تستقبل السواحل اليمنية عشرات المهاجرين الافارقة شبه يوميا رغم الاوضاع الامنية والإنسانية غير المستقرة في هذا البلد الفقير، وتتوزع تلك الجموع من الافارقة القادمين لليمن ما بين لاجئين ومهاجرين يتخذون من اليمن منطقة عبور ويتهربون باتجاه دول الخليج الثرية. وتقوم المفوضية العليا لشئون اللاجئين في اليمن والحكومة اليمنية باستقبال العشرات يوميا من تلك المجاميع في مخيمات ايواء منتشرة في عدد من المدن اليمنية. في حين يتسلل عدد من الافارقة إلى مناطق حدودية بين اليمن والسعودية بغية الوصول إلى دول الخليج هربا من الفقر والجوع والجفاف وكل وعوامل المعاناة. وعادة ما يصطدم هؤلاء المهاجرين بعصابات تهريب تتخذ من المناطق الحدودية بين اليمن والسعودية مقرات لها، وتمارس تلك العصابات انواع التعذيب بحق هؤلاء المهاجرين، كما تنجح احيانا في تهريبهم إلى داخل الاراضي السعودية وتفشل في اوقات اخرى. وتضع تلك العصابات في أحواش، مساحات حجز، المئات من المهاجرين الافارقة ويمارس ضدهم انواع التعذيب. وفي السياق ذاته، يقول جمال عيسى يحمل الجنسية الإثيوبية، والذي خرج للتو من احد تلك الاوكار التابعة للمهربين إنه لقى صنوف العذاب، وانه يواجه حاليا تهديدات الترحيل إلى بلاده. وأفاد عيسى لوكالة أنباء ((شينخوا)) " قدمت إلى اليمن قبل حوالي ثلاث سنوات، هربا من البؤس والنكد، وقررت بعدها التهرب إلى السعودية للبحث عن فرصة عمل ". وأضاف " ذهبت الى منطقة حرض الحدودية بين اليمن والسعودية والتقيت بجماعة مهربين طلبوا مني مبالغ مالية مقابل تهريبي الى الاراضي السعودية فدفعت كل ما أملك ". وتابع " وصلت الى الاراضي السعودية الى مدينة خميس مشيط بعد رحلة شاقة وألقت السلطات السعودية القبض علي وآخرين، وتم اعادتنا الى الاراضي اليمنية ". وأشار الى انه عاد لجماعة المهربين ، إلا انه تم احتجازه وتعرض للضرب المبرح والتعذيب لعدة اشهر حتى تمكنت الاجهزة الامنية اليمنية أخيرا من الافراج عنه ". ونوه بأنه حاليا في صنعاء يواجه مشكلة اعادته الى بلده اثيوبيا، وان رحلته التي استمرت لثلاث سنوات كانت مجرد كابوس فقط. ويقول يوسف بري "صومالي الجنسية" إنه كان ينوي السفر إلى السعودية عبر الحدود اليمنية الا انه مكث ما يقارب شهرين لدى عصابة تهريب في منطقة حدودية ولم يتمكن من دخول الاراضي السعودية. وأضاف " خلال الشهرين كان يمارس ضدنا انا والعشرات من الافارقة أعمال عنف من قبل تلك العصابة وكانوا يجبرونا على العمل الشاق تحت التهديد والضرب المبرح ". وتابع " كانت رحلة قاسية وبعدها تمكنت من الفرار من أيدي تلك العصابات وعدت إلى مدينة قريبة من صنعاء وعملت لدى احد اليمنيين في حراسة مزرعته مقابل مبلغ مالي زهيد ". ونوه بانه التقى خلال احتجازه لدى مهربين عشرات النساء وانه يمارس ضدهن اعمال لا انسانية من قبل تلك العصابات. وحسب بري فانه قدم الى اليمن مع بعض افراد اسرته قبل حوالي سنتين. وكانت الاجهزة الامنية اليمنية اعلنت أمس الأحد أنها حررت 535 افريقيا من قبضة عصابات تهريب في منطقة حرض الحدودية مع السعودية حوالي (380 كم) غرب صنعاء، في عملية مماثلة لعشرات العمليات المماثلة خلال الاشهر الماضية. وذكر مركز الاعلام الامني، الناطق باسم الداخلية اليمنية، أن حملات مداهمة للأجهزة الامنية على أحواش لمهربين يحتجزون متسللين أفارقة في مديرية حرض الحدودية أسفرت عن تحرير 535 أفريقيا بينهم عدد من النساء. وأوضحت الاجهزة الامنية انه تم ضبط قرابة 50 شخصا من المتورطين بتعذيب الأفارقة ونهبهم من ضمنهم 6 أثيوبيين شاركوا في هذه الجرائم. وأضافت " أن عملية المداهمة التي جرت خلال الأيام القليلة الماضية وبتنسيق مع النيابة كشفت عن أعمال تعذيب وحشية ارتكبت بحق المتسللين الأفارقة من قبل عصابات التهريب ". وترى المفوضية العليا لشئون اللاجئين في اليمن أن مهاجرين افارقة يتخذون من اليمن منطقة عبور وأنهم يقعون ضحايا في ايدي عصابات التهريب على الحدود. وقال زيد العلايا مساعد الشئون الاعلامية بالمفوضية لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن عددا من المهاجرين الافارقة يتخذون اليمن كمنطقة عبور إلى دول الخليج ويقعون ضحايا في ايدي عصابات التهريب. وأوضح أن المفوضية ليست معنية بالمهاجرين لكنها تقدم خدمات عدة للمهاجرين عبر عدد من المراكز تنتشر في مناطق عدة باليمن ومنها في منطقة " حرض الحدودية " حيث يتواجد ما يقرب من 15 الف مهاجر في مركز تابع للمفوضية. وأشار إلى أن المفوضية فاتحة ابوابها للمهاجرين لتسجيل عملية اللجوء في اليمن، لكن عدد منهم يرفض تسجيل اللجوء ويذهب إلى محاولة التهرب لدول الخليج عبر الحدود اليمنية. وكشفت الداخلية اليمنية الليلة الماضية عن احباط الأجهزة الأمنية في مديرية "حرض" الحدودية لمحاولة تهريب 92 أفريقيا بينهم 37 امرأة إلى الاراضي السعودية. وأوضحت الوزارة على موقعها الالكتروني، أنها ضبطت ثلاث سيارات كانت تقل الأفارقة وهي في طريقها إلى منطقة الحدود اليمنية السعودية المشتركة، كما قامت بضبط 6 أشخاص متورطين في العملية. وسجلت مفوضية اللاجئين في اليمن 107 الاف لاجئ منهم 80 بالمائة اثيوبيين خلال العام الماضي، وتؤكد الاحصائيات الرسمية اليمنية أن عدد اللاجئين الافارقة في اليمن تجاوز مليون و200 الف.
