزير السورى أن الخارج لا علاقة له بجدية الإصلاحات من عدمها، مشيرا إلى الضغوط الهائلة التى تعرضت لها سوريا منذ 2003 بعد الغزو الأمريكي للعراق والعقوبات التى فرضت عليها من قبل الاتحاد الأوروبى وأمريكا.
وأكمل أن لا يوجد مسئول أوروبي واحد زار سوريا لبحث الأوضاع مع قيادتها، واكتفي الأوروبيون بفرض العقوبات واستهداف لقمة عيش المواطن، مما دفع القيادة السورية لاعتبار أوروبا غير موجودة على الخارطة إضافة إلى تجميد عضوية دمشق فى الاتحاد من أجل المتوسط.
وطلب وزير الخارجية السوري من تركيا إعادة النظر في ردها على الكلمة التي ألقاها الرئيس بشار الأسد. وكان الرئيس التركي عبد الله جول قد قال إن خطاب الأسد "لا يكفي".
وقال المعلم إن بلاده تريد أفضل العلاقات مع تركيا، مضيفا إنه واثق من أنه لن يكون هناك تدخل عسكري أجنبي في بلاده وأنه لن تفرض منطقة حظر طيران بها.
ومن جانب آخر، أكد وزير الخارجية السوري أن إيران وحزب الله لا يقدمان أي دعم عسكري لبلاده في هذه المرحلة.
وقال : "أنفي نفيا قاطعا وجود أي تدخل إيراني أو من حزب الله فيما يجري على الأرض السورية.. هناك دعم سياسي لسوريا من أجل تجاوز الأزمة وهناك دعم للإصلاحات لكن لا يوجد أي دعم عسكري على الأرض".
وأكد أنه "لن يكون هناك حظر جوي على سورية أو تدخل عسكري.. لأن سورية ليس فيها ما يغري"، واتهم الدول المشاركة في عمليات حلف شمال الأطسلي "الناتو" المشاركة في عمليات في ليبيا بأنها "ستعوض ما أنفقته في لبيبا من خلال النفط"، مستشهدا على ذلك بأن "الكونجرس يطالب العراق الآن بدفع نفقات الاجتياح".
وفيما يتعلق باللاجئين في تركيا من بلدة جسر الشغور الحدودية، أكد أن "الهلال الأحمر السوري مستعد للمهمة الإنسانية لإعادة اللاجئين من جسر الشغور إلى منازلهم آمنين ونحن نضمن حسن معيشتهم".
وفسر عدم تعويل بلاده على الدول العربية بالقول: "لكل قطر عربي أوضاعه الداخلية بسبب (رياح التغيير) ولا أريد أن أقول كم الاتصالات التي جرت معنا للتعبير عن مساندة القادة العرب لنا.
وطالب السوريين الراغبين فى التغيير بالمشاركة فى الحوار الوطنى لاختبار مدى جدية القيادة السورية فى تنفيذ الإصلاحات، معتبرا رفض البعض للمشاركة في المؤتمر مفضلين التظاهر بأنه أمر غير مجدي. في غضون ذلك ، زار السفير الأمريكي في دمشق روبرت فورد مدينة جسر الشغور في إطار زيارة نظمتها السلطات السورية .
فقد أعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الثلاثاء فيكتوريا نولاند إن السفير فورد توجه الاثنين مع سفراء آخرين إلى مدينة جسر الشغور.
وقالت إن أحد عناصر الاستخبارات العسكرية السورية نظم لهم الجولة، مشيرة إلى أن السفير والدبلوماسيين الآخرين "تمكنوا من أن يروا بأنفسهم آثار وحشية الحكومة السورية". وقالت نولاند لقد "شاهدوا مدينة مهجورة وخسائر كبيرة".وأشارت إلى أن فورد "سوف يقدم تحليلا لما سمعه من المسؤولين السوريين ثم سيواصل إبلاغ ليس فقط الحكومة السورية ولكن أيضا المعارضة بضرورة وضع حد للعمليات الوحشية".
وذكرت نولاند بأن هناك أماكن أخرى على طول الحدود مع تركيا يود مسؤولون أميركيون زيارتها.
وقالت "نحن قلقون خصوصا للمعلومات التي أفادت بأن الحكومة السورية في صدد تطويق الحدود لمنع عبور اللاجئين والمساعدات الإنسانية"، مضيفة أن "هذا الأمر من شأنه أن يزيد من الأعمال الوحشية التي أصبحت معروفة".
