أكد وزير الخارجية خالد اليماني، في حوار مع صحيفة «البيان»، أن الزخم الذي ولد عقب اتفاق السويد يجب أن يستمر، ولا نرى الفشل خياراً لاتفاق ستوكهولم، بحيث لن نقبل بغير السلام في اليمن، داعياً الأممالمتحدة إلى الإعلان بشكل واضح عن رفض الحوثيين تنفيذ الاتفاق ما يستدعي مجلس الأمن لفرض عقوبات صارمة قد تعيد الصواب لميليشيا الحوثي. وشدد اليماني على أن إيران تقف وراء هذا التعنت الحوثي، وأن المسرحيات التي لا تزال تمارسها الميليشيا، في قبول الاتفاق ورفض تنفيذه، لا تنطلي علينا وعلى المجتمع الدولي، معتبراً أن على الأممالمتحدة أن تتحمل مسؤوليتها في وضع حد لهذه المسرحيات من خلال موقف صارم.
وأضاف أنه لا جدوى من طرح أي مبادرات أو جولة أخرى من المحادثات، إلا في حال انسحاب مليشيا الحوثي من الحديدة، مشيراً إلى أن مبعوث الأممالمتحدة إلى اليمن مارتن غريفيت قام بخمس جولات إلى صنعاء، وكلها منيت بالفشل، ما يؤكد أن الأممالمتحدة لا تقوم بواجبها في اليمن، وهي في ورطة، وما عليها إلا الاعتراف بذلك وفضح ممارسات الحوثيين. نص الحوار:
مرَّ شهران ونصف الشهر على اتفاق السويد دون تنفيذ الحوثيين الاتفاق، هل يمكن أن نطوي صفحة الاتفاق أم أن الآمال ما تزال قائمة لتنفيذه؟
صلب المشكلة في مسار عملية السلام في اليمن، يكمن في التدخلات الإيرانية ودورها في تعنت الميليشيا الحوثية، ورفضها تنفيذ التزاماتها فيما يتعلق باتفاق الانسحاب من الحديدة وتبادل الأسرى، فالعصابات الانقلابية لا تعترف بالقانون الدولي، فهي تستخدم كل يوم لغة وتختلق أعذاراً جديدة من أجل عرقلة عملية السلام والهروب من الالتزامات المفروضة عليها، إيران هي من تحرض الطرف الانقلابي على زيادة التحشيد العسكري في منطقة البحر الأحمروالحديدة، وعلى زيادة التواجد العسكري، والرغبة في عدم الانخراط الفعلي لتنفيذ مخرجات ستوكهولم، فالميليشيا الحوثية تتعمد حرف الأنظار عن تعطيلها تنفيذ اتفاق السويد وإفشال جهود الأممالمتحدة لإنقاذ عملية السلام، وتحدي المجتمع الدولي والتسبب في استمرار معاناة اليمنيين جراء الحرب التي فجرتها.
ميليشيا الحوثي الإيرانية تسعى إلى تعزيز وجودها في مدينة الحديدة المطلة على البحر الأحمر غربي اليمن، على الرغم من اتفاق السويد الذي ينص على ضرورة انسحابها من المدينة ومينائها، لا يمكن الوصول لسلام مستدام ما لم يلتزم الحوثيون بالعمل مع المجتمع الدولي للوصول إلى حل سلمي، لكن الحمد لله هذه الممارسات لن تثنينا عن مساعينا الدائمة في مواصلة المشوار لتحقيق السلام، فلن نقبل بغير السلام في اليمن.
ألا تعتقدون أن إطالة عمر الأزمة في صالح الميليشيا التي تواصل التحشيد في الحديدة؟
أكيد أن الميليشيا دائماً تستغل فرص السلام لإعادة ترتيب نفسها من جديد، لكن هذه المرة سنقف لها بالمرصاد، بحيث انكشفت كل ألاعيبها أمام المجتمع الدولي بعد مسرحية تسليم ميناء الحديدة للحوثيين أنفسهم، إضافة إلى محاولة استهداف الرئيس السابق للجنة التنسيق والمراقبة الأممية الجنرال الهولندي باتريك كاميرت في الحديدة، فالأكيد هذه المعطيات في غير صالح الحوثيين الذين أثبتوا للعالم أنهم يخدمون مصالح إيران في المنطقة، ويريدون تعطيل مسار اتفاق الحديدة وربح الوقت على غرار ما فعلته إيران خلال مفاوضاتها مع الدول 5+1 في الاتفاق النووي حيث عملت العديد من الجولات عبر عدد من السنوات للوصول إلى توقيع الاتفاق النووي مع الدول الكبرى، هذه هي استراتيجية إيران الثابتة في الحوار والتفاوض، والتي يسير على نهجها الحوثيين وهذا ما حدث في ستوكهولم.
