من الأشياء الظريفة أن يقرأ الواحد منا خبراً يقول إن الإهمال والفئران أتلفا – في مستشفى الثورة العام بتعز - جهازا طبيا تبلغ قيمته 450 ألف يورو . الخبر قرأته في جريدة الثورة عدد الخميس الفائت ، وضحكت بذات القدر الذي حزنت فيه بصراحة . ضحكت لأن الفئران مش راضية تسيبنا في حالنا على ما يبدو ، وحزنت لأن "الصينيون" الذين تبرعوا ببناء المستشفى قديما لم يأخذوا في بالهم تاريخنا مع الفئران، ماجعلني أشعر بالإهانة . في أول التاريخ تمكن الفئران من هد سد مأرب و"طعفروا " بنا في كل أصقاع الأرض . وفي العصر الحديث أصبح للفئران مخالب ونفوذ ووساطات وجاه وقرارات ممهورة بدماء أناس ضحوا بحياتهم عشان يعيش إنسان اليمن برخاء ، لكن الواضح أن الرخاء -هو الآخر أيضا - ذهب إلى رصيد الفئران الجدد .. خيرة الله . دعونا من فعائل الفئران الكبيرة ، خصوصا فئران السياسة وتعالوا نضحك قليلا مع فئران هيئة مستشفى الثورة العام بتعز ، والذي زارها مطلع أبريل الجاري فريق طبي من جمعية "هامر فروم " الألمانية برئاسة البريفسور الألماني إيمانويلديس لإجراء عمليات جراحية مجانية للأطفال في إطار الخدمات الإنسانية التي تقدمها الجمعية لأصدقائها في اليمن . كان يمكن للبريفسور الألماني إيمانويلديس رئيس جمعية "هامر فورم" أن يصاب بجلطة دماغية وهو يشاهد جهاز الأشعة المتحركة التي تبرعت به جمعية "هامر فورم" سابقا - صحبة أجهزة طبية أخرى - وقد أصابه التلف، غير أن معرفته المسبقة بأن مستشفى الثورة بتعز بلا غرفة إنعاش من أصله منعه من ذلك وسلم غيضه للصحافة . في تصريحه المنشور الخميس الفائت في جريدة الثورة الرسمية قال إيمانويلديس : أن وضع المستشفى خلال السنتين الأخيرتين يمر من سيء لأسوأ بسبب الإهمال والفئران . ولا أعرف أي فئران يقصد البروفيسور؟! إيمانو عرج أيضا إلى مبنى قسم " الحروق " ويخيل لي أنه وجد فيه مايتطلب استدعاء عربة الإطفاء سريعا لإخماد حريق الدم الذي تعرض له خلال زيارته السريعة إلى قسم طبي صار – أساسا- يمنح نزلاءه " المحروقين" فرصة الموت البطيء ليس أكثر . سيستعين"ايمانو" بعربة إطفاء لإخماد حرائقه الذهنية نتيجة ماتعانيه المرافق الصحية في المستشفى الكبير، لكنه سيجد نفس المشكلة ماثلة أمامه : عربة الإطفاء في تعز هي الأخرى بلا ماء ! وهي نفس المشكلة التي يعاني منها قسم "الحروق "الذي بنته – قبل سنوات- جمعية "هامر فورم " ذاتها ، والذي بات يعاني هو الآخر الآن من الإهمال إذ تدهور المبنى – طبقا لإيمانو- بسبب الفطريات ،فضلا عن انقطاع الكهرباء والمياه بين الحين والآخر أثناء إجراء العمليات الجراحية .... خيرة الله . اللي فاكدني ومجنني في هذا الموضوع كله بصراحة هو أن الغريب القادم من آخر الدنيا في مهمة إنسانية طوعية ، قلبه على المستشفى وعلى المرضى أكثر مننا نحن اليمنيين ، في حين أنك لن تجد مسؤولاً محليا محترما يشعر بما شعر به إيمانويلديس ! ااااه يابلد.. كم نهينك .