فيما يعتبر خطوة نادرة في وقت مبكر من المحاكمات البريطانية، على حد وصف صحيفة ال"غارديان Guardian" البريطانية، قام القاضي روبرت جاي بمخاطبة هيئة المحلفين في محكمة ساوث وارك الملكية مباشرة، عقب انتهاء المرافعة الافتتاحية لممثل الادعاء عن مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الكبرى SFO البريطاني، وذلك في قضية بنك باركليز المتهم فيها رئيس الوزراء القطري السابق الشيخ حمد بن جاسم. وأشار المراقبون إلى أن القاضي البريطاني، روبرت جاي، الذي ينظر القضية المتهم فيها أيضاً 4 من كبار المصرفيين في بنك باركليز، اضطر للقيام بهذه المداخلة النادر حدوثها في هذه المرحلة من سير جلسات القضية، التي يتوقع أن تستمر لمدة 6 أشهر، لأن ممثل الادعاء إد براون، على الرغم من كل ما أورده من قرائن وأدلة تدين الجانب القطري سواء الجهة الرسمية أو الأفراد من المستثمرين، لم يقم بإدراج أي منهم في قائمة المتهمين أو الشهود. ومن المرجح أن تأخذ محاكمة 4 من كبار المصرفيين السابقين في بنك باركليز منحى جديدا، حيث إن القاضي خاطب هيئة المحلفين قائلاً: "إن المستثمرين القطريين (الطرف الثاني) في اتفاقي خدمات استشارية "مزيفة"، كانوا "بلا شرف" مثلهم مثل المتهمين الأربعة الجاري محاكمتهم حالياً"، بحسب ما نشره موقع "This is Money" الحائز على جائزة أفضل موقع اقتصادي إلكتروني في بريطانيا. أدلة الاشتراك في الجريمة جاءت المداخلة بعدما أورد براون الكثير من تفاصيل التحايل والتلاعب بغرض الكذب والتدليس بغرض تحقيق مكاسب غير شريفة للطرفين سواء البنك أو المسؤولين القطريين، الذين شاركوا في الجريمة إلا أنه لم يتم توجيه اتهام لأحد من الجانب القطري، وعلى رأسهم رئيس الوزراء القطري السابق آنذاك الشيخ حمد بن جاسم، حتى الآن إلى قائمة المتهمين بزعم أن المستثمرين القطريين، غير مكلفين قانوناً بتقديم إقرارات عن ذمتهم المالية للجهات البريطانية، على الرغم من أن الصفقات السرية، التي أبرمت مع الشيخ حمد بن جاسم وصندوق الثروة السيادي في قطر، كانت "خدعة". واكتفى ممثل الادعاء إد براون عن مكتب SFO بوصف المستثمرين القطريين بعدم الاحترام وعدم الأمانة فحسب، ولكن القاضي جاي قال إن المحلفين يجب أن يكونوا على يقين من أن اتفاقيتي الخدمات الاستشارية، كانتا بغرض التحايل على اللوائح والقوانين وخداع الأطراف المعنية، وأنه لم يتم تقديم أي خدمات استشارية مقابل ما تم الحصول عليها من أموال في صورة أتعاب، لكي يتم إدانة المتهمين. وينفي كل من جون فارلي (62 عاماً) وروجر جنكنز (63 عاماً) وتوم كالاريس (63 عاماً) وريتشارد بوث (60 عاماً) الاتهامات الموجهة ضدهم بالاحتيال عن طريق عقد اتفاقيات زائفة مع الجانب القطري. الطرف القطري متورط أيضاً وخاطب القاضي جاي، الذي يشرف على القضية التاريخية ضد مسؤولي بنك باركليز السابقين، هيئة المحلفين قائلاً إن ادعاءات SFO، إذا كانت صحيحة، فهي تمثل إدانة للطرف الثاني ممن تورط المتهمين في الاتفاق معهم لإتمام الصفقات المشبوهة والاتفاقيات المزيفة من المستثمرين القطريين. واستطرد القاضي جاي موضحاً: "إن المحور المركزي المطلق لقضية SFO هو أن هناك اتفاقيتي خدمات استشارية.. كانتا أداتين لتنفيذ جريمة احتيال". وأوضح القاضي: "إن الادعاء يصف الاتفاقيات بالمزيفة، لأنه لم تكن هناك نية لتقديم خدمات حقيقية بموجبها". كذب وتدليس ويتهم SFO المسؤولين السابقين في بنك باركليز بالكذب والتدليس على سوق الأوراق المالية وباقي المستثمرين الآخرين المتعاملين مع البنك بشأن دفع عمولات سرية ومبالغ إضافية إلى قطر، في إطار مساعٍ لجلب رؤوس أموال كإيداعات استثمارية في البنك تصل إلى أكثر من 11 مليار جنيه إسترليني. ويقول ممثل الادعاء إن العمولات التي بلغت 322 مليون جنيه إسترليني، تم سدادها كأتعاب عن عقد مزيف في صورة اتفاقيتي خدمات استشارية، من أجل التحايل وإخفاء طلب قطر الحصول على عمولات أكبر، انتهازاً لفرصة الاحتياج الشديد لمسؤولي البنك للحصول على ضح استثمارات في عام 2008، لتجنب خطة إنقاذ الحكومة البريطانية في ذروة الأزمة المالية. وتوجه مداخلة القاضي جاي كلا من الادعاء وهيئة المحلفين للانتباه إلى الاتفاقيتين اللتين تم عقدهما بين طرفين، بينما من يتم محاكمتهم هم طرف واحد فقط، مما يعني أنه من المنطقي أن يتم إدراج الطرف الثاني وهو الجانب القطري، سواء ككيان أو مستثمرين أفراد. توضيح وليس توجيها وقال إن منطق القضية التي يقدمها الادعاء ممثلاً في SFO هو أن المتهمين كانوا غير صريحين وسيتبع ذلك أن هناك فردا أو أكثر من الأفراد المرتبطين بالكيانات القطرية من قام "بشكل متساوٍ على حد سواء" بنفس الجرم، موضحاً "أنه لا يوجد مجال للالتفاف حول هذه النقطة". وأضاف القاضي جاي: "لا أريد أن يتم فهم ما أقوله على أنه تعبير عن أي رأي بشأن ما يقوم به SFO بطريقة أو بأخرى. ولكن كل ما أفعله هو الإشارة إلى النقطة التي يمكن أن ينطلق منها SFO لإثبات صحة فرضيته بوجود جريمة تم اقترافها". كما طالب القاضي جاي هيئة المحلفين بتجاهل ما ورد في بعض "المقاطع الصوتية" المسجلة للمدعى عليهم، بينما يتبادلون المزاح والنكات بشأن الأوضاع المعيشية الصعبة (الطعام والجنس)، التي ربما يتعرضون لها إذا تم الزج بهم في السجون. قاضٍ بلقب "فارس" سبق أن قام القاضي جاي، الذي حصل على لقب "فارس" من ملكة بريطانيا عام 2013، بالحكم برفض دعوى، في يونيو 2018، رفعها مكتب SFO ضد بنك باركليز بصفته متهماً بالاحتيال للمساعدة في تقديم قرض بقيمة 3 مليارات دولار إلى قطر، إبان قيام الجانب القطري بتحويل الدفعة الثانية من الإيداعات الاستثمارية لعام 2008.