من يحرص على اليمن وعلى أمنه واستقراره ووحدته في هذه الظروف الصعبة والدقيقة التي تعيشها بلادنا فما عليه إلاّ أن يعمل حثيثا ليبقى المؤتمر الشعبي العام قوياً ومتماسكاً وديمقراطياً وجزءاً من العملية السياسية أولا ومن التعددية الحزبية ثانياً وثالثاً، وعليه في المقابل أن يمسك على قلبه خوفاً من تمزقه وتشظيه وانهياره أو تسليمه للقوى الرافضة للسياسة فضلاً عن الحزبية والتعددية والدولة المدنية. صحيح أن المؤتمر الشعبي العام اليوم هو أحد مكونات العملية السياسية الهشة التي أفرزتها المبادرة وآلياتها حقناً للدماء وخوفا ًعلى انهيار الدولة من ناحية، وضداً لثورة شعبية سلمية حقيقية تمت مصادرتها بعد عسكرتها وأدلجتها من ناحية أخرى، إلا أن المؤتمر هو أيضا وفي هذا السياق تحديداً أحد رهاناتنا في عمليتي الشراكة الوطنية والتوازن السياسي المختل والذي قد يختل أكثر في ظل قوة وتماسك جماعات وأطراف أصولية وقبلية صراعية تبدو حريصة بل متوغلة في الحرص على الاستحواذ على كل شيء حتى ولو أدى ذلك إلى تدمير العملية السياسية، وتدمير الدولة وإعادة اليمن إلى مربعات العنف والصراعات الدائرية على أساس المنطقة والمذهب والشيخ.. تلك إذا هي أهمية المؤتمر اليوم بالنسبة لجمهوره الواسع، وبالنسبة لنا نحن، المطالبين مثل غالبية أعضائه بالدولة المدنية والشراكة الوطنية والتوازن السياسي المختل، ولكن قوة المؤتمر وتماسكه وتفعيل دوره السياسي لن يكون بالفاسدين والبلاطجة من داخله أو من خارجه، ولا بعسكرته أو المراهنة على حمايته من قبل الجيش أو بعض وحداته، كما كان يعتقد البعض - وهماً- من قبل وكما يراهن البعض اليوم و بشيء من الغباء.
لم يكن الجيش ولا مراكز القوى القبلية في الماضي قوة للمؤتمر أو إضافة في رصيده بل كان هو خصماً لهما وهما اليوم ولأسباب عديدة عبء ثقيل عليه وعلى البلاد بشكل عام ليس لأنهما في الأساس كانا في الضفة الأخرى من المؤتمر، وإن تحمل عبئهما من حيث الشكل وتبين لاحقاً "ووقت الله الله " خلاف ذلك تماماً، بل لأنهم، اليوم ولأسباب تتعلق بانشقاق الفرقة وحرصها على تمزيق الحرس عبئاً عليه وعلى العملية السياسية، ورصيداً إضافيا محتملاً للقوى الظلامية والرجعية إن لم يبادر المؤتمر نفسه وبقية القوى المدنية لحماية الجيش من الأيديولوجيا قبل أن تبادر القوى النافذة لتدمير الجيش وأدلجته بحجة إضعاف المؤتمر والحرس و"تحقيق أهداف الثورة" كما يعمل البعض على غفلة من المؤتمر ومن الجميع.
