اثنان من أولاد الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر نزلا رسمياً في قائمة التجمع اليمني للإصلاح هما حميد وصادق، واثنان آخران تناقلت وسائل الإعلام أنهما ضمن قائمة رئيس الجمهورية وهما حمير وحسين، أي منزل الشيخ عبدالله فقط يعادل في الحوار الوطني حزباً كاملاً من الأحزاب المشاركة في الحكومة من غير الموقعين على المبادرة، ويساوي تقريباً تمثيل الطائفة اليهودية ومنزل الشيخ في الحوار –أقول منزل الشيخ وليس أسرة الشيخ، لأن ممثلي أسرة الشيخ أكثر من هذا- أكبر من تهامة وأكثر من ثلاثة ملايين مهمش، وأعرق من الإسماعيلية ثالث المذاهب الإسلامية في اليمن لأكثر من عشرة قرون. لا أريد التعليق أكثر على تمثيل منزل الشيخ بأربعة مقاعد في الحوار الوطني ودلالاته وتبعاته أيضاً على أصحاب القوائم أولاً وعلى الحوار والوطن تالياً. ولكني أريد أن أناقش أمرين، أولهما: قائمة الرئيس، والثاني تمثيل أبناء المذهب الإسماعيلي في الحوار الوطني. لم يمنح رئيس الجمهورية الثلاثة والستين مقعداً في الحوار لصفته الحزبية أو الرسمية أو الشخصية، وإنما ليستوعب فيها الفئات والأقليات التي لم يستوعبها التمثيل السياسي واستيفاء نسب تمثيل الجنوب والمرأة التي وضعتها آلية التمثيل والمشاركة في الحوار، لا علاقة لأولاد الشيخ بأي ممن ذكر حتى تتضمن قائمة رئيس الجمهورية أياً منهم. ثانياً: الإسماعيليون في اليمن مكون هام وكبير في بنية المجتمع اليمني السكانية والاقتصادية، وجزء أصيل من موروثه الثقافي وعمقه التاريخي، وحتى علاقاته الخارجية، ويعانون في الوقت نفسه من فرز طائفي واضطهاد فكري منذ سقوط دولتهم الثانية الصليحية على أيدي الأيوبيين، وعلى مدى تسعة قرون وهم يعانون العزلة والترهيب يصل حد التكفير وإخراجهم من ملة الإسلام وإبادة جماعية في بعض مراحل التاريخ. لا نريد أن نكفر عن جرائم التاريخ، ولكن هذا مذهب إسلامي لم تستوعب خصوصياته ضمن المناهج التربوية والتعليمية ولا التشريعات والقوانين النافذة، ولا يؤخذ بآرائه الفقهية في لجنة تقنين أحكام الشريعة الإسلامية، ولا يسمح لهم بممارسة شعائرهم الدينية جهاراً . لقد فرض عليهم فقط أن يكونوا مزارعين أو تجاراً أو مغتربين، ولو سألت أي طالب أو يمني عموماً عن الملكة أروى بنت أحمد الصليحية لحدثك الغالب عنها والسواقي المعلقة والمدارس والأوقاف، ومع هذا فالذين يعلمون أن هذه الملكة هي حاضنة الإمام الإسماعيلي وأن اليمن في عهدها كان دولة إسماعيلية لا يوجد هذا في كتاب مدرسي، ولا مقال ولا تاريخ رسمي. وعلى العكس تجد محاضرات التكفير لهم ووصفهم بالعبيدين والباطنيين يومياً في المساجد وفي المواقع الإلكترونية وتنشر محاضرات مشائخ نَجْد في تكفيرهم وتفسيقهم من خلال البلوتوث في أجهزة الهاتف المحمول. سعي حثيث لا يكف على إحاطتهم بالخوف ومحاربتهم في المناصب الحكومية التي لا تكاد تجد فيها من هذه الطائفة إلاّ من يعد على الأصابع. عشرات الآلاف من اليمنيين الإسماعيليين يعيشون تحت الحصار، يفتقرون إلى حق المواطنة المتساوية وتكافؤ الفرص، فأي دستور مدني سينبثق عنه حوار وطني لا يمثلون فيه. قابل الإسماعيليون هذه العزلة والحصار بالانطواء والسلمية والعمل في خدمة المجتمع والتعامل الحضاري الراقي، وحين طرح الحوار الوطني كحل للأزمة اليمنية اختار أبناء المذهب الإسماعيلي علناً وباقتراع ديمقراطي عشرة لتمثيلهم في الحوار، ولعلهم الوحيدون الذين فعلوا ذلك، ومنذ شهر وهم يريدون تقديم قائمتهم إلى رئيس الجمهورية لتشملهم قائمته في الحوار، فلا يجدون مجيباً. قال على هؤلاء أن يوظفوا كتلتهم البشرية وثراءهم وعلاقاتهم الخارجية في العنف والتخريب حتى يسمع صوتهم، إنهم قادرون على ذلك، فلديهم من التماسك الداخلي والثروة والاعتقاد والعدد والعلاقات الخارجية والإرث التاريخي في العنف ما يمكِّنهم من التخريب أكثر من غيرهم، واقرأوا تاريخهم من أقصى المغرب إلى أواسط آسيا والهند. فلا تمنحوهم مشروعية الفساد بتجاهلهم، فلم يعد في اليمن متسع للمزيد من السخط والنقمة.