كل شبان الثورة الذين هرولوا يوم 11 فبراير من العام 2011 إلى شارع التحرير في تعز، وبدأوا اعتصاما مفتوحا لإسقاط النظام، يعرفون القصة جيدا. كانوا فتية لا يحملون الأحقاد والضغائن لأحد، ولا ينتمون لأي كيان غير اليمن، وخرجوا إلى شوارع المدينة بدافع ضيق المعيشة حاملين معهم حلما بسيطا: عدالة، ودولة مدنية، وشعار " لا حزبية ولا أحزاب". لم يكونوا من وراء ذلك - الشعار- يهدفون لإقصاء أحد، أو التقليل من شأن أحد، وإنما كانوا يعبرون - وبصدق - عن فقدان ثقة الشارع بالساسة . وبعد ثلاثة أسابيع – فقط- من ذلك الاحتشاد الطهور تسللت الأحزاب العجوزة إلى الساحة، ومن حينها بدأت التفاهات والأحقاد. ولاقى أولئك الشباب الكثير من الأذية والإجحاف وتم وصفهم حينذاك ب"أمن قومي، وعفاشيين، وبلاطجة وكثير من هذا الهدار" . وفيما كان شباب اليمن أيامها وكل شرائحه المختلفة في ساحة الحرية يطالبون بإسقاط النظام، خاضت تلك الأحزاب العجوزة حربا لئيمة لِإسقاط شعار "لا حزبية ولا أحزاب.. ثورتنا ثورة شباب". حتى أسقطوه، واسقطوا حامليه ولم يسقطوا النظام لأنهم كانوا – في الأساس- جزءا منه. كل الذين عاشوا ذلك المشهد - وأغلبهم لا يزالون أحياء طبعا- يتذكرون ذلك جيدا، اليوم يعاود 11 فبراير المسروق طلته علينا وهو مسروق للمرة الثانية، وهذه المرة الذي سرقه لم يكن غريبا علينا، بل هم جماعة كانت بالأمس تهتف معنا في الساحات باسم العدالة والحرية والمساواة وباسم الدولة المدنية الحديثة، لكنهم، كما غيرهم، طلعوا مقلب ولم يسرقوا 11 فبراير فحسب، بل سرقوا معه الدولة بأكملها .والمغالط ربي يدخله النار.