استعاد عشرات العناصر من شرطة مكافحة الشغب السيطرة على ساحة تقسيم في اسطنبول، مركز الحركة الاحتجاجية ضد حكومة رجب طيب اردوغان والتي تهزّ تركيا منذ 12 يوما. فيما وصف جورسال تكين نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية، الحركة الاحتجاجية في بلاده بأنها «ثورة على الأردوغانية»، وقال:«لا يمكن لنا أن نشبّه ما يجري في ميدان تقسيم بما جرى في ميدان التحرير، ولا يمكن أن نصف الوضع في تركيا بالوضع في دول الشرق الأوسط، فالحراك في تونس ومصر يختلف عن تركيا التي عاشت حقبات طويلة من أجل إرساء أسس الديمقراطية منذ عدة عقود». وأضاف: « فقط هي ثورة على العقلية الأردوغانية التي تستمد قوة استمرارها من منع كل شيء، مثل منع الكحول … وتطاوله على المذاهب الأخرى بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وتحويل الحكم البرلماني في تركيا إلى حكم الرجل الواحد ومحاولة جمع كل الصلاحيات بيده، جميع هذه السلبيات أدت إلى انفجار الوضع في جميع أنحاء البلاد». وحث أردوغان على «ترك العناد والانصياع لمطالب المعتصمين وإلا سيتضرر الاقتصاد التركي ومعه تركيا». واقتحمت الشرطة المدعومة بمدرعات مجهزة بخراطيم المياه الحواجز التي أقامها المتظاهرون على بعض الجادات المؤدية لساحة تقسيم وفرقوا المتظاهرين مستخدمين الغاز المسيل للدموع. وبمجرد انتشار الشرطة في وسط الساحة قاموا بتفريق مئات الشبان المجهّزين بالأقنعة الواقية من الغاز إلى الطرقات المجاورة، إلا أن المتظاهرين ردوا برشقهم بالحجارة وبالزجاجات الحارقة. وكانت المواجهات لا تزال مستمرة قبيل الظهر في المكان حيث تبعد الشرطة المتظاهرين باستمرارمن خلال استخدام القنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي الصغير أوخراطيم المياه. وفرض طوق أمني حول التمثال بوسط الساحة التي أزيلت منها الخيم وعدد كبير من الأعلام التي وضعت فيها منذ عدة أيام. إلا أن الشرطة لم تتحرك في المقابل في اتجاه حديقة جيزي المحاذية للساحة حيث نصب المئات من المحتجين خياما. وأكد حاكم اسطنبول حسين افني موتلو أن العملية لا تهدف إلى طرد المتظاهرين من الحديقة. وقال إن «هدفنا هو إزالة اللافتات والرسوم من الساحة، ليس لدينا هدف آخر». وأضاف «لن نمسّ بأي حال من الأحوال حديقة جيزي وتقسيم ولن نمس بكم على الاطلاق. اعتبارا من هذا الصباح إنكم بعهدة أشقائكم الشرطيين» داعيا المتظاهرين إلى «البقاء بمنأى عما يمكن أن يرتكبه» عناصر يسعون إلى الاستفزاز. من جهته أعلن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في خطاب ألقاه في البرلمان في أنقرة أن التظاهرات التي تهزّ تركيا أسفرت عن سقوط أربعة قتلى هم ثلاثة متظاهرين وشرطي. وقال أردوغان متحدثا أمام نواب حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أن «ثلاثة شبان وشرطيا قتلوا في الاحداث». وقد نشرت جمعية أطباء تركيا بيانا أكدت فيه الحصيلة التي أشار إليها رئيس الوزراء. والقتيل الرابع هو عامل في السادسة والعشرين من العمر أصيب برأسه خلال تظاهرة في العاصمة أنقرة، وقد أعلنت وسائل الاعلام مقتله في الأيام الماضية. وقال إن الأحداث التي تحوّلت إلى «موجة من العنف»، لا يمكن اعتبارها قتالا من أجل حقوق ديمقراطية، بل إن كل الاحتجاجات التي شهدتها أرجاء البلاد « تختبئ وراء تحركات غيزي (في تقسيم)». واتهم بعض الجهات بإساءة فهم خطط نقل الأشجار من الحديقة بدلاً من قطعها، من أجل الفوز بدعم المحتجين، قائلا إن العنف الحاصل هو «قناع لتغطية أعمال غير شرعية». وتقدّم بالشكر إلى حاكم اسطنبول وقائد الشرطة على تدخّل الشرطة في الميدان. وقال «أناشد المحتجين من أجل البيئة وأن يتنبهوا لإستغلال احتجاجاتهم من قبل سيئي النوايا. البعض يحاول الإضرار بمكانة تركيا في الساحة الدولية». وقال إن أي احتجاج يستهدف استقرار تركيا ليس سلمياً ونحن لن نسمح به. كما أعلن نائب رئيس الحكومة التركية بولنت أرينتش، أن أردوغان سيلتقي مجموعة من منظمي احتجاجات ميدان «تقسيم». ولم يحدد المجموعة بالضبط، وقال إن تلك «المظاهرات غير الشرعية» لن «يسمح بإستمرارها بعد اليوم» في تركيا. وجاءت ردود الفعل الدولية مباشرة بعد اقتحام الشرطة لميدان تقسيم في إسطنبول، حيث طالب حزب «اليسار» الألماني المعارض الحكومة الألمانية بإنهاء دعمها لما وصفه ب«نظام حزب العدالة والتنمية السلطوي». وقالت المتحدثة باسم الكتلة البرلمانية للحزب، سيفيم داجديلين، في برلين: «يتعيّن وقف التعاون الشرطي والمخابراتي والعسكري مع أردوغان فورا». واعتبرت داجديلين تصدي الشرطة للمتظاهرين لإخلاء ميدان تقسيم استفزازا من أردوغان، وقالت: «هذا يهدّد بمذبحة منظمة بين المتظاهرين». وطالبت داجديلين الحكومة الألمانية باستدعاء السفير التركي وقالت: «يتضح باستمرار أن ما يهم أردوغان فقط هو ترسيخ حكم استبدادي في تركيا». ومن ناحية أخرى، ناشد حزب الخضر الألماني المعارض مواصلة المحادثات حول انضمام أنقرة للاتحاد الأوروبي.