وقد استمر عبور آلاف النازحين من سوريا إلى داخل الحدود التركية، حيث يعيشون أوضاعا صعبة.
وقال الفارون إن الجيش يشد قبضته على بداما وبلدة الريحان والمنطقة المحيطة والتي كانت ممرا للاجئين والغذاء والإمدادات الطبية.
وقالت وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إن بين 500 إلى 1000 شخص يعبر يوميا الحدود إلى داخل تركيا منذ السابع من حزيران، وأنه تمّ إيجاد مأوى لأكثر من 10 آلاف لاجئ سوري إلى تركيا.
وزار مستشار الرئيس التركي لشؤون الشرق الأوسط أرشاد هرمزلو بعض مخيمات اللاجئين.
وقال للفارين إن الأمر يعود لهم إذا أرادوا العودة إلى سوريا الآن. وأضاف أنهم ليسوا لاجئين بل هم ضيوفٌ لدى تركيا. وحث هرموزلو القيادة السورية للبدء بإجراء إصلاحات سياسية.
وقال "إن الحكومة والدولة التركية قالتا أيضا إن الإصلاحات ضرورية جدا ويجب على القادة أن يكونوا أكثر شجاعة للقيام بهذه الإصلاحات حتى قبل أن تطلب الأمة أو الشعب منهم ذلك".
مقتل متظاهرين
وكان الرئيس السوري قد أعلن الاثنين أنه سيقوم بإصلاحات، ودعا الناس إلى العودة إلى ديارهم. لكن ردة الفعل العفوية كانت أن قامت عدة تظاهرات تطالب بالحرية وبالكرامة وبتغيير النظام.
هذا وقد أطلقت قوات الأمن النار الثلاثاء لتفريق متظاهرين في عدة مناطق سورية، ما أدى إلى مقتل سبعة أشخاص. وأفاد ناشطون سوريون بأن قوات الأمن فتحت النار لتفريق تظاهرات مناهضة للنظام في حمص ما أدى إلى مقتل شخصين، إضافة إلى سقوط قتيلين في منطقة دير الزور شرق البلاد.
هذا ووصلت أصداء الأعيرة النارية إلى المناطق التركية المجاورة للحدود بين البلدين. وقالت منظمات حقوق الإنسان إنه تم الإفراج عن مئات المعتقلين لكن قمع المحتجين استمر.
من ناحية أخرى، قال ناشطون سوريون إن قوات الأمن اقتحمت السكن الجامعي في دمشق وأقدمت على اعتقال العشرات.
الى ذلك ، ذكر معارض سوري اليوم أن تمردا وقع داخل سجن الحسكة المركزي شمال شرق سوريا، احتج فيه السجناء على قرار العفو الرئاسي الذي صدر أمس ولم يشملهم.
وقال المعارض، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه: "حدث بعد ظهر أمس الثلاثاء تمرد داخل سجن الحسكة المركزي بعد صدور قرار العفو الرئاسي، "موضحا أن هذا التمرد "جاء احتجاجا على العفو الرئاسي الصادر الذي لم يشمل سوى اثني عشر سجينا من أصل أكثر من ألفين من نزلاء سجن الحسكة".
ونقل المعارض عن أحد السجناء المفرج عنهم، "أن السجناء كانوا قد قرروا مسبقا التمرد إذا لم يشملهم العفو"، لافتا إلى أنهم "كانوا بانتظاره"، وقال شهود عيان، إن "عملية أمنية كاملة شاركت فيها قوات الشرطة وحفظ النظام وعناصر من قوات الأمن تواصلت حتى ساعات متأخرة من الليل"، وأشاروا إلى أن "منطقة غويران التي يقع فيها السجن مطوقة".
وأضاف الشهود، "أن قوات الأمن التي اقتحمت السجن بدأت بإطلاق النار بشكل مكثف، كما أشار إلى توزع قناصة على الأبنية المجاورة للسجن"، وأضاف السجين المفرج عنه، والذي فضل عدم الكشف عن اسمه، "أن السجناء احتجزوا ضابطا وعددا من عناصر الشرطة كرهائن، مقابل تلبية طلباتهم وشمولهم بالعفو"، بحسب المعارض.
