لماذا انضم وفد رفيع المستوى من قوات القدس، برئاسة إسماعيل كائنى، قائد قوات القدس بالإنابة إلى جولة الرئيس الإيرانى محمود أحمدى نجاد الأخيرة فى إفريقيا وأميركا اللاتينية؟ الواقع أن الجولة الرئاسية فى إفريقيا جاءت تجسيدًا لمخطط إيرانى سلطوى كانت قد وضعته قوات القدس فى الحرس الثورى الإيرانى، والمكلفة بمهمة حراسة الثورة ومكتسباتها داخل وخارج إيران، منذ أكثر من خمسة أعوام، لاختراق غرب إفريقيا، والمخطط الإيرانى مبنى على احتضان دول إفريقية فى ظل التجاهل الغربى لدول القارة السمراء من خلال إقامة علاقات دبلوماسية مع هذه الدول، ذات نسبة عالية أو أغلبية من المسلمين، والتى يسيطر على مفاصل اقتصادها مغتربون من شيعة لبنان . وكانت السنغال، والتى تتمتع بموقع استراتيجى مهم على المحيط الأطلنطى، إحدى الفرص التى التقطتها إيران لتصبح داكار حجر الزاوية الفارسى فى غرب إفريقيا، ونقطة انطلاق إيرانية إلى شمال وجنوب القارتين الإفريقية والأميركية وقد أقامت إيران علاقات قوية مع السنغال، فالرئيس السنغالى عبدالله واد دعى إلى طهران مرتين هذا العام، والتقى مع أحمدى نجاد وخامنئى، ولفت واد، فى زيارته الأخيرة، إلى أن الوحدة بين البلدان الإسلامية مثل السنغال وإيران من شأنها إضعاف القوة الكبرى مثل الولاياتالمتحدة . ففى يناير (كانون الثانى) 2008 أعلن منوشهر متقى، وأثناء حضوره لقمة الاتحاد الإفريقى فى أديس أبابا، أن عام 2008 سيشكل حدثًا مهماً فى العلاقات بين إيران وإفريقيا وبأن طهران مستعدة لاستضافة الاجتماع المقبل لوزراء الخارجية الأفارقة . كما التقى وزير الدفاع السنغالى ديوب مع نظيره الإيرانى لمناقشة سبل التعاون الدفاعى والعسكرى بين البلدين . وتحت قيادة نجاد، وتنفيذًا للمخطط السلطوى الإيرانى، قدمت طهران مئات الملايين من الدولارات على شكل مشاريع واتفاقات للتعاون المشترك كإغراءات مادية لشراء ولاء الدول الأفريقية . يذكر أن شركة (إيران خودرو) أقامت فى السنغال معامل لتصنيع سيارات (سامند) ، جرارات وعربات قطار ومعدات زراعية، بالإضافة إلى أن إيران تدرس إمكانية الاستثمار واستغلال مناجم السنغال الطبيعية، كالذهب والفوسفات والزركونيوم، وإمداد داكار بالنفط مقابل تكريس دعم السنغال للبرنامج النووى الإيرانى . وبأوامر مباشرة من إسماعيل كائنى، قائد قوات القدس بالإنابة يتواجد، هذه الأيام، ضباط من منظمة الاستخبارات التابعة لقوات القدس، من المتحدثين بالفرنسية، فى السنغال بهدف الإعداد لاستقبال عشرين عنصرًا من القوة البحرية لقوات القدس والتى ستصل إلى ميناء داكار، بداية العام القادم، بتغطية لشركة IRISL التجارية البحرية الإيرانية . وسيؤمن ميناء داكار لإيران مرسى ومستودعًا قليل التكلفة كما أن السنغال مؤهلة لتكون مستودعًا أكبر يوفر على طهران نصف الطريق الموصل إلى حلفائها فى جنوب أميركا، كفنزويلا والتى تراها إيران دولة توفر لها احتياجاتها العسكرية والنووية، بالأخص اليورانيوم الذى بدأ يشح فى إيران، فى ظل العقوبات الدولية المفروضة على إيران . وكلف إسماعيل كائنى مجموعة أخرى من ضباط منظمة الاستخبارات العثور على مخازن ومستودعات فى ميناء داكار وتهيئتها كمنطقة مغلقة ومعزولة أمام السلطات السنغالية لتصبح قاعدة عريضة لعملياتها .
