قبل أيام اجتمعت أحزاب اللقاء المشترك، وأصدرت بيانا تدين فيه بشدة "محاولة" اغتيال "حفيد" رئيس الوزراء، ووصفت "المحاولة" بالعمل الإجرامي الهمجي.. وراحت توزع التهم يمنة ويسرة، رغم أن ما زعمت أنه "محاولة" اغتيال، كان شجارا عابرا بين الحفيد وصاحب قديم لم يرد على التحية بتحية تليق بحفيد باسندوة! ويوم الأربعاء الماضي قتل أقرباء الشيخ علي عبدربه العواضي عضو الهيئة العليا لحزب الإصلاح شابين عدنيين بدم بارد وهمجية وبدون سابق معرفة أو إنذار، فلم تجتمع أحزاب المشترك ولم تقل في حق الشهيدين حسن أمان وخالد الخطيب، عشر ما قالته بحق "محاولة" اغتيال الحفيد.. وللإنصاف أصدرت الدائرة القانونية للإصلاح بيانا عزت فيه أسرتي الشابين وطلبت سرعة القبض على الجناة، وفرع الإصلاح بعدن دان الحادث ودعا إلى عدم تسييسه هذه المرة لأن الجناة من أقارب عضو الهيئة العليا للإصلاح، والحزب الاشتراكي اليمني تلاحق الأمر أمس عبر رئيس الدائرة الإعلامية الذي أدلى بتصريح من جملتين فيهما كلمة دان. أزعم أن المواقف من هذه الجريمة الهمجية والمشهودة ستكشف لنا مصداقية أو عدم مصداقية دعاة دولة القانون، والذين يدعون أنهم اليوم بصدد بناء دولة يطبق فيها القانون، ويتساوى فيها الجميع أمام القانون.. بعض تلك الأحزاب فشلت في هذا الاختبار، ومالت إلى شيخ الحزب وشيخ القبيلة، تتكلم عن جانٍ واحد أحد، وتفضل دفن جريمة القتل المتعمد ببنادق العدال والأثوار والملايين التي يسيل لها اللعاب، وتجند بها أقوى المؤثرات القبلية والحزبية والدينية والعاطفية. لكننا متفائلون بأن فعالية تلك الوسائل ستبطل هذه المرة، ومبعث التفاؤل إصرار أولياء الدم على إعمال القانون من خلال القبض على القتلة وإحالتهم إلى القضاء، هذا أولا، وموقف المشاركين في مؤتمر الحوار ثانيا، وموقف مجلس النواب ثالثا، وسيكون موقف مؤتمر الحوار ضمانة أساسية إذا علق أعماله إلى حين رؤية القتلة خلف القضبان، ولا يكتفي بالتعليق ليوم واحد، لأن وراء مرتكبي الجريمة قوة قبلية وحزبية لن تستجيب إلا لدواعي الضغط الثقيل والمستمر. لقد أمر رئيس الجمهورية بالقبض على القتلة وبسرعة.. وهذا كان قبل أربعة أيام، وإلى اليوم لم تقل لنا وزارة الداخلية أنها اعتقلتهم، بينما الجريمة مشهودة ومرتكبوها معروفون لا مجهولون، وموجودون بين يديها ولم يفروا إلى صحراء الربع الخالي، والذين يحاولون حماية القتلة ليسوا أقوى من قسم شرطة في دولة تحترم نفسها.