كما أكد السجين المفرج عنه أن "السجناء أحرقوا أحد المهاجع الرئيسية، وكسروا عددا من الأبواب وجدارا يطل على الباحة الرئيسية" . وكان الرئيس السوري قد أصدر، أمس الثلاثاء، عفوا عاما عن الجرائم المرتكبة قبل تاريخ 20 يونيو الجاري، كما ذكرت وكالة الأنباء السورية "سانا" التي لم تقدم مزيدا من الإيضاحات، وهو العفو الثاني الذي يصدره الرئيس السوري منذ بدء الاحتجاجات، بعد العفو العام الذي أصدره في 31 مايو على كل المعتقلين السياسيين بمن فيهم الإخوان المسلمون.
ومن جانبها، اعترفت بثينة شعبان المستشارة الاعلامية للرئيس بشار بان سوريا تواجه مشكلة ومحنة والمطلوب اليوم هو العمل للخروج من منها والانتقال الى مشاركة سياسية حقيقية ونظام ديموقراطي.
وقالت شعبان في حديث لل "بي بي سي" ان ما شهدناه خلال الازمة التي تشهدها سوريا الان هو خطر كبير بالانزلاق الى حروب مذهبية وحروب طائفية ووجود ارهابيين ومجموعات مسلحة.
الاجراءات الإصلاحية
في إطار ردود الفعل الدولية،حث الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الذي فاز بتجديد ولايته بالجمعية العامة، والرئيس السوري بشار الأسد على تنفيذ الإجراءات الإصلاحية التي وعد بها في خطابه الأخير من دون تأخير، ودعاه إلى السماح بدخول بعثات لتقصي الحقائق وفرق إنسانية إلى سوريا.
وقال الناطق باسم كي مون، مارتن نيسيركي، في مقر المنظمة بنيويورك، إن "بان أحيط علماً بالإصلاحات التي تعهد بها الأسد الإثنين في خطابه".
وأضاف "حث بان الرئيس السوري على تنفيذ هذه الإجراءات من دون تأخير بطريقة حقيقية وصادقة. يجب أن تكون هذه الإجراءات جزءاً من عملية واسعة وشاملة من التغيير والدمقرطة".
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة أصدرت قراراً بإعادة تعيين بان كي مون أمينا عاماً للأمم المتحدة لفترة ثانية تبدأ من الأول من يناير/ كانون الثاني وحتى 31 ديسمبر/ كانون الأول من عام 2016.
ودعا في حديث إلى هيئة الاذاعة البريطانية "بي بي سي" الرئيس السوري إلى السماح بدخول بعثات لتقصي الحقائق وفرق مساعدات انسانية إلى سوريا. وأعرب عن قلقه البالغ إزاء "انتهاكات حقوق الانسان التي ترتكب في سوريا". ونفى الأمين العام ما تردد بأن "الانقسامات بين الدول الاعضاء في مجلس الأمن حول العمليات العسكرية في ليبيا تعرقل اتخاذ قرار بشأن سوريا"، مضيفاً أن "الأمر يعود بشكل رئيسي الى الحكومة السورية في اتخاذ ما وصفها "إجراءات جريئة وحاسمة". من ناحيته، دعا رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين الثلاثاء إلى ممارسة ضغوط دولية على القيادة السورية لوقف حملتها ضد الاحتجاجات المناهضة للحكومة، ولكنه قال إن التدخل الدولي على غرار النموذج العراقي سيزيد الأمور تعقيدا. يذكر أن روسيا تقاوم مشروع قرار يدعمه الغرب يدين الحكومة السورية. وكان الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف قد أعلن الاثنين أن بلاده لا تزال تعارض بشدة هذا القرار. وفي سياق متصل، قال دبلوماسي أوروبي إن الاتحاد الأوروبي قرر أن تشمل العقوبات المفروضة على سوريا أربع مؤسسات لها صلات بالجيش السوري.
وأضاف الدبلوماسي أن بريطانيا وفرنسا بصدد تقديم لائحة جديدة تضم أكثر من 22 مؤسسة وأشخاصا إلى لائحة العقوبات التي تستهدف النظام السوري.
وتضم القائمة البريطانية إيرانيين اثنين على الأقل لمساهمتهما في تمويل معدات تستخدم في قمع المواطنين المعارضين للنظام السوري.