وقال تقرير غربى إن نجاد يضع القارة الإفريقية على رأس قائمة أولوياته الخارجية، ويبذل جهودًا مضنية من أجل ترسيخ الوجود الإيرانى فيها، وذلك عبر التحرك فى عدة جبهات وعبر عدة وسائل، وأكدت أن إيران تبدى اهتماما لافتًا بالدول الإفريقية المطلة على البحر الأحمر وعلى رأسها السودان، وذلك بهدف التحول إلى قوة عظمى تضاهى القوى الكبرى، وأن طهران تسعى من خلال هذا التحرك إلى تقليص النفوذ الأميركى والغربى والدفع بالمصالح الاقتصادية فى القارة خاصة على ضوء العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها فى دول القارات الأخرى . وأشار التقرير إلى أن إيران تعمل على ترسيخ وجودها البحرى فى المدخل الجنوبى للبحر الأحمر، خاصة عبر توطيد العلاقات مع حركات يمنية ودول القارة الإفريقية مثل السودان وإريتريا وجيبوتى . وأشار التقرير إلى أن طهران تولى أهمية قصوى للسودان باعتباره الساحة الخلفية للعالم العربى عامة ومصر خاصة وبوابة للتغلغل فى القارة الإفريقية، وكنقطة التقاء مع شبكات الإرهاب فى المنطقة، وأكد أن العلاقات مع الخرطوم تشهد تحسنا متزايدا وتحدث بالتفصيل عن أشكال وأوجه العلاقات بين الجانبين، كما أكد أن إيران وعبر السودان وجدت الفرصة لإقامة علاقات مع منظمة الجهاد المصرية والجماعة الإسلامية والنهضة التونسية وجبهة الإنقاذ الجزائرية، وأيضا مع حركات إسلامية من المغرب وموريتانيا، وكذلك مع (حزب الله) و(حماس) فيما يتعلق بموضوع تهريب الوسائل القتالية إلى القطاع، وقال التقرير إن طهران تتخذ من السودان قاعدة لتدريب تلك العناصر، وكذلك كقاعدة لنشر المذهب الشيعى فى القارة . وتحدث التقرير عن قيام إيران بتوثيق علاقاتها مع إريتريا عبر مد يد العون لها فى العديد من المجالات، وقال إن هذا الأمر أثار حفيظة أحزاب المعارضة الإريترية التى تحدثت عن نشاط عسكرى إيرانى فى الأراضى الإريترية . وفيما يتعلق بالصومال أشار التقرير إلى أن إيران تلعب دورا خفيا فى الأوضاع فى الصومال، وأنه على الرغم من الطابع السنى للجماعات الصومالية، إلا أن طهران ومثلما فعلت فى السابق مع أفغانستان، فإنها لا تتردد فى التعاون مع أى تنظيمات سنية متطرفة لتحقيق أهدافها خاصة ضد النفوذ الغربى فى المنطقة، وأكد التقرير أن طهران عملت كذلك على توثيق علاقاتها مع جزر القمر ومع جيبوتى، خاصة أنهما من الدول المطلة على البحر الأحمر، وكذلك مع تنزانيا التى عملت على تكثيف العلاقات العسكرية والاقتصادية معها، كما أشار إلى أن إيران لديها مطامع فى القارة الإفريقية تتمثل فى استغلال ثرواتها المعدنية خاصة فيما يتعلق بخام اليورانيوم لاستخدامه فى مشاريعها النووية، وكذلك تهدف إلى الترويج لبضائع وصناعاتها فى تلك الدول . وقال التقرير إنه، وفى إطار السياسة المتبعة لديها، تولى إيران أهمية خاصة للخط البحرى، حيث إنه على المدخل الجنوبى للبحر الأحمر، ذى الأهمية الاستراتيجية، تقوم إيران بتوسيع علاقاتها مع اليمن، وقد وقعت إيران أخيرًا يونيو (حزيران) 2009 على اتفاقية سوف يسمح فى إطارها للبوارج الإيرانية بأن ترسو فى ميناء عدن كجزء من قوة مهمة إيرانية كانت قد أعدت لمكافحة ظاهرة القراصنة الصوماليين، وقالت إن قوة المهمة هذه من المتوقع أن تضاف إلى ست بوارج إيرانية سبق أن عملت فى منطقة الصومال لتضمن سلامة سفن النقل الإيرانية وأمنها، وبالمقابل تقوم إيران بتوثيق علاقاتها مع جزء من الدول الإفريقية المتواجدة على شواطئ البحر الأحمر، السودان وإريتريا وجيبوتى، بشكل يتيح لها القيام بعمليات بحرية نشطة فى منطقة البحر الأحمر وصولا إلى خليج إيلات وقناة السويس.