باتت اليمن اليوم ليس كيمن الأمس مطلقاً، فمع استمرار الصراع المسلح في الداخل اليمني والحرب التي يشنها التحالف السعودي ضد الحوثيين وحلفائهم منذ مارس 2015، تتفاقم الأزمة الانسانية يوما بعد يوم ويشهد هذا البلد الفقير أصلاً أسوء موجة جوع عرفها العالم في هذا القرن بحسب تقرير للمعهد الدولي لأبحاث السياسات الغذائية التابع لبرنامج الغذاء العالمي. التقرير الذي شمل 118 دولة حول العالم يقول إن الحرب في اليمن، أدت إلى زيادة حدة واحدة من أسوأ أزمات الجوع في العالم، حيث لا يعرف 7 ملايين إنسان يمني تقريباً، من أين ستأتيهم وجبتهم التّالية؟، وهم في أمسّ الحاجة للمساعدات الغذائيّة وقد ساهم الجوع في وفاة 4,2% من أطفال اليمن. جوع ونزوح
مرارة واقع عائلة السيدة كفاح وغيرها من الأسر اليمنية يجعلك تعيش حالة من الذهول كيف اثرت الحرب في اليمن على واقع الناس بمختلف مستوياتهم وطبقاتهم وجعلتهم يعيشون واقع جوع وحياة تنعدم فيها ابسط الخدمات لا كهرباء أو مياه نظيفة أو غذاء فضلاً عن حالة الخوف والقلق اليومي الذي يعيشه الجميع جراء الحرب "نفذ كل ما نملك ونحن في مرحلة الجوع" بهذه العبارة تلخص كفاح واقعها مع الحرب والجوع
السيدة “كفاح محمد” بعد عامين من المعاناة بظل الحرب المستمرة في اليمن لم تعد تستطيع مواجهة تكاليف الحياة المعيشية ووصلت حالة أسرتها حد الجفاف خصوصاً بعد أن أنفقت كل ما لديها بظل الحرب التي تشتعل رحاها منذ عامين ونصف.
" لم نعد نمتلك ما نأكله في منزلنا نعيش منذ أشهر على مساعدات الأقارب " كما تقول السيدة كفاح في حديثها لموقع شبكة "إعلام السلام".
برنامج الأغذية العالمي كان قد حذر في نداءات عديدة من مخاطر تفشي المجاعة في اليمن بظل استمرار الحرب وقالت المتحدثة باسم البرنامج "بيتينا ليوتشر "إنه حقاً وضع مريع على الأرض.. عندما ترى الأمهات اللاتي ليس لديهن شيئا يذكر يأكلنه ويرين أطفالهن يموتون فهذا أمر يجعل قلبك ينفطر"، وأضافت "من الصادم والمروع في حقيقة الأمر أن نرى هذا في القرن الحادي والعشرين".
وفي سياق متصل قال برنامج الأغذية العالمي أن "قرابة نصف الأطفال في اليمن توقف نموهم، حيث يكونون أقصر قامة مقارنة بمن هم في مثل أعمارهم، وهي علامة على سوء التغذية المزمن".
في المقابل وفي كارثة أخرى تشهدها اليمن جراء الحرب يقدر عدد النازحين بحوالي مليونين وثمانمئة ألف نازح، يعيشون في ظروف إنسانية واقتصادية صعبة، في ظل وصول محدود للمنظمات الدولية وتقديم المواد الإغاثية، اضافة إلى أكثر من مئتي ألف نازح خارج البلاد، وفق احصاءات منظمة الأممالمتحدة. مساعدات محدودة بظل كارثة مروعة
وبسبب الحرب التي تشتعل رحاها منذ آذار/ مارس من عام 2015، فقد وصل عدد اليمنيين الذين هم بحاجة إلى مساعدات إنسانية إلى 21 مليونا، من أصل 26 مليون نسمة، المتحدثة باسم برنامج الغذاء العالمي بتينا لوتشر قالت في مؤتمر صحفي بجنيف- أمس الجمعة إن البرنامج يهدف في شهر يونيو الجاري إلى تقديم المساعدة الغذائية ل 6.8 مليون شخص من بينهم 3.3 مليون شخص فى المناطق الأكثر تعرضا لخطر الانزلاق إلى المجاعة سيحصلون على حصص غذائية كاملة بينما سيحصل الباقون على 60% من الحصص التموينية الكاملة بسبب نقص التمويل.
بتينا لوتشر حذرت في الوقت نفسه من أن اليمن على حافة المجاعة، موضحة أن برنامج الغذاء العالمي سيسعى إلى توسيع نطاق عملياته الطارئة لتقديم المساعدة الغذائية لمن هم فى أمس الحاجة إليها، مشيرة إلى أن هناك حاجة ماسة إلى الموارد للاستجابة للاحتياجات الهائلة في اليمن خاصة وأن معدلات الوفيات قد ارتفعت مع تفشى وباء الكوليرا .
في المقابل شددت بتينا لوتشر على أن حاجة البرنامج للحصول على أموال فورية والوصول دون عوائق إلى من هم في أشد الحاجة إلى المساعدة، مشيرة إلى أن البرنامج يحتاج إلى 442.5 مليون دولار أمريكي من يونيو إلى نوفمبر المقبل لمواصلة تقديم المساعدة الحيوية في اليمن . الكوليرا تواصل الفتك باليمنيين ايضاً
وفي الوقت الذي يجتاح الجوع البلاد تتفشى الكوليرا وتشهد اليمن أسوأ موجة لتفشي هذا الوباء في العالم كما تقول تقارير المنظمات الدولية.
منظمة الصحة العالمية، مساء أمس الجمعة، أعلنت عن ارتفاع عدد الوفيات جراء الإصابة بوباء الكوليرا إلى 1265 حالة منذ 27 أبريل الماضي.
وقالت المنظمة في بيان نشرته على حسابها الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" ورصدته "شبكة اعلام السلام "إن عدد الحالات التي يشتبه فى إصابتها بوباء الكوليرا في اليمن مستمر في الارتفاع، مشيرة إلى أنها سجلت 192,983 حالة اشتباه، في حين أعربت منظمة الأممالمتحدة للطفولة «يونيسيف»، عن مخاوفها من أن يتجاوز عدد الإصابات بوباء الكوليرا في اليمن 300 ألف حالة، مع نهاية شهر أغسطس المقبل.
المتحدثة باسم اليونيسيف "ميريتسل ريلانو " قالت في تصريحات صحفية:" إن من الأرجح أن تصل الاصابات بالكوليرا في اليمن بنهاية أغسطس إلى 300 ألف حالة"، مشيرة إلى أن 1265 شخصًا توفوا جراء الكوليرا في اليمن منذ إعلان تفشي الوباء في أبريل، في حين قال برنامج الغذاء العالمي أنه يستعد بالتعاون مع الشركاء لتقديم المساعدة الغذائية لمرضى الكوليرا ومقدمي الرعاية الفورية في أكثر من 100 مركز للعلاج، مشيراً أن توسع الوباء شمل 19 محافظة من أصل 22 محافظة وفرض ضغطا أكبر على البرنامج وغيره من المنظمات التي تعمل على منع اليمن من الانزلاق الى المجاعة.