الانفلات الأمني في مدينة تعز ومحافظتها متعمد وتقف خلفه كل القوى النافذة في صنعاء. هدف الانفلات الأمني والفوضى الميليشوية ليس فقط إفشال قيادة المحافظة غير المرغوب بها من قبل بعض مراكز القوى "العسكرية والقبلية والأصولية" في حكومة الوفاق وخارجها، بل ومن أجل عسكرة المدينة وتدمير طابعها المدني وتطبيع حياة أبناء المدينة والمحافظة مع المليشيات والبلطجة والاقتتال اليومي بين أهلها، وتعميق جراحهم وثاراتهم من ناحية أو بينهم وبين أجهزة الدولة الأمنية والعسكرية من ناحية أخرى. محاولة هذه القوى فرض سياسة المحاصصة وتحويل مؤسسات الدولة في تعز كما هي في العاصمة وفي معظم المحافظات الأخرى إلى غنيمة بيد بعض القوى المعروفة بشرهها على السلطة، وبسعيها للاستيلاء على كل شيء والاستفراد بكل شيء، هو أيضا سبب آخر ولا يقل أهمية عن سابقيه في هذا الانفلات الأمني المتعمد، والذي ترافقه حملة وحشية ضد قيادة المحافظة بتهمة عدم عمل شيء للانفلات الأمني نفسه! من يقلقون الأمن اليوم في شوارع تعز وبين سكانها، ومن تحول بعضهم الى عصابات أو غطاء لعصابات أخرى للقتل والنهب، هم أنفسهم من نزلوا من صنعاء أو قدموا من كهوف أفغانستان لحماية الثورة الشعبية السلمية في تعز، ولكنهم لم يحموها، بل دمروا سلميتها، ويدمرون اليوم مدنية تعز وسلامها. حماة الثورة اليوم لن يقبلوا بغير السيطرة على قيادة الدولة في تعز أو قيادة الجيش في محيطها على أقل تقدير، وها هم يستثمرون التحريض الذي مارسوه طوال السنوات الماضية ضد معسكرات الجيش والقوات المسلحة والأمن -وليس ضد قيادتها- من أجل الضغط لإخراج الجيش نفسه وإبداله بألوية خاصة من مقاتلي أمراء الحرب التابعين لهم هنا وهناك، وباسم إنشاء لواء جديد بسام لواء الثورة. على قيادة المحافظة، وعلى أبناء تعز الشرفاء بمختلف توجهاتهم السياسية، ألا ينتظروا دعما من رئيس الجمهورية أو من رئيس الحكومة أمام جحافل المسلحين التي تجتاح بين فترة وأخرى شوارع المدينة، وتقلق أمنها، وتعيث فيها فسادا، فكلاهما (أي الرئيس والرئيس) إما عاجزان أو متواطئان مع وإلى جانب القوى النافذة ومن يستهدفون مدنية تعز واستقرارها والسلام الأهلي بين أبنائها. لا أعرف شخصيا محافظ تعز الأخ شوقي أحمد هائل، وليس هذا ضروريا، ولكن ما لم يحزم المحافظ أمره في اتجاه الانحياز النهائي والكلي إلى جانب تعزالمدينةوتعز الدولة وسلطة القانون والمواطنة بعيدا عن التردد والسلبية القاتلة أولا، وما لم يحزم أمره أيضا مع تعز الناس العاديين وضد الفساد والمفسدين والنافذين... تعز التنمية والتغيير والثورة ثانيا، فإن الوضع خطير والقادم أخطر.. وسيكون هو شخصيا أول الضحايا، بل هو كذلك الآن.
دور الإرياني في انهيار المؤتمر الدكتور عبدالكريم الإرياني يتحمل قسطاً كبيراً من مسؤولية الوضع البائس الذي يعيشه المؤتمر الشعبي العام، والذي يكاد يصل حد الانهيار الكامل. مشكلة المؤتمر اليوم أنه يعيش بمركزين قياديين من ناحية، ولكون رئيسه خارج رئاسة الدولة ومطالباً بالكف عن ممارسة السياسة من ناحية أخرى. حزب المؤتمر الشعبي العام حزب وطني كبير، ويضم الآلاف من الكوادر الوطنية، ووجوده حاجة ماسة للعملية السياسية الهشة، ولكنه في النهاية حزب الدولة، ويصعب أن يستمر قويا ومتماسكا خارج مركزها الرئاسي. وأي شخص يحرص على المؤتمر وعلى العملية السياسية عموما، عليه أن يعمل على أن يكون رئيس الدولة هو رئيس المؤتمر، ولو مؤقتا، حتى تستقيم العملية الديمقراطية اليمنية، وهذا ما كان ينبغي أن يعمله الإرياني وبقية الحريصين على العملية السياسية. عبدالكريم الإرياني يلعب دورا غير مباشر في الوضع القلق الذي يعيشه أكبر الأحزاب اليمنية منذ خروج الرئيس صالح، فلا هو حسم أمره مع بقاء صالح رئيسا للمؤتمر، ولا هو حزم أمره أيضا في إقناع الرئيس هادي بضرورة الاقتراب أكثر من حزبه، وجعله مصدر قوته السياسية أمام تغول القوى النفاذة من حوله. الإرياني مسموع الرأي أمام هيئات حزبه من ناحية، وأمام بقية الأطراف السياسية من ناحية ثانية، وأمام رعاة المبادرة الأوروبيين والأمريكان من ناحية ثالثة، وأي موقف حاسم من جهته سيكون لصالح إقناع كل من صالح وهادي بضرورة الحفاظ على المؤتمر كشرط للحفاظ على التوازن، وعلى نجاح العملية السياسية عموما. مطلوب من الدكتور عبدالكريم الإرياني؛ السياسي اليمني المحنك، ولكن "الإشكالي"، أن يخرج من سلبيته القاتلة تجاه انقسام بل انهيار حزبه العتيد، حتى لا أقول عليه أكثر من ذلك.
خلاف في مكان آخر! كنت أتمنى أن يكون سبب الخلافات ومن ثم الاتفاقات داخل اللجنة الفنية للحوار، هي النقاط ال20، وضرورة توحيد قرار الجيش قبل عقد مؤتمر الحوار الوطني... لا لشيء إلا أنها قضايا خلاف حقيقية وجدية بين القوى النافذة داخل اللجنة وخارجها من ناحية، والقوى السياسية والمدنية المستهدفة من هذه القوى من ناحية أخرى. غير أن هذا لم يحدث –للأسف- وحدث الخلاف حول أحقية حضور السفراء ووسائل الإعلام المختلفة جلسات لجنة الحوار. وهنا لابد من التذكير بأن أول شروط الحوار الصحي بين اليمنيين على اختلاف مواقعهم ومواقفهم، هي الشفافية والعلنية من جهة، وهي سيادة القرار الوطني واستقلاله وتحرير المتحاورين من أي ضغوط أو إملاءات داخلية أو خارجية من جهة أخرى.
تغريدة: قال أحد أصدقائي في المقيل "لو كانت شحنة البسكويت القاتلة تتبع الحوثي كان أن قد حرقت التلفونات حقنا من كثرة ضغط رسائل الصحوة موبايل المتوالية حول المؤامرة". - نقلا عن " الاولى"