تشتعل معركة إلكترونية بين أجهزة الاستخبارات والجماعات المتطرفة على شبكة الإنترنت، لاسيما مع محاولات هذه المجموعات المتشددة استغلال الإمكانيات العالية التي توفرها مواقع شبكات التواصل الاجتماعي لتحقيق مآربها وأجندتها، المتمثلة في التحريض والتآمر وتجنيد العناصر الجدد، هذا في وقت تكشف تقارير جديدة عن أن أجهزة الاستخبارات العالمية مثل ال FBI بدأت بتدريب أفرادها على تصيد المشتبه فيهم وجمع الأدلة عنهم من خلال مواقع كالفيس بوك وتويتر واليوتيوب. وبحسب مستندات ووثائق نشرتها جماعة "مؤسسة الجبهة الإلكترونية"، وهي جماعة معنية بحقوق المتعاملين عبر الإنترنت، فإن عملاء سريين لمكتب التحقيقات الفيدرالية FBI ووكالات أمنية أخرى ينشئون صفحات تعريفية على مواقع مثل "my space" و"facebook وذلك كمحاولة للوصول لبعض المطلوبين والمشتبه فيهم واعتقالهم. وقال العرض التوضيحي الذي أعدته وزارة العدل الأميركية إن الشبكات الاجتماعية تفيد أيضا كمصدر معلومات جيد عن شهود الدفاع. وأضاف الكتيب: "المعرفة قوة... لذا فلنجر بحثا عن كل الشهود على مواقع الشبكات الاجتماعية". وتحدثت تقارير كثيرة في وقت سابق عن محاولة أجهزة الاستخبارات العالمية استخدام شبكات التواصل الاجتماعي من أجل مكافحة العمليات الإرهابية، ونقل عن مساعد نائب مدير الاستخبارات الأميركي، مايكل ويرثنمور، قوله: "إنهم يتابعون كل خطوة في الفيس بوك وال YouTube، بعد التقارير التي ترصدها وكالة الإستخبارات الأميركية ، تبين أن غالبية المؤامرات العدوانية حصل تخطيطها عن طريق الإنترنت بشتى وسائله، إما عن طريق البريد الإلكتروني، أو المحادثات أو غيرها من وسائل الإنترنت الحديثة، وهذا ما أعلنت عنه الوكالة في غالبية الحوادث التي حصلت في الساحة الأميركية والساحة العربية". وتعتقد الأجهزة الأمنية أن مواقع التواصل الاجتماعي تستخدمها بعض الجهات المتشددة من أجل التحريض والتآمر وتجنيد العملاء، ولهذا يجب دفع الجواسيس لصفحاتها، والجدير بالذكر أن هذه الظاهرة من الظواهر التي تعتبرها الوكالة سرية للغاية وهي متابعة المواقع الإلكترونية، ولكن لما يحمله موقع الفيس بوك من صيت عالي في العالم هذه الأيام فقد تم الإفصاح عن هذا القطاع الجديد الخاص بهذا الموقع خصيصا. وكانت صحيفة فرنسية نشرت في وقت سابق ملفا واسعا عن موقع "الفيس بوك" مؤكدة أنه موقع استخباراتي إسرائيلي مهمته تجنيد العملاء والجواسيس لصالح تل أبيب، وتضمن الملف الذي نشرته مجلة "لوما غازين ديسراييل" معلومات عن أحدث طرق للجاسوسية تقوم بها كل من المخابرات الإسرائيلية والمخابرات الأميركية عن طريق أشخاص عاديين لا يعرفون أنهم يقومون بمثل هذه المهمة الخطرة يعتقدون أنهم يقتلون الوقت أمام صفحات الدردشة الفورية واللغو في أمور قد تبدو غير مهمة، وأحيانا تافهة أيضا ولا قيمة لها. هذا في وقت كان كشف تقرير لمركز سيمون فيسنتال عن أن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي على الانترنت مثل (الفيس بوك) "Facebook" و(تويتر) "Twitter" و(يوتيوب) "YouTube" من قبل الجماعات المتشددة أو جماعات تحض على الكراهية زاد بحوالى 20 بالمئة على مدى العام المنصرم. وكشفت الدراسة التي اعتمدت على أبحاث اجراها المركز ومعلومات من الجمهور عن أكثر من 11500 شبكة اجتماعية وموقع الكتروني ومنتدى ومدونة تروج للعنف ومعاداة السامية والخوف من المثليين وموسيقى تحض على الكراهية و"الارهاب" ارتفاعا من عشرة آلاف قبل عام. وقال الحاخام ابراهام كوبر العميد المساعد للمركز الذي اجرى ابحاثا حول الكراهية على الانترنت منذ 1995 "الارقام من المرجح ان تكون ... أضعاف ذلك... يجب أخذ هذا الرقم على انه تقريبي." وقالت الجماعة الحقوقية إن المتطرفين يروّجون ايضا بقوة على الانترنت لفكرة العمل بشكل منفرد او ما يطلق عليه "الذئاب الوحيدة" بدلا من العمل ضمن جماعة. وذكر كوبر في مؤتمر صحافي أمثلة للكراهية على الانترنت تتضمن اشرطة فيديو لمتطرفين يسعون إلى استمالة مجندين وتبين كيفية صنع عبوات ناسفة بدائية. وتراوحت الالعاب على الانترنت من قصف الناجين من زلزال هايتي الى اطلاق النار على مهاجرين غير شرعيين ومثليين جنسيا. وقالت كارولين مالوني العضو في الكونغرس الاميركي من نيويورك للصحافيين "في حين يجري تعليم الاطفال أن (العصي والحجارة قد تكسر عظامك لكن الكلمات لن تضر بك أبدا).. فان هذا ليس صحيحا دائما... يبدأ الارهاب والتعصب بالكلام لكنهما يتحولان الى أفعال." مع العلم أن إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش كانت اقترحت منح مكتب التحقيقات الاتحادي (FBI) سلطات واسعة لتتبع بريد أي شخص يجري التحقيق معه بشأن الإرهاب. كما أن بداية هذا الشهر شهد حدثا لافتا تمثل برفع الحظر عن أفراد الجيش الأميركي ووزارة الدفاع باستخدام المواقع الاجتماعية على شبكة الإنترنت، إذ أصبح بإمكانهم إرسال الرسائل القصيرة على Twitter، والتواصل مع أصدقائهم على Facebook. فالقوانين الجديدة تسمح باستخدام Facebook، وTwitter، ويوتيوب، وجميع المواقع الاجتماعية على شبكة الإنترنت، ما دام هذا الاستخدام لا يؤثر في العمليات السرية في الجيش، وهو ما قد يؤدي إلى نشاطات غير موثوقة. ويذكر أن موقع الفيس بوك الذي يسجل انضمام أكثر من مليون عضو شهريًا بدأ في طرح المعلومات المتعلقة بأعضائه علنا على محركات البحث على الانترنت مثل "غوغل" و"ياهو"، بهدف الدخول المبكر في السباق لبناء دليل إلكتروني عالمي يحتوي على أكبر قدر ممكن من المعلومات والتفاصيل الشخصية مثل السير الذاتية وأرقام الهواتف وغيرها من سبل الاتصال بالشخص، وهوايات الأعضاء وحتى معلومات عن أصدقائهم، وينضم حاليا نحو 200 ألف شخص يوميا إلى "الفيس بوك" الذي أصبح يستخدمه 42 مليون شخص، طبقا للموقع ذاته.
