بالإجماع كان تصويت أعضاء مجلس الأمن ال15 على القرار 2140 الخاص بتحديد عقوبات على معرقلي الانتقال السياسي في اليمن. وبالإجماع كان تصويت أعضاء مجلس الأمن من قبل على القرارين 2014 و2051 المتعلقين بدعم التسوية السياسية وتعزيز المبادرة الخليجية برعاية دولية ومرجعية أممية؛ وهو ما يجعلنا نفخر أننا وحّدنا العالم أجمع. ونفخر أن مجرد ذكر اسم اليمن في أروقة الأممالمتحدة يكون كفيلاً بإذابة جليد الخلافات بين واشنطنوموسكو وليس بمستبعد أن السنوات القادمة تشهد تحوّلاً في المكان المفضّل لعقد لقاءات الرئيسين الأمريكي والروسي فيتم اختيار صنعاء بدلاً عن جنيف. قد يكون ذلك من باب الطرافة؛ لكن في كل الأحوال هناك نتيجة واحدة لهذا الإجماع الدولي بالنسبة للملف اليمني، وهي أن المجتمع الدولي لن يسمح لأي طرف بتجاوز الخطوط الحمراء والمساس باستقرار اليمن الذي يمتلك موقعاً استراتيجياً ويمتلك فرصاً استثمارية واعدة. قبل سنوات كنّا نلحظ تحرُّكاً بطيئاً لبريطانيا في الشأن اليمني؛ حتى إن مواقف لندن كانت توحي كما لو أن المملكة المتحدة العظمى لاتزال تحن فقط لعدن والمحميات المجاورة بعيداً عن أي ارتباط بصنعاء, أما اليوم فنلمس عملياً تحركات بريطانية متسارعة بالنسبة للملف اليمني؛ وكان آخر تجليات ذلك في تقديمها مشروع القرار الأخير وترحيبها به كأول دولة عقب صدوره بدقائق, وهو ما يعني أنها تحجز مكاناً لها ولمصالحها الحيوية في إطار يمن فيدرالي موحّد وبعينين هما صنعاء وعدن وليس بعين واحدة. كما أن روسيا والصين اللتين طالما اختلفتا وتحفظتا وامتنعتا وعارضتا قرارات لمجلس الأمن تتبنّاها أمريكا وحليفاتها الأوروبيات باستثناء ما يختص باليمن؛ حيث لا يهم موسكو أو بكين أن القرار صاغته بريطانيا أو أمريكا طالما أنه يصب في مصلحة واحدة لليمن وللمجتمع الدولي. فالكل مُجمع على العمل سوياً للحيلولة دون انحدار اليمن إلى هاوية الصراعات والحرب الأهلية، والكل يدرك أن هذا البلد يكتنز في باطنه وعلى ظهره خيرات وثروات واعدة تبشّر بمستقبل زاهر، وأنه مثلما ارتضى خيار الفيدرالية لشكل الدولة فسيكون فيدرالياً بالنسبة لتعايش مصالح الأطراف الدولية المؤثرة جميعها ولن تنفرد به قوة دولية بعينها. وحقيقة لم أكن أشأ أن أراهن على المجتمع الدولي أو أبرّر لما يحلو للبعض من باب المزايدة أو القناعة ربما أن يدرجه في خانة التدخلات أو الوصاية, لكني أعتقد أننا لم نعد بحاجة لأن نزايد على بعضنا البعض, علينا أن نعترف أننا فشلنا كلياً أو جزئياً في إدارة خلافاتنا بصورة ذاتية وراقية, وأننا نحتاج إلى مساعدة أولئك الذين يمضون قدماً لتسوية الملعب السياسي والأمني والاقتصادي وغيره بعد أن فشل سياسيونا ومالكو قوتنا وثرواتنا وحتى ضمائرنا.