كل شيء جائز، بما في ذك الكتابة عن السياحة في زمن الانفلات والتناحة.. مالها السياحة ما دام عندنا حقيبة يحضر وزيرها اجتماعات الحكومة، وعندنا مجلس للترويج ووكالات سفر، بينما ضمار ورأس مال الجميع تفويج المسئولين السياحيين إلى معارض خارجية على حساب الدولة، وتفويج المعتمرين والحجاج إلى مكة وبيت الله والمدينة، حيث سيد المرسلين. · ولأن الشيء بالشيء يُذكر، اتصل بي قارئ غيور يعمل في إحدى وكالات السفر، معقباً على تحية الأمس السياحية، ومشيراً إلى الكثير مما يجب قوله عن السياحة في بلد تريد حكومته أن تبقى حكومة تسوّل، ويريد البرلمان أن يبقى مجلساً للموافقة على قروض تثقل كاهل الأجنة في أرحام أمهاتهم. · أرضنا مادة خام لمجمل الأشكال السياحية.. شاطئ يمتد على مسافة ألفين وخمسمائة كيلو متر، وجزر عذراء منها ما يأخذ الألباب.. تنوع في التضاريس والمناخ والثقافة والعمارة، وكلها تصلح لإعلان خارطة سياحية مدهشة. · أما المشكلة فهي أنه لا يساوي جمال اليمن السياحي إلا كثرة الإعاقات، ابتداء بعوائق أمنية لا يتجاهلها إلا مغامر.. مروراً بالقصور في الخدمات، وانتهاء بمظاهر تنفِّر السائح، وربما جعلته يطلق المفردة الهوليودية الناقمة "اللعنة". · ولو كان عندنا حكومة تمتلك أفقاً واسعاً في التفكير لكان لديها أولوياتها الاقتصادية، كالتركيز على قطاعي الأسماك والسياحة وتحويلهما إلى صناعة محترمة، بعد أن تكون ترجمت الوفاق إلى حالة أمنية تحيط باستثمارات سياحية في الخدمات والنقل والمواصلات. من يريد أن تكون عنده سياحة لا بد أن يأخذ في الاعتبار فهم السائح ونضجه ومعرفته بالذي يريده مقابل ما يدفعه من المال طلباً للسياحة. · ولو كانت الحكومة تجيد القراءة لأدركت معنى أن النشاط السياحي في العالم يستقطب قرابة المليار نسمة سيصلون في العالم 2020 إلى المليار والنصف، وأنه حتى الفئة الثالثة من الدول السياحية تستقطب ما يزيد عن عشرين مليون سائح في العام، بينما ما نزال عاجزين عن حماية الأجانب العاملين المحصنين بالحماية، فكيف بالسائح؟ · لن يكون عندنا أي أفق اقتصادي محترم دون استغلال فترة الانشغال بالمهمات ذات الطابع الأمني لتطوير البنية السياحية وتشجيع الاستثمار فيها.. فنادق ومرشدين يجيدون اللغات.. حمامات عامة لا تزكم الأنوف.. وضوح مع السائح.. مظهر لائق، وحتى الابتسامة. · وكما أن السائح غير ملزم بزيارة بلد وهو محاط بالطقوم، فهو أيضاً لا يتحمل مرافقاً تلفّه الكآبة والتكشيرة لمجرد أنهم ضحكوا عليه في سوق القات.