الرُّبَاح هي أحد فصائل القرود والتي تزيد أنواعها عن 260 نوعاً.. إن ما يميز الرباح عن بقية فصائل القرود هو ذيلها الكبير والذي يرتفع إلى أعلى، تستطيع الرباح العيش على الأشجار أو بين الحشائش.. إنها تعيش على الفواكه والحبوب والأوراق وبعض الحشرات، موطنها الأصلي شرق أفريقيا وجنوب غرب الجزيرة العربية ومن ضمنها اليمن. تتمتع الرباح بقدر كبير من الذكاء مقارنة بالحيوانات وحتى مقارنة ببعض فصائل القرود الأخرى، ولذلك فإن البعض يعتبرها من الحيوانات الأليفة، حيث إنها تستطيع أن تتواصل مع الإنسان وفي حالات معينة فإنها بإمكانها تقديم مساعدات قيمة له.. إن العديد منها يمكنها أن تعمل على تسلية السياح في المناطق السياحية. ومع ذلك فإنها بشكل عام غير محبوبة من قبل الإنسان، إذ أنه قد أطلق عليها العديد من الألقاب والصفات الذميمة في العديد من الثقافات، ولعل من أهمها الأنانية وعدم الحياء وعدم الخجل وتعمد الكذب والخداع والتضليل وصعوبة الاقتناع وعدم الوفاء والتقليد الأعمى وغياب الإبداع والسطحية في التفكير والجبن والزنقلة وعدم الثبات في المواقف والاختيال والتكبر والتناقض والتردد وعدم القدرة على السيطرة على أعصابها ومشاعرها. واليمنيون - كغيرهم - لم يثقوا بالرباح، وقد عكست ذلك العديد من أمثالهم، ولعل من أهمها مثل “لا تكن مثل الربح يأخذ سبولة ويفلت عشر” أي لا تكون عبثياً وطماعاً مثل الربح الذي يضر غيره و لا ينفع نفسه. وكذلك “ إذا تضارب الرباح فاحذر جربتك” كناية عن لؤمهم، إذ أنهم لا يكتفون بالدفاع عن أنفسهم وإنما يتعمدون الحاق الأذى بالآخرين الذين ليسوا طرفاً في المضاربة. ونتيجة لتصرفات الرباح على هذا النحو فإن الإنسان اليمني قد نجح في إبادتهم، ولكن للأسف الشديد فإن صفاتهم السيئة قد ورثتها وحافظت عليها النخب السياسية، فتصرفات الرباح - لسوء الحظ - قد تقمصتها النخب السياسية في اليمن على اعتبارها رمزاً للسياسيين الأذكياء.. وبذلك تم تبرير ممارسة صفات و تصرفات من قبل النخب السياسية في اليمن كانت في الماضي مذمومة وغير مقبولة. فبدون ذلك لا يمكن فهم العديد من الأحداث، مثل ما يحدث الآن في أبين وما حدث في صعدة وما يجري من مناكفات بين القوى السياسية. إنه يمكن القول بأنها قد اقتبست من تصرفات الرباح، فالرباح لا تفكر إلا بمصالحها حتى لو كانت غير مشروعة أو مقبولة، ولا تهتم بكيفية الحصول عليها حتى ولو تطلب الأمر القيام بممارسات وتصرفات ضارة بغيرها ولا يهمها في سبيل تحقيق ذلك أن تلحق بنفسها أي سمعة سيئة، ولأن صفات وممارسات الرباح ليست نبيلة، فإن الله قد عاقب بعض البشر الذين أصروا على تقليد القرود بتحويلهم إلى قرود حتى يكونوا مثلهم شكلاً ومضموناً. وعلى الرغم من انقراض الرباح في اليمن، فإن الكثير من صفاتهم وتصرفاتهم لم تنقرض معهم. فما تتقمصه النخب السياسية في اليمن من صفات و ممارسات كهذه، ليست إلا تقليداً للرباح. ويبدو أنهم لا ينوون التخلي عنها على الرغم من أنها لم تكن معروفة ولا مقبولة من قبل اليمنيين كل اليمنيين في الماضي. لقد عرف اليمنيون في الماضي بالشهامة والصدق والتضحية والاخلاص والتواضع والصبر والعمل الجاد والتكافل والتصالح والتسامح والإبداع وغير ذلك من الصفات التي يمكن القول إنها قد انقرضت من اليمن. في الماضي كان اليمني في جميع العالم محترماً لأنه كان يرمز إلى سد مأرب وإلى الهواء اليماني النقي والسيف اليماني الباتر والدرع اليماني الصلب وإلى البرد اليماني الأنيق وإلى الحكمة اليمنية الساطعة. لكن وبسبب تصرفات النخب السياسية اليمنية على هذا النحو، فإن اليمني في الوقت الحاضر قد أصبح رمزاً إلى أشياء مختلفة لا تسر ولا يعتز بها، فإما أن ينجح اليمنيون في جعل نخبهم السياسية تتخلى عن هذه الصفات والممارسات حتى تعود إليهم سمعتهم الطيبة، وإما أن ندعو الله أن يمسخهم إلى رباح فتلحق بهم وحدهم السمعة غير الطيبة.