اللواء الوهبي يعزي في استشهاد الغماري ويؤكد ان دماءه الطاهرة طوفان تزلزل كيان الصهاينة    اجتماع يناقش أوضاع معامل طحن الإسمنت    القائم بأعمال وزير الاقتصاد يطلع على ترتيبات إطلاق منصة " نافذة " الموحدة للاستثمار    وقفتان نسائيتان في سنحان بالذكرى الثانية ل "طوفان الأقصى"    تكريم 100 من أكاديمي جامعة صنعاء الأعلى استشهاداً في الأبحاث العلمية    هيئة الآثار تدعو للتعرف على متاحف اليمن عبر موقعها الإلكتروني    محمد الظاهري.. رجل المبدأ    انتقالي وادي حضرموت يدين محاولة اغتيال مدير منفذ الوديعة ويدعو لضبط الجناة    الكثيري يقدم واجب العزاء لعضو مجلس المستشارين عبدالله العوبثاني في استشهاد نجله بالمكلا    رئيس تنفيذية انتقالي شبوة يستقبل قافلة أبناء وادي حضرموت المتجهة إلى جبهات الضالع    مليشيا الحوثي تمنح تراخيص لموالين لها لإنشاء محطات غاز داخل أحياء سكنية بإب    السقاف يزور الشاعر المخضرم عبدالله عبدالكريم للاطمئنان على صحته    الأونروا: 300 ألف طالب بغزة يعودون للدراسة وسط حصار المساعدات    المنتخب الوطني يتقدم مركزين في تصنيف الفيفا    الاضراب يشل منفذ شحن بسبب رفع الجبايات بنسبة 100%    عدن في الظلام.. مدينة تختنق تحت صمت الكهرباء وغياب الدولة    ارتفاع مذهل لاسعار الذهب في اليمن ونصف الاحتياطي يتسرب إلى الخارج    تكريم 99 حافظة وحافظ لكتاب الله بمحافظتي مأرب والجوف    حماس: 47 خرقا اسرائيلياً بعد قرار وقف الحرب على غزة لغاية الان    تعرض سفينة تجارية لهجوم في خليج عدن    مليشيات الحوثي تستهدف سيارة إسعاف بالضالع والحكومة تدين الجريمة    عائلات مختطفيّ إب: مليشيا الحوثي تواصل التعتيم عن مصير المخفيين قسرا منذ أشهر    ترتيبات لاقامة مخيم طبي مجاني لاسر الشهداء    إسبانيا تتصدر عالميا والمغرب عربيا.. تصنيف الفيفا يحسم مواجهات ملحق المونديال    حضرموت بحاجة إلى مرجعية دينية بحجم السيد "الحداد"    لو فيها خير ما تركها يهودي    افتتاح المركز الثقافي اليمني في نيويورك    ارتفاع التضخم في منطقة اليورو إلى أعلى مستوى له منذ خمسة أشهر    وفاة أكاديمي بارز في جامعة صنعاء    3 لاعبين أفغان يسقطون في غارة جوية    سان جيرمان يعود من بعيد لينتزع نقطة التعادل من ستراسبورغ    المقالح: الجاسوس الأخطر يتواجد في المستويات القيادية    الفرح: لا قلق على شغور المكان ولا على تأثر المسار    انفراجة في أزمة كهرباء عدن    خبير في الطقس يتوقع تحسن في درجات الحرارة وهطول أمطار غزيرة ويحذر من سيول في ثلاث محافظات    أن تكون من أنصار الله.. واجب ومسؤولية (وليست شعارًا أو وجاهة)    موقف القانون الدولي من مطالب الانتقالي الجنوبي لاستعادة الدولة    النائب بشر: أطراف الصراع يمارسون الإرهاب والنهب باسم الشعب والوطن    المعرفة المشاعة وسقوط النخبوية في الفضاء السيبرنطيقي    قراءة تحليلية لنص "اثقال العيب .. تمردات وحنين" ل"أحمد سيف حاشد"    مصلحة الهجرة والجوازات توضح بشأن أزمة دفاتر الجوازات    المداني خلفا للغماري .. بعضاً مما قاله خصمه اللدود عفاش في الحروب الست    احتل المرتبة 152.. المنتخب الوطني يتقدم مركزين في تصنيف الفيفا    هيئة الكتاب تصدر كتاب "مفهوم الشرق الأوسط الجديد"    ديمبيلي يدخل خطط الشهري أمام الهلال    الهلال يبقي بونو حتى 2028    فريق صلاح الدين يتوج بطلاً لبطولة "شهداء على طريق القدس"    إشهار منصة إرث حضرموت كأول منصة رقمية لتوثيق التراث والتاريخ والثقافة    اغويرو يبدي اعجابه بماركوس راشفورد    وزير الشباب والرياضة المصري يكرم وفد اليمن المشارك في نموذج محاكاة برلمان الشباب العربي    اليمن انموذجا..أين تذهب أموال المانحين؟    ابتكار قرنية شفافة يقدم حلا لأزمة نقص التبرعات العالمية    معهد امريكي: شواء اللحوم يزيد خطر الاصابة بالسرطان    متى يبدأ شهر رمضان 2026/1447؟    أبناء وبنات الشيباني يصدرون بيان ثاني بشأن تجاوزات ومغالطات اخيهم الشيباني    أبناء وبنات الشيباني يصدرون بيان ثاني بشأن تجاوزات ومغالطات اخيهم الشيباني    الرمان... الفاكهة الأغنى بالفوائد الصحية عصيره يخفض ضغط الدم... وبذوره لها خصائص مضادة للالتهابات    ما فوائد تناول المغنيسيوم وفيتامين «بي-6» معاً؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسلمو زنجبار ينتظرون دعما لتثبيت هوّيتهم!