طهران تريد من الحوثيين السير على نهجها لتعطيل تنفيذ الاتفاق فالميليشيا الحوثية امتنعت حتى الآن عن تسليم الأسرى وتسليم خرائط الألغام التي زرعتها في المنطقة، وتصر على عدم إزالة الألغام من مناطق إعادة انتشارها، ما يؤكد نيتها في البقاء بالحديدة.
الأممالمتحدة لم تقم بواجبها في اليمن ولا تريد أن تتحمل مسؤوليتها ولا تريد أن تقول إن ميليشيا الحوثي معيقة للسلام في اليمن، المبعوث الأممي مارتن غريفيث مطالب بالتعامل بحزم مع الميليشيا الحوثية الإيرانية، وعدم إضعاف موقف الأممالمتحدة في اليمن، وليس تلبية رغبات الميليشيا واستمرار ممارساتها المهدمة للسلام، فلقد قام ب5 جولات إلى صنعاء للقاء الحوثيين وإقناعهم بالسلام، لكن كل هذه الجولات باءت بالفشل، ما يؤكد أن الأممالمتحدة لا تقوم بواجبها في اليمن.
ميليشيا الحوثي ترفض السلام وتعيق تنفيذ اتفاقية السويد وعلى الأممالمتحدة الخروج علانية للكشف عن الطرف الذي يقوض عملية السلام ويواصل نهب مقدرات الشعب اليمني.
الأممالمتحدة بطبيعتها دائماً تعتمد على منهج المقاربة والتقريب، لذلك هي لا تعمل على إظهار الطرف المعرقل وهذا راجع لسياسيتها، فالتطورات والظروف التي يمر بها اليمن تقتضي تمكين الحكومة من القيام بوظائفها الدستورية، والضغط على المليشيا المتمردة للاحتكام للقرارات الدولية، والتنفيذ الكامل لاتفاق ستوكهولم، ومن ثم استئناف المشاورات السياسية على أساس المرجعيات الثلاث.
ضغوطات خارجية
هناك حديث عن ضغوطات دولية لإجراء جولة أخرى من المحادثات مع الحوثيين لإنقاذ عملية السلام في اليمن؟
لن نقبل أي جولة أخرى مع الحوثيين إلا بعد تنفيذ اتفاق السلام، وهذه الرسالة تم إيصالها للأمم المتحدة وقد قبلتها في سياق علمها أن الوضع لا يستدعي الرضوخ لمزيدات الحوثيين، الأممالمتحدة والمبعوث الخاص ورئيس فريق الرقابة الأممية والمجتمع الدولي برمته شاهد على تلاعب الميليشيا الحوثية وتنصلها من تنفيذ اتفاق السويد وإعادة الانتشار في الحديدة، وآخرها امتناعها الاثنين الماضي عن الشروع في تنفيذ الخطوة (أ) من المرحلة الأولى والانسحاب من مينائي الصليف ورأس عيسى، كما أن الحكومة الشرعية لم تتمكن حتى الآن من تنفيذ ما جاء في اتفاقية ستوكهولم من قرارات لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، وتحويل الحديدة إلى منصة لوصول المساعدات الإنسانية، فاليوم الأممالمتحدة مطالبة بصياغة بيان رسمي تؤكد فيه أن ميليشيا الحوثي ترفض تطبيق اتفاق السويد، ما يستدعي عقد اجتماع لمجلس الأمن وفرض عقوبات صارمة على هذه الميليشيا ما قد يجبرها على تنفيذ خطة السلام بحذافيرها.
تحبيذ خيار السلام
لكن الا ترون أن اللجوء إلى الخيار العسكري كونه حلاً أخيراً من شأنه إجبار الحوثيين على تغيير نهجهم؟
لا نرى الفشل خياراً لاتفاق ستوكهولم، لن نقبل إلا بمسار السلام في اليمن، فلا يجب تضيع فرصة السلام، فالزخم الذي تولد بعد اتفاق السويد يجب أن يتواصل، فعلى الأممالمتحدة مواصلة الضغوط واستخدام كل الأدوات الكفيلة بقبول الطرف الانقلابي بمبدأ الخروج من الموانئ وتسلميها للسلطات المحلية، حينها يمكن أن نقول إن هناك فرصة لبناء السلام عن طريق تجربة إجراءات بناء ثقة تدريجياً، فيجب أن نحافظ على النسق العالي لجهود السلام، واستمرارها لضمان توصل مخرجات ستوكهولم إلى حل شامل للأزمة مبني على المرجعيات الثلاث، والذي يحقق السلام المستدام في اليمن.