ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن مسؤولون من الولاياتالمتحدة واليمن اتفقوا على إعادة العمل ببرنامج التدريب العسكري المثير للجدل لمساعدة الرئيس اليمني الجديد على مكافحة مقاتلي تنظيم القاعدة. إطار تعزيز العلاقات التي تربط الدولتين في إطار جهود مكافحة الإرهاب. وقالت الصحيفة أن الرئيس عبد ربه منصور هادي توجه بالعلن إلى واشنطن من خلال محاولاته من الحصول على اليد الطولى على الجماعات الارهابية وتعهده بمحاربة تنظيم القاعدة في اليمن، وأن سياسته هذه قد تكون عقبة رئيسية في الإخلال بالتوازن الدقيق للقوى السياسية في البلاد وتعقيد المهمة الحساسة المتمثلة في إعادة هيكلة الجيش. وأشارت الصحيفة أن العشرات من قوات العمليات الخاصة الأميركية في اليمن سوف تستأنف تدريباتها لمكافحة الإرهاب بعد فترة من الإنقطاع في العام الماضي وسط موجة من الاعتداءات الجديدة من قبل الفرع اليمني للقاعدة والجماعات الجهادية المرتبطة بها.في الأسبوع الماضي، هاجم متشددون اسلاميون قافلة أميركية في مدينة عدنالجنوبية، ونفذوا سلسلة من الهجمات التي قتل فيها نحو 200 جندي، مما أثار أزمة شديدة بالنسبة للرئيس الجديد عبد ربه منصور هادي الذي تولى رسمياً منصب رئيس الدولة في شهر شباط (فبراير) من رئيس المخلوع علي عبد الله صالح. وكانت مسألة إعادة هيكلة الجيش من إحدى مبادئ اتفاقية تقاسم السلطة التي أطاحت بصالح العام الماضي، وينظر إليها على أنها تهدف إلى إزالة المزيد من السلطات من أيدي أقارب الرجل القوي السابق ومن حلفائه السياسيين الذين يسيطرون على وحدات النخب العسكرية في البلاد. وهذا الإصلاح المتمثل في إعادة هيكلة الجيش يوجه صفعة إلى الاستغناء عن وحدات مكافحة الإرهاب والوحدات الاستخباراتية التي لا تزال تحت قيادة نجل صالح الأكبر وأبناء أخيه. . وتعتبر واشنطن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، واحدة من أكبر الأخطار التي تهدد الولاياتالمتحدة. وقال مسؤول اميركي ان تنظيم القاعدة في جزيرة العرب يملك الطموحات والقدرة على مهاجمة الغرب وتأمين وجود قوي على النطاق المحلي. وأصبح صالح القائد العربي الرابع الذي فقد سلطته من جراء الاحتجاجات التي يطلق عليها بالربيع العربي. وخلافا لما حدث في دول الشرق الأوسط الأخرى، رعت كلاً من الولاياتالمتحدة والمجتمع الدولي اتفاقية نقل السلطة التي أعطت صالح بموجبها حصانة من الأعمال التي ارتكبها خلال ال 33 عاما التي قضاها في السلطة وتشكيل حكومة ائتلافية انتقالية من النخب السياسية في البلاد. وتكثفت الجهود الدبلوماسية بسبب المخاوف من استغلال تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الفوضى السياسية لترسيخ موطئ قدم لها في البلاد. منذ توليه منصبه، أكد الرئيس اليمني وحكومته مراراً وتكراراً وجود التزام قوي لمحاربة تنظيم القاعدة وتعزيز عمليات مكافحة الإرهاب الاميركية، ما كسب استحسان كبار المسؤولين الاميركيين، بما في ذلك نائب مستشار الأمن القومي جون برينان الذي وضع السياسة الأميركية لمكافحة الإرهاب مع الرئيس المخلوع وأفراد أسرته، وكان يشعر بالقلق من أن التعاون قد يتوقف برحيله. وبدلاً من ذلك، قال مسؤولون يمنيون أن هذه العلاقات الثنائية بين البلدين تكثفت بالفعل في نوفمبر عند التوقيع على اتفاقية تقاسم السلطة بوقت طويل قبل تنصيب هادي رئيسا للبلاد يوم 26 فبراير. كان العديد من المدربين العسكريين الاميركيين والبريطانيين يعملون في اليمن خلال عهد الرئيس السابق علي عبد الله صالح، لكنهم علقوا مهامهم منذ شهر أيار (مايو) الماضي بسبب الحملة الشعبية المناهضة للنظام والمطالبة بتنحي صالح عن منصبه كرئيس للبلاد. في هذا السياق، نقلت صحيفة ال "وول ستريت جورنال" عن الكولونيل جيم غريغوري، المتحدث باسم البنتاغون قوله ان "الجيش الاميركي قرر تعليق أنشطة