أعلنت وزارة الدفاع النمساوية، أمس الثلاثاء، أن النمسا بدأت في سحب قوات حفظ السلام التابعة لها من مرتفعات الجولان المحتلة لتنهي مهمتها المستمرة هناك منذ أربعة عقود نظرا لامتداد الحرب الأهلية الدائرة في سوريا إلى المنطقة. ويتزامن انسحاب القوات النمساوية مع مشاورات تجريها روسيا من أجل إدخال تنقيحات على اتفاق فض الاشتباك الموقع بين سوريا وإسرائيل، تسمح بإحلال قواتها محل القوات النمساوية المنسحبة. وأشارت مصادر إلى أن قوات فلبينية مشاركة في مهمة بالجولان قد عبرت باتجاه الأراضي التي تحتلها إسرائيل في هضبة الجولان، استعدادا لعودتهم إلى بلدانهم، في حين بقيت بعض القوات من الهند وتشيلي في الجانب السوري. وقال اندرياس شتروبل المتحدث باسم وزارة الدفاع النمساوية في فيينا: «الدفعة الأولى التي تضم ما بين 60 و80 جنديا ستصل إلى فيينا مساء (الأربعاء)… الانسحاب بدأ بالفعل في الموقع» أمس. وشاركت القوات النمساوية في قوة فض الاشتباك التي تنظم دوريات في المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا والتي تشكلت منذ عام 1974. وكانت الحكومة النمساوية قد أعلنت الأسبوع الماضي أنها ستسحب قواتها، بعد أن اشتد القتال بين مقاتلي المعارضة السورية والقوات الحكومية مما دفع الجنود النمساويين إلى البحث عن مكان آمن. وجرح الأسبوع الماضي جنديان نمساويان بعد أن سيطر مقاتلو المعارضة لفترة وجيزة على معبر القنيطرة، قبل أن تصدهم القوات الحكومية. وقال وزير الخارجية النمساوي مايكل سبيندليجر إن النمسا ستتفاوض الآن مع الأممالمتحدة حتى يحدث تسليم منظم للفرقة التالية «إذا كان هناك واحدة»، لكنها تحتفظ بحقها في الالتزام بجدولها الزمني لسحب القوات بالكامل خلال أربعة أسابيع. وعرضت روسيا أن تحل محل النمسا في الجولان التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967، لكن الأممالمتحدة رفضت العرض لأن الاتفاق المبرم مع إسرائيل وسوريا يستبعد مشاركة الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن. وعملت إسرائيل في الآونة الأخيرة على تعزيز وجودها العسكري في منطقة الجولان المحتلة، تحسبا لارتدادات للاشتباكات الحدودية المستمرة بين قوات النظام والمعارضة، حسب قيادات في الجيش الإسرائيلي. ويرى مراقبون أن عملية تعزيز المواقع الإسرائيلية في الهضبة المحتلة، الهدف منه الاستعداد على ما يبدو لصد أي هجمات تقودها تنظيمات متشددة تقاتل داخل الأراضي السورية، ضد أهداف إسرائيلية في المستقبل. وكانت إسرائيل قد هددت باستهداف دبابات تابعة للنظام عبرت أثناء الاشتباكات التي شهدها معبر القنيطرة الأسبوع الماضي. ويقع معبر «القنيطرة» في المنطقة منزوعة السلاح في مرتفعات هضبة الجولان التي سيطرت إسرائيل على قسم كبير منها في 1967، وضمته في 1981، وهو ما لم تعترف به الأسرة الدولية، ولها أهمية إستراتيجية لقربها من العاصمة دمشق. يأتي ذلك فيما أكد الناطق الرسمي باسم الأممالمتحدة مارتين نيسيركي أن الهيئة تبحث عن بديل لجنود حفظ السلام النمساويين، مشددا على أن استمرار حضور قوات حفظ السلام الأممية «ضرورة حيوية» لضمان الأمن في هذه المنطقة التي تشهد اشتباكات مسلحة بين القوات السورية والجماعات المسلحة المناهضة للحكومة في دمشق. يذكر أن المجموعة النمساوية التي تستعد حاليا للانسحاب من الجولان هي الأكبر عددا منذ إنشاء قوات الفصل في الجولان عام 1974. وكانت الأممالمتحدة قد عارضت المقترح الروسي بإرسال قوات إلى المنطقة، نظرا إلى أن اتفاقية فصل القوات في الجولان تمنع الدول دائمة العضوية في الأممالمتحدة من المشاركة في قوات حفظ السلام الأممية في المنطقة.