• اليمن ينتخب عبدربه منصور رئيسا. في 22 فبراير أو بعده بساعات قليلة, عشرات الفضائيات ومئات الصحف وآلاف المواقع والمنتديات عبر العالم سوف تتداول هذا العنوان, وهو العنوان نفسه الذي يصح استخدامه اليوم, قبل أو بعد 21 فبراير الأمر سيان, "التوافق" اقتضى, وغير اليمنيين قضى, والانتخابات تصدِّق ذلك أو تصدقه! • عبدربه منصور نجح في أن يكون عنصر وفاق وطني-إقليمي-دولي, بل ونجح أكثر, في أن يحوز من البداية ثقة الرئيس علي عبدالله صالح لينقل له سلطاته أولا, فالسلطة ثانياً, مثلما نجح في أن يكون الرئيس غير المنصب من وقت مبكر, والمرشح الفائز من قبل الاقتراع, والمنافس الذي لا ينافسه أحد! • ومن حق النائب هادي علينا في هذه اللحظات المشحونة بالتحشيد وبمهادنة أو مداهنة الرئيس الجديد أن نصدقه القول ولما تغرب بعد آخر أيام وساعات المرحلة الانتقالية الأولى التي أدارها (النائب بسلطات الرئيس). فالنجاح سالف الإشارة له وجه آخر يفيد بأن هادي تأخر في الذهاب إلى النجاح الذي كان متاحاً على مدى الأيام التسعين –إلا قليلا- منذ توقيع المبادرة الخليجية وآليتها.. كيف؟ • كان المتوقع من النائب أن لا يرضى بأقل من نجاح كامل في اجتياز امتحان الانتقالية الأولى, طالما وقد ضمن مسبقاً نجاحاً يكفل له الانتقال إلى الثانية, رئيسا لا نائب له! لأن نتائج عمله وقراراته خلال الأشهر الثلاثة الأولى كانت لتكون الأهم في رصيده الشعبي والجماهيري على الإطلاق وتملأ فراغات الاقتراع الانتخابي للمرشح الوحيد سالف الفوز بأمر الوفاق السياسي. لكن النائب هادي فرَّط.. أو أنه زهد لسبب أو لآخر.. بنجاح مطلوب بكثرة على محك تجربة وضعته الأقدار في سدتها, حرم نفسه –أو حُرم- من امتياز إزاحة وإزالة المتاريس والحواجز والسواتر.. هنا وهناك, وفي إعادة لُحمة العاصمة, وفي إزالة أسباب التوتر ومظاهر الصراع والنزاع. الانقسام العسكري جاثم على صدر العاصمة والبلاد بأسرها, والأصابع على الزناد. الخدمات الأساسية لم تشهد تحسناً يذكر. والميليشيات الحزبية لم تبرح الساحات وعواصم المحافظات. والحصيلة هي أن أهم البنود على جدول أعمال الانتقالية الأولى بقيت معطلة, باستثناء أن الرئيس صالح وقع ونقل.. وغادر, وأن رئيسا جديدا نُصِّب أو سُينصّب رسميا عما قريب! سيقال أو هو ما يقال هنا: الإطاحة بصالح, في (انقلاب توافقي) تمت, لا غير!! • هل كان الحزم أم العزم أو كلاهما يعوزان النائب بسلطات الرئيس لفرض اشتراطات وأعمال المرحلة الانتقالية الأولى؟! ومن يقنع اليمنيين الآن بأن أمراء الحرب (والهدنة مدفوعة الثمن) لن يمضغوا يمن ما بعد 21 فبراير؟! سؤال يستوطن الأنفس وينهب العقول ومن الخديعة ألا يقال ويُطرح بهذه البساطة والصراحة (والفجاجة إن شئتم)! • أريد للنائب هادي أن يصل ويدخل الانتخابات.. هكذا, دون رصيد نجاح مرحلي مهم, يمنح النجاح المقدر سلفا في 21 فبراير صيتاً معنوياً يعوض عن استفهامات تعشش حول صيغة انتخابات منزوعة الخيارات التنافسية ولو في حدودها الشكلانية؟! ثم زهد النائب في أن يتحدث الى اليمنيين ويخاطب الجماهير, مكرساً الانطباع حول اعتماديته المطلقة والنهائية على دعم الدبلوماسية والأحزاب.. وهكذا سقط شرط البرنامج الانتخابي من حملة المرشح الرئاسي التوافقي(!) • أخشى أن النائب –الرئيس أو المرشح الرئاسي لا يسمع كثيرا أو قليلا من هذه القراءات والمقاربات ممن حوله ويليه, وأخشى أكثر أن أحزاب وأطراف الوفاق (المشدود عن آخره من طرفيه) تتعمد أن لا تُسمع.. أو تسمح بوصول أشياء مزعجة الى النائب المشترك بين المؤتمر والمشترك(..) وما أرجوه –بلسان اليمن واليمنيين- هو أن لا نفقد عبدربه منصور حيث نريد, حتى لا يفقدنا حيث يريد.. والله يفعل ما يريد, [email protected]