وصل الرئيس المصري محمد حسني مبارك أمس إلى الجزائر في زيارة تعتبر حدثا في سياق ما شهدته علاقات البلدين من شد "عنيف" خصوصا على المستوى الإعلامي على خلفية تنافس شديد بين منتخبي البلدين لكرة القدم على ورقة التأهل لنهائيات كأس العالم 2010 الأمر الذي كانت له أصداء سياسية وخصوصا تبعات اقتصادية تمثلت في الصعوبات التي أصبحت تعرفها بعض الشركات الاستثمارية المصرية في الجزائر وعلى رأسها شركة "أوراسكوم" العاملة في مجال الاتصالات. كما أثرت "الحرب الاعلامية" بين الطرفين على انسياب حركة البشر بين البلدين حيث اشتكى جزائريون مضطرون للعمل والدراسة بمصر مما أسموه "مضايقات" من المصريين بينما تحدثت وسائل إعلام جزائرية عن رفض طلبة جزائريين العودة إلى مصر لاستئناف الدراسة. وحرصت مصادر رسمية على إبراز الطابع المجاملاتي لزيارة مبارك إلى الجزائر، خصوصا في ظل تزامنها مع فقد الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة شقيقه مصطفى، الأمر الذي شرّع لوسائل إعلام لتقول إن مبارك جاء إلى الجزائر معزيا، وهو ما ناقشه ملاحظون رفضوا فصل الزيارة عن بعدها السياسي المتمثل بالسعي إلى المصالحة بين البلدين بعد أن لاحت أضرار اقتصادية جلية جراء فتور العلاقات. وكان الرئيس المصري بعث السبت برقية تعزية للرئيس الجزائري عبّر له فيها عن "خالص عزائه" بوفاة شقيقه، كما بعث وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط رسالة مماثلة. واستقبل الرئيس المصري حسني مبارك في مطار هواري بومدين الدولي بالجزائر من قبل نظيره الجزائري عبد العزيز بوتفليقة. وتعد هذه أول زيارة يقوم بها الرئيس المصري للجزائر منذ مشاركته في أشغال القمة العربية بالجزائر في مارس-آذار 2005. وقالت وكالة الأنباء الجزائرية إن الرئيس بوتفليقة تحادث على انفراد بإقامة الدولة بزرالدة مع نظيره المصري محمد حسني مبارك، دون أن تورد فحوى المحادثات. وسبق مبارك إلى الجزائر بساعات وزيره للخارجية أحمد أبو الغيط الذي قال في تصريح للصحافيين إن لقاء الرئيس بوتفليقة بالرئيس مبارك ولقاءهما سويا في نيس "بفرنسا" منذ عدة أسابيع يؤكدان وجود "رغبة أكيدة من الرئيسين ومن الشعبين ومن الحكومتين والدولتين لأن نمضي في بناء علاقة قوية تدافع عن حقوق العرب وعن أمن هذا الاقليم"، مؤكدا أن "الجزائر ومصر شقيقتان، عملتا سويا على مدى قرابة الستين عاما"، ومشيرا إلى أن الزيارة هي "زيارة مودة ومجاملة وتؤخذ في هذا الاطار". وكانت بوادر المصالحة الجزائرية المصرية لاحت خلال لقاء جمع رئيسي البلدين بوتفليقة ومبارك عند حضورهما معا قمة فرنسا – افريقيا التي استضافتها مدينة نيس الفرنسية أواخر مايو وبداية يونيو الماضيين حيث تصافحا وتعانقا بحرارة، إلا أن تلك المودة الشخصية لم تتبع بخطوات سياسية تجسمها على مستوى علاقات البلدين.