يعجز اللسان في وصف حجم الحزن الذي خيم على قلوبنا ومدى الخسارة الكبيرة التي نشعر بها برحيل اخ وزميل عزيز الا وهو فقيد الصحافة اليمنية الراحل محمد أحمد السياغي الذي ودع الدنيا الفانية الى دار الخلود تاركا لنا رصيد زاخر من الإنجازات الصحفية التي تخلد ذكراه في الصحافة اليمنية بجانب ذكريات لا تنسى على المستوى الشخصي لترافقنا معا في مهنة المتاعب على مدى اكثر من عقدين من الزمان رغم التحاقه بالعمل بوكالة سبأ بعد التحاقنا بها بأربعة أعوام تقريبا سيما والجميع يعرف خصوصية علمنا في الوكالة والصحافة بشكل عام والتي تجعلنا نعايش زملاءنا اكثر من معايشتنا لأفراد اسرنا. ولا ادري من اين يمكن الحديث عنه هل من زاوية الكفاءة الصحفية التي مكنته من يكون الصحفي المتكامل الذي يجيد التعامل وبتميز مع مختلف الفنون الصحفية (تغطيات خبرية_ تقارير _ تحقيقات _ حوارات) أو المندوب الصحفي الناجح الذي سرعان ما يؤسس علاقات قوية في كل الجهات التي انتدب فيها ولايسمح لأي عائق أن يقف في طريقه أو تأسيسه للبنات الأساسية للصحافة المتخصصة في الوكالة في تخصص صعب وهو الإعلام القضائي وتغطياته المتميزة على مدى عدة سنوات لأخبار المحاكمات سيما محاكمات العناصر الإرهابية والجميع يدرك صعوبة مثل هذه التغطيات لان الصحفي ينبغي بقدر حرصه على صياغة الخبر بأسلوب مهني ووفقا للعناصر الخبر المعتادة فعليه ان يلتزم بمضامين ودقة كل مفردة في الخبر وفقا للتوصيف القضائي .. أم قدراته المهنية العالية التي كانت تمكنه من التغطيات الكبرى للندوات والفعاليات السياسية والمؤتمر الصحفية والوطنية بجانب مهاراته الصحفية كمدير تحرير متميز في مراجعة واجازة الاخبار في وقت قياسي وبكل دقة واحتراف. أم علينا ان نتحدث عنه من زاوية الموظف المثالي الذي عمل بكل تفان وإخلاص وصمت ونكران ذات وكان انموذجا في الانضباط الوظيفي والدقيق في الحضور والانصراف في مواعيد دوامه حتى في الاجازات والاعياد الوطنية والدينية سواء في الظروف الاعتيادية ام الظرف غير العادية ومنها أثناء حرب 94 أو أثناء احداث الازمة التي شهدها الوطن في العام 2011 ليس ذلك فحسب بل وكان ضمن قلة من الصحفيين الذين بادروا طواعية للعمل في وكالة مصغره استحدثت عقب تعرض وكالة سبأ للضرب والتخريب والنهب أثناء الاحداث المؤسفة التي شهدها حي الحصبة خلال الازمة وكللت جهودهم بالنجاح في ان تظل خدمات سبأ الإخبارية تقدم لكل وسائل الاعلام في تلك الظروف العصيبة واستمرت كذلك الى وقتنا الراهن . أم نتحدث قبل كل ذلك على سجاياه الإنسانية النبيلة وما عرف عنه طوال حياته من نبل أخلاق مكنته من بناء صداقات حميمة مع كل زملائه مما جعله محل حب واحترام الجميع، بجانب مناقبه في حب الخير لكل زملائه وخلو قلبه من الحسد والحقد الامر الذي جعل كل زملائه يعرفونه دوما بالشخص المتفائل الذي لا تغادر الابتسامة شفتيه الا ما ندر. كما لا يمكننا اغفال ميزة أخرى لفقيدنا الراحل وهي أنه كان صحفيا مستقلا وانتمائه هو لحزبه الكبير "اليمن" الذي كرس قلمه من اجل خدمته والدفاع عن قضاياه ومهنته للبحث عن الحقيقة وتقديمها بحيادية للجمهور دون ان يلقي بالا في أي وقت من الأوقات للمكايدات الحزبية والمهاترات التي كان ينساق وراءها بعض الزملاء المتحزبين في الوسط الصحفي اليمني في مختلف مراحل التجاذبات السياسية التي مر بها الوطن خلال العقدين الماضيين. ولذلك لم نعتاد منه تعصبه لرأي أو تشدده لموقف أو انسياقه وراء أي مهاترات وكل تلك السجايا مكنته من بناء علاقات صداقة متينة مع زملاء و سياسيين ومثقفين من مختلف الوان الطيف السياسي وجعلته محل احترام الجميع. ولهذا فقد أحترت ماذا يمكن أن اتحدث به عن فقيدنا الراحل ومن أي زاوية يمكن التعريف به لمن لم يعايشه ولكني أثق أن بقية الزملاء لديهم الكثير عنه ونأمل ان يدونوه كتابيا لنتمكن من ضمها في كتيب عن حياته نسعى لإصداره لاحقا ليظل مخلدا في الوجدان ومحطة هامة يتوقف عندها كل صحفي للاستفادة منها. نسأل المولى عز وجل أن يمن عليه بالرحمة والمغفرة ويسكنه فسيح جناته .. أنه سميع مجيب.