انطلقت يوم السبت حملة إلكترونية عالمية على مواقع التواصل الاجتماعي تطالب برفع الحصار الخانق الذي تضربه ميليشيات الحوثي وقوات الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح منذ نحو تسعة أشهر على مدينة تعز (جنوبي غرب اليمن). وقد تصدرت هاشتاغات الحملة التي دشنها الناشطون بعدة لغات منها: الإنكليزية والفرنسية والألمانية والصينية والروسية والتركية والإيرانية، قائمة الترند العالمية في موقع تويتر. وتهدف الحملة إلى إبراز الكارثة الإنسانية والواقع الذي تعيشه مدينة تعز وسكانها، في محاولة لصنع حراك مجتمعي عبر حملة إلكترونية ضخمة ومؤثرة تهدف إلى الضغط على القوى الإقليمية والدولية والمنظمات الإنسانية من أجل التحرك واتخاذ إجراءات عملية في سبيل فك الحصار عن المدينة التي تعيش أوضاعا إنسانية مأساوية وحصارا خانقا من جميع المنافذ. ووصلت نتائج الحصار في شهر سبتمبر الماضي إلى حد الكارثة الإنسانية. وبالرغم من توصل طرفي النزاع في جولة المشاورات التي انعقدت مؤخرا في سويسرا إلى اتفاق لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المتضررة وفي المقدمة مدينة تعز، إلا أن منظمات إغاثة محلية ودولية، تقول إن عشرات الآلاف من سكان المدينة الذين تقطعت بهم سبل النزوح إلى مناطق آمنة، يعيشون وضعا إنسانيا كارثيا، مع تعذر دخول المساعدات الغذائية والدوائية. وتصنف تعز بأنها واحدة من عشر محافظات – من إجمالي 22 محافظة في اليمن- تعاني من انعدام الأمن الغذائي الشديد الذي وصل إلى مستوى “الطوارئ”، وهو المستوى الذي يسبق “المجاعة” مباشرة وفقا لمقياس التصنيف المرحلي لحالة الأمن الغذائي. هاشتاغات الحملة التي دشنها الناشطون بعدة لغات تصدرت قائمة الترند العالمية في موقع تويتر وقد تفاعل عدد كبير من مغردي موقع تويتر مع هاشتاغي “#ارفعوا_الحصار_عن_تعز” و“EndTaizSiege#”، وتطرقوا في تغريداتهم إلى أوضاع المواطنين في ظل ارتفاع الأسعار وانعدام المشتقات النفطية والغازية، ومنع دخول السلع والمواد الغذائية والوقود، وخاصة الأدوية وانعدام الأكسجين في المستشفيات الذي تسبب في مقتل العديد من المرضى، مطالبين بفك الحصار بشكل عاجل عن أكثر من ثلاثة ملايين نسمة. في سياق متصل، أطلق مغردون هاشتاغ تهريب الحياة إلى تعز رصد مجهودات بعض المواطنين لإدخال أدوية وعذاء وقوارير عاز إلى المدينة. وقال ناشطون إن ميليشيات الحوثي ضبطت عددا من قوارير أكسجين مهربة متوجهة للمستشفيات فقامت بإفراغها في الهواء. وشارك في الحملة عدد كبير من الإعلاميين والشخصيات المعروفة. يذكر أن المغردين نشروا العديد من الصور ومقاطع الفيديو التي عكست حجم المأساة والوضع الإنساني الصعب في تعز، والظروف الصعبة التي يعانيها سكان المدينة. وكتب معلق “أكثر من 8786 مصابا بينهم 800 طفل و360 امرأة وأكثر من 7644 رجلا، أغلبهم حالتهم خطيرة وأصيبوا بإعاقة دائمة”. ويقول مغرد “في اليمن الآلاف من مرضى السرطان يعانون بصمت، منهم المئات من الأطفال تبحث عائلاتهم عن ومضة أمل فتتحطم آمالهم على صخرة الحرب”. ويقول آخر “في وطني الطفولة والإنسانية تُذبحان من الوريد إلى الوريد ما ذنب شعب يشقى من المهد إلى اللحد؟!”. وقال آخر إن “أسوأ خبر من الممكن أن يسمعه المواطن اليمني أن قارورة الغاز خلصت”. ووصل سعر قارورة الغاز إلى 9000 ريال يمني (44 دولارا) وهو مبلغ مهول مقارنة بدخل المواطن اليمني وضعف قدرته الشرائية. الدعوة الحوثية إلى حملة إلكترونية مضادة، مؤشر على نجاح الحملة الإلكترونية المطالبة برفع الحصار عن محافظة تعز وكتب معلق “سمعت امرأة عجوزا تشكو بحرقة قلب تقول إنها تجتهد حتى لا تستنفد قارورة الغاز قبل انقضاء شهر كامل، فلا تستخدمها إلا للضرورة”. وسخر مغرد “هل تعلم أن البصل يقلل من خطر السرطان ويحمي الدماغ ويحافظ على صحة القلب ويساعد على الهضم؟ وهل تعلم أن سلة البصل كانت بمئتي ريال وأصبحت بثمانية آلاف ريال (37 دولارا)”. وقال آخر “لماذا لا يتزوج البرد والحرب وينجبان لهذا الشعب جوا معتدلا؟!”. وغرد ناشط “كل القصص الأليمة في التاريخ اليمني تقوم على تفصيلة درامية واحدة فقط هي أن الاختلاف والطمع الداخلي سبب كل بلاء وتدمير #اليمن”. وفي مؤشر على نجاح الحملة الإلكترونية المطالبة برفع الحصار عن محافظة تعز، دعا الحوثيون، الأحد، إلى حملة إلكترونية مضادة للمطالبة برفع الحصار عن محافظة صعدة التي تعتبر أهم معاقلهم رغم أن كل الطرق إلى المحافظة مفتوحة، وفق مراقبين. ونقل موقع المسيرة عما أسمته “الجبهة الإعلامية لمواجهة العدوان” مختلف وسائل الإعلام والإعلاميين المحسوبين على الجماعة للمشاركة في حملة تطالب برفع الحصار عن صعدة. ولجأت جماعة الحوثي للحديث عن محافظة صعدة بعد الصدى الذي حققته حملة “ارفعوا الحصار عن تعز”.