يؤكد إصرار قطر على توفير "ضمانات إضافية لأمن وسلامة الحجاج" القادمين من الدوحة، سيرها على خطى إيران في المطالبة ب"تسييس" الشعائر الدينية، وإشراف هيئة دولية على الحج، في إطار حملة دعائية مكثفة للضغط على الدول العربية، المطالبة بوقف دعم قطر للإرهاب. وعبر وزير خارجية النظام القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مساء أمس الجمعة، عن قلقه على أمن الحجاج القطريين في أراضي السعودية على خلفية التوتر الحالي في العلاقات مع الرياض. وأكد محمد بن عبد الرحمن آل ثاني خلال مؤتمر صحفي في أوسلو مع نظيره النرويجي، أن "أكثر من 100 حاج قطري دخلوا أمس الأراضي السعودية". وزعم الوزير القطري، أن "الرياض لم تتجاوب حتى الآن مع طلبات وزارة الشؤون الإسلامية القطرية بشأن ضمان سلامة الحجاج"، مشدداً على أن "أمن هؤلاء أصبح تحت مسؤولية السلطات السعودية". قلب الحقائق.. والتطابق مع إيران وبرغم عدم استجابة أي من الدول الإسلامية لقطر، إلا أن هذه الدعوة كشفت التطابق بين السياسات الإيرانيةوالقطرية، في ما يتعلق بالمطالبة ب"تدويل الحج"، كورقة ضغط تستخدمها الدوحة ضد الدول العربية، المطاِلبة بوقف دعم قطر للإرهاب. وكانت الإمارات والسعودية والبحرين ومصر قررت، قبل شهرين، مقاطعة قطر، على خلفية اتهامها بدعم الإرهاب وإيواء متطرفين ومطلوبين للدول الأربع. وكعادتها تقلب قطر الحقائق، وتسعى إلى تشويه صورة السعودية، على خلفية المعايير التي وضعتها بشأن الحجاج القطريين، فتدعي أنها تحرم حجاج قطر من أداء المناسك، ولا تعترف أمام شعبها بأن تصرفاتها هي التي أدت إلى منع السفر براً التزاماً من الرياض، بما اتفقت عليه مع الدول الداعية لمكافحة الإرهاب بمقاطعة نظام الدوحة، هذا إضافةً إلى أن المملكة جعلت السفر جواً أمراً متاحاً، بما يعنيه من معايير تنظيمية أعلى، ولم تمنع القطريين بتاتاً من الوصول إلى مكة والمدينة. التاريخ الأسود لإيران هذه المطالبات القطرية "بتدويل" الحج سبقتها إليها إيران من قبل، للضغط على السعودية سياسياً، حيث دأبت إيران في كل موسم للحج، على توجيه اتهامات كاذبة للسعودية بمنع بعض المسلمين من أداء فريضة الحج، والتضييق على الحجاج، فمنعت طهرانالإيرانيين العام الماضي من الحج، وأمرتهم بزيارة ضريح الخميني وكربلاء. ومنذ الثورة الإسلامية في إيران، وتولي الخميني السلطة في 1979، دأبت طهران في "تسييس" فريضة الحج، وبدأت بتظاهر الحجاج الإيرانيين في 1980، أمام المسجد النبوى، رافعين صور الخميني، ثم كانت المحاولة الثانية في 1982، أثناء محاولة حجاج إيرانيين دخول المسجد الحرام حاملين أسلحة نارية. وفي 1986، تم ضبط إيرانيين حاملين مواد شديدة الانفجار، وفي 1987، قام بعض الحجاج الإيرانيين بسد الطرقات وإحراق السيارات ومنع الحجيج من تأدية مناسكهم رافعين شعارات الثورة الإسلامية، ما تسبب في تدافع كبير بين الحجاج ووفاة 1400 حاج، كما تسبب حجاج إيران في العام التالي في تدافع نجم عنه وفاة 717 حاجاً. وتسعى إيران إلى إظهار السعودية أمام الرأي العام في العالم الإسلامي على أنها "مقصرة تجاه ضيوف الرحمن"، بما يهز صورة الرياض إقليمياً، ويحقق لإيران مكسباً سياسياً في عدد من الملفات الأخرى، خاصةً أن الحج لا تمتلكه السعودية، بل تنظمه فقط، في خطوة أكّد خبراء أنها دعوة مباشرة لتصعيد الموقف الطائفي في المنطقة والتحريض على إثارة الفتنة. قطر تمنع تسجيل الحجاج وفي أواخر يوليو(تموز) الماضي، أغلقت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية القطرية التسجيل للحج لهذا العام 2017، مؤكدة منع المواطنين والمقيمين في قطر من التقديم إلكترونياً، لأداء الفريضة مع الحجاج من جميع دول العالم. ولم توضح الوزارة أسباب إغلاقها للتسجيل ومنع مواطنيها من الحج، في الوقت الذي رحبت فيه السعودية بالحجاج القطريين أسوة بغيرهم، إذ أكدت أنه بإمكانهم القدوم جواً إلى السعودية مباشرة، وعبر أي خطوط باستثناء "القطرية". غير أن قطر زعمت أن "هناك مضايقات وعراقيل مستمرة في إجراءات الحج أمام القطريين"، مطالبة "بحقها في اللجوء إلى الآليات الدولية لضمان حق القطريين والمقيمين لممارسة حقهم في الحج"، وهو مطلب اعتبرته السعودية محاولة ل"تسييس الحج". وكان وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، اتهم "السلطات القطرية بأنها تطالب بتدويل المشاعر المقدسة، مشدداً على أنه موقف "عداوني"، واعتبر أنه "إعلان" حرب ضد المملكة. وجاءت تصريحات وزير الخارجية السعودي، بعد إعلان اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان القطرية، أنها "خاطبت المقرر الخاص بالأمم المتحدة المعني بحرية الدين والعقيدة، حول العراقيل والصعوبات التي تواجه حجاج دولة قطر من المواطنين والمقيمين". وزعمت قطر أن السعودية "امتنعت عن التواصل معها لتأمين سلامة الحجاج"، وأعربت عن أسفها "لإقحام أمور السياسة" في شعائر الحج. وفسرت الدول المقاطعة للدوحة التصريحات القطرية على أنها دعوة إلى "تدويل" الملف، غير أن الرياض أكدت أنها ستسمح للقطريين الراغبين في أداء مناسك الحج لهذا العام بدخول أراضيها، مرفقةً ذلك ببعض القيود.