متابعات أثارت القرارات التي اتخذها الرئيس المصري محمد مرسي ردود فعل مختلفة، حيث شكلت مفاجأة للبعض في حين لم تكن كذلك بالنسبة إلى المجلس العسكري، وسط أحاديث عن صفقة تتمثل في حصول طنطاوي وعنان على خروج آمن مقابل أن يسلموا البلاد للإخوان المسلمين. أصداء واسعة حظيت بها مجموعة القرارات التي اتخذها الرئيس المصري المنتخب حديثاً، الدكتور محمد مرسي يوم أمس في ما يتعلق بإلغاء الإعلان الدستوري المكمل وكذلك إحالة المشير محمد حسين طنطاوي ورئيس الأركان سامي عنان على التقاعد، حيث رأت مجلة التايم الأميركية أن تلك الخطوة جاءت لتبرز حقيقة مضي مرسي في طريقه بعد دخوله في صراع على السلطة مع قادة الجيش منذ فوزه في الانتخابات. وأبرزت المجلة في هذا السياق كذلك اختيار مرسي للمستشار محمود مكي، واحد من أشهر القضاة الإصلاحيين، ليكون نائباً له. وبينما رأت التايم أنه وفي الوقت الذي جاءت فيه تلك الأنباء لتشكل صدمة لكثير من المصريين، فإنها لم تكن كذلك بالنسبة إلى الجميع. حيث أوضحت أن تلك القرارات لم تكن مفاجئة للمجلس العسكري، خاصة وأن اللواء محمد العصار، أحد الأعضاء البارزين في المجلس، قال في تصريحات صحافية إن قرار إحالة طنطاوي وعنان على التقاعد جاء من خلال مشاورات مع مرسي. وقال محللون إن هذا يعود إلى إبرام صفقة في هذا الخصوص، ونقلت عن رجل الأعمال البارز والناشط الداعم للديمقراطية ممدوح حمزة: "أعتقد أن الصفقة تتمثل في حصول طنطاوي وعنان على خروج آمن مقابل أن يسلموا البلاد للإخوان المسلمين. وذلك لأنه وبصراحة إذا طبقنا القانون نفسه (على الجنرالات) التي سبق أن قمنا بتطبيقها من قبل مع عائلة الرئيس حسني مبارك، فسيكون طنطاوي خلف القضبان". وأعقبت المجلة بتأكيدها أن النظرية التي تتحدث عن منح الحصانة مقابل السلطة قد تسببت بإثارة إزعاج بعض من الليبراليين الشبان في البلاد كذلك، وذلك في الوقت الذي توجه فيه كثيرون آخرون إلى ميدان التحرير للاحتفال بما بدت أنها نهاية عصر. ثم عاود حمزة ليقول " لكن الصورة الأكبر تتمثل في أن التعديل يصب في استراتيجية أوسع نطاقاً لجماعة الإخوان المسلمين ( التي ينتمي إليها مرسي ) التي يتفق معظم المحللين على أنها ما زالت تتدخل بالمطبخ الرئاسي. فهم الوحيدون الموجودون في المطبخ بنسبة 100 %. وقد يكون مرسي هو صبي القهوة الوحيد في المطبخ". ومضت المجلة تقول إن التحول الذي اتخذه مرسي يوم أمس يشكل أجرأ خطوة يقوم بها نحو استرداد السلطة من المجلس العسكري القوي في البلاد. لكن تلك الخطوة جاءت في أعقاب تعديل مماثل تم اتخاذه الأسبوع الماضي في قطاع الأمن المصري، بما في ذلك الإطاحة باللواء مراد موافي من منصبه كرئيس لجهاز المخابرات. واتفق محللون على أن تلك التعديلات، سواء التي طرأت على قطاع الأمن وكذلك على الجيش، تخدم جميعها غرضاً واحداً في البرنامج الأوسع نطاقاً للأشياء. وهنا، عاود حمزة ليقول "يتصرف الأخوان المسلمون وفق خطة، وربما كانت معروفة قبل بضعة أشهر". وتابعت المجلة بقولها إن الشخص الذي حل محل طنطاوي، وهو عبد الفتاح السيسي، الذي يقال إنه رجل متدين للغاية، ربما يكون حليفا للإخوان في المجلس العسكري. فيما نقلت المجلة عن محمد سودان، وهو مسؤول رفيع المستوى في جماعة الإخوان في الإسكندرية، قوله إن نائب الرئيس الجديد محمود مكي كان من أوائل الأسماء التي طرحتها الجماعة سراً للترشح لشغل منصب رئيس الجمهورية. وقال روبرت سبرينغبورغ، وهو خبير في شؤون الجيش المصري والأستاذ في كلية الدراسات العليا البحرية في كاليفورنيا، إن مرسي والإخوان يظفرون مع كل قيادة يعينونها بحليف جديد. وقال محللون إن جماعة الإخوان تقوم على نحو بطيء وبشكل متعمد بتنظيم رقعة الشطرنج السياسية لمصر. وقال في هذا الجانب ممدوح حمزة: "عليهم أن يتأكدوا من أن الإعلام في أيديهم، وأن الجيش تحت سيطرتهم، قبل أن يقدموا على إجراء تغييرات كبرى في وزارة العدل وفي النظام القضائي. أما الخطوة المقبلة فستكون الدستور الجديد". وختمت التايم بنقلها عن خبراء إن تلك الخطوات الجريئة من جانب مرسي، خاصة إلغاء الإعلان الدستوري المكمل، جاءت لتثير بعض التساؤلات بشأن شرعيتها وقانونيتها.