التطورات التي شهدها اليمن مؤخراً، وآخرها مصرع صالح الصماد، رئيس ما يسمى المجلس السياسي الأعلى، الذي تتحكم فيه جماعة الحوثي، تزامناً مع نجاحات عسكرية كبيرة لقوات الجيش الوطني والمقاومة في أكثر من جبهة، وبالذات في الساحل الغربي وصعدة والبيضاء، تؤكد أن نهاية الانقلاب قد اقتربت، إذ إن مقتل الصماد يعد مؤشراً لحالة الارتباك في صفوف الانقلابيين في الأشهر الأخيرة، حيث كان في مهمة لحشد مقاتلين جدد، بعد أن منيت الجماعة بخسائر كبيرة في جبهات القتال، خاصة مع دخول معادلات جديدة في الحرب تمثلت في المقاومة الوطنية بقيادة طارق محمد عبدالله صالح، التي تمكنت من تحقيق إنجازات لافتة على الأرض خلال الأيام القليلة الماضية. مصرع الصماد يؤكد أن الانقلاب بدأ يتآكل من الداخل، وأن الأهداف المرسومة من قبل التحالف العربي تسير وفق المخطط لها، خاصة وأنه كان المطلوب رقم 2 على قائمة التحالف، حيث لعب دوراً سياسياً وعسكرياً لصالح الانقلاب وإطالة أمد الحرب، وكان واحداً من القيادات التابعة لجماعة الحوثي التي تخلصت من الرئيس السابق علي عبدالله صالح في الرابع من ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي. ارتبط الصماد، شأنه شأن الكثير من القيادات الحوثية المتشددة بإيران، حيث رأس أول وفد سافر إلى طهران بعد انقلاب الجماعة على الرئيس عبدربه منصور هادي، ووقع معها عدة اتفاقيات اقتصادية، وأخرى تخص تسيير رحلات جوية من وإلى صنعاء بمعدل 28 رحلة أسبوعياً، في وقت لم تكن هناك أي علاقات من هذا النوع بين صنعاءوطهران، ما يعني أن الجماعة كانت تعد لفتح اليمن أمام تدفق الأسلحة الإيرانية تحضيراً لمرحلة ما بعد الانقلاب. بمصرع الصماد فقدت الجماعة توازنها، وظهر ذلك جلياً في الكلمة الضعيفة التي ألقاها قائد الانقلاب عبدالملك الحوثي، إذ شعر بأن الدائرة بدأت تضيق عليه وعلى جماعته، والدليل على الارتباك الذي ساد صفوف الجماعة إعلان الحوثي عن تعيين رئيس جديد للمجلس السياسي الأعلى، وهو مهدي المشّاط، من دون التشاور مع بقية الأطراف السياسية المتحالفة معه، إذ إن المشّاط كان مدير مكتب عبدالملك الحوثي، ويصنف بأنه يمثل الجناح الأكثر تشدداً داخل الحركة الموالية لطهران. تفتح التطورات اللاحقة لمصرع الصماد الباب لمزيد من الانهيارات في صفوف جماعة الانقلاب، حيث تأكد لليمنيين أن مشروع هذه الجماعة العصابة، يتقاطع مع مصالحهم في الاستقرار والتعايش مع جيرانهم، وتكشف السياسة التي تتبعها الجماعة من حيث استغلال موارد البلاد لصالحها، وزج الشباب وصغار السن في جبهات القتال، أنها ليست في وارد البحث عن حلول للأزمة التي يعيشها اليمن كمحصلة لما أقدموا عليه من انقلاب على الشرعية، بل إن الهدف الأساسي لهم يكمن في إبقاء اليمن رهينة لمشروع مرتبط بمخطط إيراني واضح المعالم، ويريدون فرضه على اليمنيين بقوة السلاح، وهو ما لن يتحقق أبداً.