جهد الزميل نصر طه مصطفى، وأجهدنا معه وهو ينظِّر في مقاله الأخير عن مشروعية القوة وقوة المشروعية، واختار الأخيرة للرئيس هادي، مؤكداً في مقاله أن كل القوات المسلحة خارج المؤسسة الرسمية ستسلم أسلحتها طواعية، وعليه ألا يقلق، فالسند الإقليمي والدولي بدرجة أساسية وأصوات الناخبين كفيلة بتحقيق الممر الآمن لممارسة الرئيس لمهامه. نصر ............... وأقام في معاً الثورة والثوار والمستقبل والتغيير على انشقاق اللواء علي محسن وحماية الثورة، فلولاه بحسب الأستاذ نصر لأطاحت فيالق الحرس الجمهوري والأمن المركزي بالثورة وقادت البلاد إلى العنف لا سمح الله. الحمد لله على السلامة، فمنذ خروج علي محسن على القانون لم ترق في اليمن قطرة دم واحدة حتى اليوم، وعرف الناس معنى الأمن والسكينة العامة.. لنصر مطلق الحرية أن يحب الرئيس علي عبدالله صالح، أو يحب اللواء علي محسن، ويختار الوقت الذي يراه مناسباً للتعبير عن انبهاره بأي منهما. لكن النظارة الوقورة لا تكفي لشرعنة القوة المسلحة خارج المؤسسة الرسمية وإقناع الرئيس هادي أن منصبه لا يحتاج إلى القوة المشروعة. من أبسط مفاهيم الدولة هو احتكار استخدام القوة التقليدية، ومبدأ المشروعية نظرياً يعني خضوع الحاكم والمحكوم لسيادة القانون وسلطته، وما يدعو إليه الأستاذ نصر هو إبقاء الرئيس هادي خارج إطاره الدلالي كرمز سيادي والوظيفي كأعلى سلطة في الدولة التي قلنا أن من أبسط مفاهيمها احتكار استخدام القوة لضمان سيادة القانون في إدارة العلاقات داخل المجتمع. ومشروعية نصر لا ترى في هادي أكثر من مندوب سامٍ وحاكم تحت وصاية الفرقة والمليشيا القبلية، خصوصاً وأن نصر يرى أن القوة الوحيدة خارج إطار مشروعيته هي الحرس الجمهوري والأمن المركزي، وهما مؤسستان رسميتان لم تخرجا عن قسمهما ولم يعلن أي منهما الانشقاق عن مؤسسته، وإنما لأن نجل الرئيس السابق يتولى قيادة الحرس الجمهوري، ما يعني أن المشروعية التي تعددت دلالاتها في مقال نصر لتعنى أولاً بثوار الستين ثم علي محسن ثم مجلس التعاون الخليجي وسفراء الخمس، قد اختزلت أخيراً في درجة القرابة من الرئيس السابق.
زاوية الشخصنة التي تحكم نظرة النخب (وأعد نصر أحدهم) إلى التغيير والاستقرار هي في اعتقادي ما يجعل تلك النخب في معزل عن حركة المجتمع والقيام بدور في إحداث تحول حقيقي أو التأثير في وجهة التحولات وطبيعتها، الأمر الذي وقف بهذه النخب عند نقطة التنظير للحدث بعد وقوعه والتبرير لا التدبير، فكان أن أصبحت النخب جوقة في ركاب الحدث الذي تقوده غالباً الجماهير الساخطة على غير هدى أو العادات الاجتماعية التقليدية وقادة الجيش التي غالباً ما تستأثر وتتحكم بنتائجه. أعجبتني الفذلكة في صياغة نصر لعنوان مقالته وإن لم يكن فيها ولا في المقال شيء له معنى. ولا أعتذر...