رغم أن النقاط التي تقدمت بها اللجنة الفنية للتحضير للحوار الوطني إلى رئيس الجمهورية ليست جزءاً من مهام اللجنة وعملها، ولا تعدو كونها مجرد رأي لأصحابها لا تلزم أحداً، فإن تخصيص إحدى عشرة نقطة للقضية الجنوبية وخمس نقاط لقضية صعدة من النقاط العشرين، يعكس حسن تقييم اللجنة للأولويات من المشاكل اليمنية. إعلام الإصلاح وخطباؤه شنوا هجوماً شديداً على اللجنة ونقاطها، لدرجة تدفع بقوة إلى الربط بين نقطة الاعتداء على الدكتور ياسين سعيد نعمان، خصوصاً وأن ردود الأفعال على حادث الاعتداء أو رسالة التهديد لم تطالب ولم يترتب عليها معاقبة الجناة، رغم معرفة شخوصهم، ولم يقم قائد الفرقة بسحب النقطة أو تغييرها على الأقل، ما يعني أن هناك حرصاً على استيفاء الرسالة لدلالاتها، والرغبة في معرفة مصدرها وموقفه من الاعتذار وبصورة رئيسية عن الحرب في صعدة. ما سيترتب على الاعتذار عن حروب صعدة من الآثار المباشرة على الإصلاح وقائد الفرقة، لا يساوي شيئاً بالمقارنة مع الآثار المترتبة على الاعتذار للجنوب، فلماذا هذه الاستماتة في رفض الاعتذار عن حروب صعدة ومعالجة آثارها؟!. يمثل ملف صعدة مشروعاً استثمارياً يمكن الإخوان من استدرار مال المملكة وتأييدها السياسي، ويعولون عليه مالياً في تعويض خسائر الأزمة وما قد يفرضه حل القضية الجنوبية عليهم من خسارة الأصول المتبقية من غنائم حرب الانفصال، وسياسياً بتحقيق شراكة قادمة في السلطة بحجم تأثير المملكة في مجريات العملية السياسية بدلاً من حجمهم الجماهيري وإغلاق ملف صعدة سيودي بكل هذا. أوقف الأمير سلطان، المواجهات الخاسرة مع الحوثيين قائلاً: "لقد اعتدنا أن يقاتل اليمني اليمني على أرض يمنية، ونحن ندفع المال، أما أن يقاتل السعودي اليمني على أرض سعودية فهو ما يجب أن ينتهي فوراًً"، ومنذ ذلك الحين وحتى الآن والإصلاح يجند كل وسائله الإعلامية لإقناع المملكة أنه هو اليمني الذي سيقاتل اليمني وغير اليمني على الأرض اليمنية وغير اليمنية ليقبض الثمن. باستثناء الزج بالسلفيين في بعض المواجهات، وبعض المواجهات القبلية التي لعب فيها الإصلاح دور المحرض، فما يحدث على الأرض هو أن الإصلاح يفتعل فقط من خلال مؤسسته الإعلامية الضخمة، معركة وهمية يخوضها نيابة عن المملكة ويضع على الجبهة الأخرى، كل يوم أحد خصومه السياسيين: الحوثيين، الحراك، المؤتمر، بعض القيادات الاشتراكية، المثقفين. يقدم إعلام الإصلاح كل يوم عدواً للمملكة ويقوم بعض المتظاهرين برفع علم الجيش السوري الحر، ويقنتون ضد بشار الأسد، وعلى المملكة أن تدفع لهم ثمن مواجهة (المد الرافضي) في جنوب الجزيرة و(التبشير الشيعي) بين سُنّة اليمن. ليس في الأمر بعد عقائدي، فالإصلاحيون الذين زاروا إيران أكثر من غيرهم، ولو رجعنا إلى إعلام الإصلاح على امتداد حروب صعدة، وحتى بداية الأزمة لوجدنا أنه كان ينكر علاقة الحوثيين بإيران، ويتهم الرئيس السابق بابتزاز السعودية، إنه ذات التسنن الذي استفاق فجأة عند خالد مشعل ليترك إيران وسوريا ويطير إلى قطر. لا يخوض الإصلاح أي معركة نيابة عن السعودية وإنما يريدها أن تخوض هي معاركه بالنيابة ضد خصومه السياسيين ويقبض فوق ذلك الثمن. أقول للمملكة إذا كان الحوثيون والحراك والمؤتمر عملاء لإيران -كما يقول الإصلاح- فما حاجة إيران لخلية تجسس، ولديها عشرات الآلاف من العملاء، وإذا كان الإصلاح قد جند إعلامه لاستغفالكم فإن مدى الاستجابة لذلك يرسمكم. ما أثق فيه هو أنه كما سيبقى الإصلاح وسيبقى الجنوبيون والحوثيون والمؤتمريون، قد يدير المال حروباً، لكنه لن تحدث أي إبادة جماعية لأي طرف، وأتمنى على اللجنة الفنية للتحضير للحوار الوطني أن ينعكس حسها بأولويات القضية اليمنية على آليات ومعايير التمثيل في المؤتمر، وتترك الحلول التنفيذية لطاولة الحوار. *اليمن اليوم