كلما أمعنت قوات الجيش والأجهزة الأمنية في قتل عناصر القاعدة وأنصار الشريعة، تمددت هذه العناصر وازدادت عدداً. في عددها الأخير نشرت الزميلة (الوسط)، أن دمت والرضمة والنادرة، تشهد انتشاراً علنياً لمسلحي القاعدة، وهذا يعني أن مناطق جديدة تنضم إلى أخرى لتكون تحت نفوذ القاعدة. الأمر إذن بحاجة إلى دراسة وتحليل منهجي، لمعرفة أسباب تنامي وتمدد تنظيم القاعدة بدلاً من الهروب تحت يافطات مبهمة على غرار لا يوجد قاعدة في اليمن، ولكن هذه قاعدة فلان وتلك قاعدة علان !!؟ وإذا كانت النادرة ودمت واللتان كانتا في السبعينيات وبداية ثمانينيات القرن الماضي، معقلاً للجبهة الوطنية اليسارية وجناحها المسلح (المقامون الثوريون)، قد صارت الآن ملاذاً آمناً لمسلحي أنصار الشريعة القادمين من أبين، فإن ما هو قادم قد يكون أخطر بكثير، فلا نستبعد أن نراهم قريباً وهم يتبخترون بأسلحتهم في شوارع صنعاءوعدن وتعز والحديدة وغيرها. كان الأخ رئيس الجمهورية قال قبل أيام: إن 70% من مشاكل اليمن اقتصادية، وهو حديث في معظمه صحيح، فتدهور الوضع الاقتصادي وتدني المستوى المعيشي، يخلقان بيئة حاضنة للجريمة بأشكالها والتطرف الديني على رأسها. فكثير من أنصار الشريعة، دفعتهم ظروفهم الاقتصادية إلى الانخراط في هذا التنظيم الذي يوفر لهم مبالغ تعيلهم وأسرهم وليس أدَّل على ذلك، واقعة أحد شباب المعلا في عدن، والذي كان يرسل لذويه مبلغ (500) ريال سعودي في الشهر، باعتباره مغترباً في السعودية،ليتضح بعد ذلك أنه كان مغترباً في أبين ، ولولا وصول جنازته إلى عدن بعد مقتله على أيدي قوات الجيش، لظن أهله أن ولدهم لا يزال مغترباً في السعودية حتى الآن. الآن وقد اتضحت الصورة، يمكننا أن نتساءل: هل هناك تفكير جاد لمحاربة القاعدة ليس بقصف الطيران ولا بنيران المدفعية، فقد أثبت ذلك فشله، سواء في صعدة حيث كان أنصار الحوثي بالمئات وصاروا بمئات الآلاف، أو في الحرب ضد القاعدة الذي يتوسع إثر كل ضربة، والسبب ببساطة، أن كل فرد يقتل يخلف وراءه، العشرات الذين ينضمون بداية لأسباب ثأرية لينتهوا اقتناعاً وعقيدة. الحسم العسكري ليس وحده الحل الناجع، ولكن هناك حلولاً أخرى أجدى وأكثر نفعاً، وهي بالقطع موجودة ومعروفة بالأخص لدى أهل الاختصاص، فقط لو حسنت النوايا.