نعم لماذا لا يخرج صالح من اليمن؟ وكيف نفسر عناده البقاء بين الزبالة والنطيحة وما أكل الذئب؟ صالح لا يستوعب أهمية الاستئناس بمشورة أعضاء مجلس الأمن، أنت تعرف الفرق بين (انعقادهم وصفاتهم الشخصية أثناء الزيارة)؟ فاللجوء إلى أعضاء مجلس الأمن والهمس حول خروج صالح يشير إلى حالة النضوب السياسي وخفوت السمات الشخصية لهؤلاء الذين ملأوا صنعاء ضجيجاً احتفاءً بالوافدين، لأن صنعاء كانت دائماً تضيق بهم لمجرد أن صالح فيها. فالعقم السياسي يصور لهم أن لصالح أشباحاً إذا ما فكروا يسلبون نصف ما فكروا به، وإذا فعلوا أمراً يجدونه قد نحُل وضَمُر ولم يعد يُرى فيه غير بصمات صالح، وإذا مدوا أيديهم أو أطلقوا سلطانهم يرون في صالح سبباً في قصر نظرهم، وضآلة نفوذ سلطانهم، لهذا يصرخون لماذا لا يرحل صالح حتى يتأكدوا أن لديهم يداً، وأن ثمة سلطاناً بحوزتهم، لماذا لا يرحل صالح؟ سؤال المرحلة، وهو السؤال الذي سيعيد للثورة أنوثتها ويجعل مجلس الأمن يتأكد من طهارة عذريتها ويجس سلامة بكارتها، كما أنه السؤال الذي سيبرهن أن الذكور الذي يحكمون بعد صالح هم أيضاً من الأشاوس والفُحول الذين يجسدون هوى الثورة ويترجمون رغباتها ويبررون التقرب من المستحيل الذي بات قاب قوسين أو أدنى، ولكنه يمانع السقوط بين أيديهم فقط لأن صالح في صنعاء، حتى أصبحت صنعاء مدينة مُحرّمة على المعجزات التي يمكن أن يقترفها باسندوة كما اجترحتها توكل كرمان، وأسقطت بين يديها ميدالية نوبل في فترة قياسية.. لو قورنت بسنوات كتابة ونظم المقالح لدواوينه الرائعة لتجشم المقالح اقتراف جريمة الموت كمداً على الإبداع طالما صارت جائزة نوبل عنوان مأساة، بلد يُقتل فيه الشباب لتفوز توكل بجائزة وباسندوة برئاسة حكومة، وبن عمر يفتتح مكتباً للتنقيب عن خيارات الضمير اليمني، وهو يشاهد عن المقالح هذا الاحتفاء بتورط المجتمع الدولي في أدق خصوصيات الشأن الوطني، حداً أصبح فيه من يحكمون اليمن هم نواب للمؤسسات والدول الأجنبية، وهنا يبرز السؤال: لماذا لا يخرج صالح من اليمن؟ هل هناك مكان لليمني أصلاً في أجندة من صاروا يحكمون اليمن؟ لماذا لا يخرج صالح من اليمن بعد أن اقتنع أن لتطلعات الشباب ودمائهم حرمة، فسلّم السلطة، وحين عاود النظر لم يجد فكرةً شابة ولا إرادة شابة ولا حمية أو حماس شاب وجد من كان يحكمهم صاروا حكاماً ويتحدثون عن عهده وعهدهم، ثم وقع على المبادرة الخليجية من أجل منع انزلاق البلد إلى الفوضى والانهيار، وها هو يرى بأم عينيه الفوضى تصبح فناً للإدارة والخصوم يتبادلون الأدوار والأنخاب وفي نشوة عارمة يهتفون لا بد أن يخرج صالح من البلاد وإلاّ سنعلن الحصبة دولة ذات سيادة، والفرقة والجيش الوطني الذي سيتولى حماية الرئيس وتطويق العاصمة ونواة هيكلة المستقبل والطابور الخامس في قلب الحوار الوطني، مالم يغادر صالح اليمن فإن الانفصال وشيك وأن جغرافية اليمن ستصبح مثل سيادتها في مهبّ الريح. لن أطيل فالسؤال مشروع، كيف تسنى لهكذا عناد أن يتمترس على جدار من السهام والخناجر الحادة والأنياب هذا القدر الفادح من الزمن بعد أن رقص مع ذات الثعابين 33عاماً، كيف لم يدرك أن مجرد بقائه في صنعاء يجعلهم أقل قدرة على معرفة قسمات وجوههم في المرآة كل صباح، وهم يعلمون أن مراحل نموهم حتى حفاظاتهم ونوع الحليب الذي كانوا قد اعتادوا على شربه صباح مساء كان هو من يسقيهم ويرضعهم وأحياناً يجرعهم، كيف لا يغادر صنعاء ليتجنب ثورة الأبناء على آبائهم الذين راقبوا تطور نواقصهم إلى غرور هو خليط من العجز والضعف ونقص المروءة؟ هذه حيثيات المطالبة يمكن تضمينها لإحدى قرارات مجلس الأمن في انعقاده القادم.