التدريب في اليمن العام الماضي بسبب عدم الاستقرار السياسي. ومع ذلك، نظراً لاحتياجات اليمن الحرجة، فاننا ننظر في إمكانية استئناف مساعداتنا العسكرية لمساعدة اليمن على مواجهة التهديد المشترك الذي يمثله تنظيم القاعدة". على الرغم من عدم استقرار الحكومة اليمنية في العام 2011، واصلت بعض برامج مكافحة التجسس عملها. فوكالة الاستخبارات المركزية افتتحت برنامجها الجديد للطائرات بدون طيار بضربة في وقت متأخر من أيلول (سبتمبر) استهدفت ناشطاً بارزاً من تنظيم القاعدة في اليمن، أنور العولقي. وواصلت الوكالة المضي قدماً في هذا البرنامج، الذي يشمل مراقبة ومكافحة الإرهاب وجمع المعلومات الاستخبارية، بالإضافة إلى ضربات قاتلة. مع استلامه منصبه رسمياً، أكد الرئيس هادي عزمه خوض المعركة ضد تنظيم القاعدة، فيما أعرب مساعدوه عن رغبتهم بتعزيز التعاون العسكري مع الولاياتالمتحدة بمستوى يفوق التعاون الذي ساد خلال عهد صالح. ونقلت الصحيفة عن مسؤول يمني قوله "منذ تشرين الثاني (نوفمبر)، كانت هناك الكثير من النقاشات بين اليمنيين والمسؤولين الاميركيين حول الخطوط العريضة للعلاقة الأمنية الجديدة بين الدولتين". وزار رئيس أركان الجيش اليمني، الجنرال أحمد علي الأشول، واشنطن مرتين منذ أواخر الخريف للتحدث مع نظيره في هذا السياق، ومن المقرر أن يزور وفد من الحكومة اليمنية واشنطن هذا الشهر لمواصلة المحادثات. لكن ال"وول ستريت جورنال" أشارت إلى إحدى النقاط الشائكة في خطة التدريب، وهي أن يبقى مستمراً بين الولاياتالمتحدة وأقارب الرئيس علي عبد الله صالح الذين ما زالوا يتمتعون بنفوذ بسبب بقائهم في موقع القيادة على رأس قوات النخبة. ولطالما كانت المساعدات العسكرية الأميركية لقوات الأمن اليمنية مثاراً للجدل منذ وقت طويل. وينظر معظم اليمنيين إلى هذا الدعم على أنه بمثابة دعم غربي شخصي لصالح وعائلته، وليس حرباً على الإرهاب. وقال مسؤولون اميركيون علانية أنهم يرغبون في مساعدة قوات الأمن اليمنية لتصبح محترفة، لكن حماسهم لم يصل إلى حد المطالبة بالة أقارب صالح من وظائفهم. وقال برينان أمام الصحفيين خلال زيارة قام بها إلى اليمن في شباط (فبراير) الماضي ان الولاياتالمتحدة ملتزمة بمساعدة وتجهيز "القوات اليمنية التي تعمل على عمليات مكافحة الارهاب فقط". في الأسابيع الأخيرة، تجاهل الرئيس هادي مطالب الضباط الذين احتجوا في العاصمة للمطالبة بإقالة قائد القوات الجوية محمد صالح الاحمر، الاخ غير الشقيق للرئيس السابق علي عبدالله صالح. وأشارت الصحيفة إلى أن الرئيس اليمني الجديد لم يحدد حتى اليوم الإطار الزمني لاستبدال أي من أفراد أسرة الرئيس المخلوع بقادة من خارج العائلة، أو على الأقل ما إذا كان يفكر بهذا الإحتمال. واعتبرت الصحيفة أن هذه المواقف أدت إلى تأجيج مشاعر المعارضين للحكومة والجماعات الطلابية، الذين يعتبرون ان واشنطن تهتم بمكافحة الإرهاب أكثر مما تهتم بنشر الديمقراطية. في الوقت ذاته، تستغل القاعدة في جزيرة العرب هذا الغموض وتستخدمه كأداة دعائية قوية. فخلال الاسبوعين منذ تنصيب الرئيس هادي، نفذت القاعدة ومجموعة جهادية أخرى تسمى "جماعة أنصار الشريعة" عدة هجمات بارزة في جميع أنحاء جنوب اليمن. بعد ان استهدفت واحدة من هذه الهجمات الحرس الجمهوري، وهي قوة الضربة السريعة التي يرأسها الابن الأكبر لصالح، أعلنت القاعدة في جزيرة العرب عن أن الهجوم كان يستهدف السفير الأميركي في اليمن و"أنصار أميركا". ويوم الخميس الماضي، فتح مسلحون من جماعة أنصار الشريعة النار على قافلة أميركية في مدينة عدنالجنوبية. وقال مسؤولون يمنيون وامريكيون انه من غير المعروف من كان في السيارة، لكن الرصاص لم يخترق السيارة المصفحة. لكن الجماعة المسلحة، في رسالة نصية أُرسلت الى الصحافيين، ادعت ان الهجوم استهدف مسؤولاً من مكتب التحقيقات الفدرالي.