قوة المؤتمر هي بوحدته التنظيمية والقيادية وبما يلغي تعدد مراكز القيادة القائمة والمحتملة لديه أولا، وبحاجة مئات الآلاف من اليمنيين إلى المؤتمر كحالة من حالات التوازن والشراكة وإلى مشروعه السياسي المدني في هذا الظرف الدقيق من الأوضاع الخطيرة والمتفجرة ثانياً، ثم بضرورة أن يظل المؤتمر تحت كنف الدولة ورعايتها ومركزها الرئاسي على الأقل حتى تقوى العملية السياسية وتصبح راسخة وفاعلة في حياة اليمنيين في ظل دولة القانون والمواطنة المنشودة. تلك إذاً عوامل قوة المؤتمر وفاعليته السياسية اليوم ومن يحرص عليه يجب أن يحرص على تحقيقها وتلافي وقوع خلافها. يعرف الجميع أن المؤتمر من حيث العدد هو أكبر الأحزاب اليمنية حتى الآن وأنه يضم في صفوفه عشرات الآلاف من الأعضاء والكوادر ومئات بل الآلاف من النشطاء والقياديين، وكثير من هؤلاء هم أبناء وكوادر الدولة -أي دولة- وكثير منهم هربوا إلى صفوف المؤتمر والدولة -على مراحل وبدرجات متفاوتة- خوفاً من الإصلاح والأحزاب السلفية الأخرى وقبلها خوفاً من الأحزاب اليسارية، وإذا تشظى المؤتمر - لاسمح الله - فلن يكون ذلك لصالح الإصلاح أو لصالح الاشتراكي بل على حسابهما في الغالب وعلى حساب العملية السياسية عموماً، الأمر الذي يجعل هذه الأطراف تحرص على المؤتمر حرصه على نفسه وربما أكثر. لن ينهار المؤتمر إلاّ في حالة واحدة -كما أسلفنا- وهي أن تصر بعض قياداته، وتحديداً كلاً من الرئيس السابق صالح والرئيس الحالي هادي، على تمزيق المؤتمر وتقسيمه إلى مركزين قياديين من ناحية وإلى إخراجه من كنف الدولة ومؤسستها الأولى "الرئاسة" ثانياً، وإذا كان من رسالة أوجهها إلى المحتفلين اليوم بذكرى عزيزة لنا جميعاً، هي ذكرى تأسيس المؤتمر وبالتالي ذكرى تأسيس العمل السياسي العلني في الشمال؛ فهي أن أنصح الرئيس صالح، مخلصاً ومن موقع الحريص على اليمن وعلى العملية السياسية (بغض النظر عن موقفي الشخصي منه حيث الخلاف معه سياسياً بالدرجة الأولى من ناحيتي على الأقل)، أن كُف يا سيدي عن البحث عن الزعامة داخل أو على رأس المؤتمر، أنت هنا تسيء إلى تاريخك وإلى حزبك ولن تكون سوى أداة فاعلة يبحث عنها خصومكم بالليل والنهار للتآمر عليك وعلى المؤتمر وجوداً لا سياسة ويكفيك 33سنة من السياسة اليومية وعلى مدار الساعة... دع المؤتمر يبقى قوياً بمركز قيادي واحد هو مركز الرئيس الجديد لليمن وللمؤتمر الرئيس عبدربه منصور هادي ... عليك أن لا تسلمه لقمة سائغة لمن أبقيتهم غصة في حلوق اليمنيين بعد رحيلك. تذكر أنك لن تنصف نفسك ولا يمكن للمؤتمر أو للانتهازيين فيه وخارجه أن ينتصروا لك أو ينصفوك اليوم وفي هذه اللحظة بالذات وعلى خلاف ذلك لن يعملوا لك شيئاً سوى إيصالك من جديد إلى الوضع الذي عشته أثناء تفجر الغضب الشعبي في وجهك، هل تريد تكرار المشهد من جديد؟!.. دع التاريخ ينصفك وسينصفك حتماً ومن الأفضل أن يكون حكم التاريخ هو (ترك صالح السلطة سلماً وهو في موقع رئيس الجمهورية)، من أن يكون حكمه (ترك صالح السلطة عنفاً)، وهو في طريق البحث عن زعامة جديدة في حزب بلا سلطة وممزق الوجدان والقيادة بفعل صالح نفسه من قبل ومن بعد.
" سيكون الحكم هنا قاسياً يا سيدي الرئيس وأنا شخصياً لا أفضله لك على خلاف الشامتين والمتربصين بك من أصحابك الأعداء وممن حرضوك يوماً على قتلي والتنكيل بي، وبمئات ممن ضحوا في سبيل يمن جديد ومستقر لكل مواطنيه بمن فيهم رؤساؤه السابقون". * الرئيس هادي أما فخامة الرئيس هادي فرسالتي أو نصيحتي إليه هي (يا مهاجر فديتك عود بالله عود) إلى كنف حزبك المؤتمر ولا تصدق من يحاولون تخويفك منه لا لشيء إلاّ من أجل السيطرة على قرارك والتأثير عليه سلباً. صدقني يا فخامة الرئيس إن من يخوفونك اليوم من كل القوى المدنية ومن المؤتمر الشعبي العام تحديداً هم من يبيتون لك الغدر والخيانة مثلما بيتوا لسلفك الأمر نفسه من قبل، ولن تجد لك سنداً حينا إلا نحن والمؤتمر الشعبي العام والدولة المدنية الضائعة على يديك إن تركت عوامل قوة (الكامنة والمحتملة). في الأخير نقول للمؤتمر الشعبي العام في ذكرى تأسيسه المجيد وحدوا صفوفكم وقيادتكم وإذا لم تكونوا تحرصون على أنفسكم فنحن نحرص على أنفسنا ونجد حاجتنا وحاجة البلاد إليكم موحدين وأقوياء وديمقراطيين لأن ذلك من وحدتنا وقوتنا وديمقراطيتنا نحن في الأحزاب المدنية الأخرى... مرة أخرى اصرخوا معنا وبصوت وااااحد وحدووووووه .....