تقع زنجبار في شرق أفريقيا، وتتشكّل من عدد من الجزر في المحيط الهندي قُبالة دولة تنزانيا، وتبعد عن السواحل الأفريقية قرابة 35 كيلو متراً، وأكبر جزرها جزيرتا زنجبار، وبيمبا، أما البقية فهي جزر صغيرة تتوزع حول جزيرة بيمبا.
وقد واجه العرب المسلمون في زنجبار مذابح وتصفيات يندى لها جبين الإنسانية، تجاهلها الإعلام العالمي، كما تغافل عنها الإعلام العربي والإسلامي للأسف الشديد، وأصبح المسلمون في مختلف أنحاء العالم يكادون لا يعلمون شيئا عن حجم المأساة في زنجبار التي كانت عربية مسلمة، ولكنها لم تعد اليوم كذلك.
دخل الإسلام أرض زنجبار منذ القرن الأول الهجري، وكانت تُدعى " برّ الزنج" ثم صار اسمها زنجبار، وقد حكمها العرب العُمانيون قرابة ألف عام، قبل أن يتم ضم الجزيرة قسراً بمعاونة الاستعمار مع منطقة "تنجانيقا" عام 1964م، ليتم تشكيل ما تُسمَّى اليوم بدولة تنزانيا.
الوجود العربي
وقد استدلّ المؤرخون على أن الوجود العربي فيها يرجع إلى ما قبل الإسلام، وبقي ولاة زنجبار خاضعين لسلطان عمان، وفي عهد السلطان سعيد بن سلطان البوسعيدي حصل اتفاق على وجود بريطاني في الجزيرة، تطور إلى أن أعلنت بريطانيا الوصاية عليها.
وعندما أرادت بريطانيا الانسحاب، قامت كعادتها بترتيب خطة تستطيع بها البقاء الفعلي بعد خروجها ظاهريا، فكانت المؤامرة التي دبّرتها للإطاحة الكاملة بالحكم العربي الإسلامي عام 1964م، من خلال سياسة " فرِّقْ.. تَسُدْ"، فعمدت إلى تكوين حزبيْن سياسييْن يفرِّقان بين المسلمين من أصل عربي والمسلمين من أصل أفريقي، تمهيدا لحرب أهلية تطيح بالعرب المسلمين وحكمهم، وبالفعل حصلت المذبحة، حيث سادت الفوضى، وقام بعض المأجورين من الأفارقة بهجوم شامل على عرب زنجبار، وانتهى الأمر باستشهاد أكثر من عشرين ألف عربي.
وبعد المذبحة، جاء "عبيد كرومي"، الذي حكم زنجبار باعتبارها تابعة لاتحاد تنزانيا الذي أُعلِن عقب الانقلاب، وتكوَّن من زنجبار وتنجانيقا، مع توسُّع النشاط التنصيري، حتى أصبح في زنجبار مائة كنيسة، بعد أن كانت نسبة النصارى فيها لا تتعدّى 3% من إجمالي عدد السكان، وصار اقتصاد البلاد بأيديهم، وكذلك الوظائف الحكومية المرموقة.. وأصبحت زنجبار تحت وطأة الحكم العلماني الذي انتهجته تنزانيا، وهو ما أضعف كثيراً من معرفة الأجيال الجديدة بتاريخها وإسلامها.
سياسة التنصير
ولعل من الصعب تخيُّل ما حدث للعرب المسلمين على يد مسلمين مثلهم، بعد أن عاشوا سوياً قرابة مائة عام، يربط بينهم عامل واحد هو الدين الذي يرفعونه فوق كل اعتبار.. لكن بالنظر إلى الأسباب التي رسمت هذه الواقعة، فإننا نجدها تعود إلى أسباب خارجية متمثلة في سياسة التنصير التي عملت على إثارة النعرة العنصرية بين المسلمين خاصة، بعد أن أشاع الاستعمار بين الأفارقة أن العرب كانوا من تجار الرقيق، في تجاهل للاتفاقية التي وقعها السلطان سعيد بن سلطان مع بريطانيا لإلغاء هذه التجارة التي كان يقوم عليها الغزو الغربي، ومطامع دول الجوار، وخاصة كينيا وتنزانيا في ضم زنجبار إليها واستقطاعها من حكم الدولة العُمانية، بجانب رغبة الدول الغربية في تقويض الإسلام في زنجبار وخاصة نظام الحكم؛ لأنها كانت بوابة أفريقيا الشرقية، ومنها دخل الإسلام إلى معظم الدول الأفريقية الشرقية والوسطى.
أما الأسباب الأخرى فهي أسباب داخلية تمثلت في أخطاء سلطان زنجبار في سياسة حكمه للطوائف، حيث فتح باب التنصير دون رقابة، فتغلغل وشوَّه تاريخ العرب، إلى جانب توثيق العائلة الحاكمة لعلاقاتها ببريطانيا منذ عهد السلطان سعيد بن سلطان، مما أثار سخط المسلمين الأفارقة الذين شعروا بأن العرب هم من جلب الاحتلال الغربي إلى بلادهم، وعندما تُوفِّي السلطان عام 1856م على متن الباخرة البريطانية " فيكتوريا"، وقع الخلاف بين أولاده على الحكم.
وفى عهد السلطان علي بن سعيد أعلنت بريطانيا الوصاية (الاحتلال) على الجزيرة عام 1890م، واستمرت هذه الوصاية حوالي سبعين عاماً، ثم استقلت زنجبار من بريطانيا كسلطنة ذات سيادة في ديسمبر 1963م، وبعدها دخلت تنجانيقا مع زنجبار في اتحاد فيدرالي ليشكّلا دولة تنزانيا (بأخذ الحرفين الأولين من كل منهما) في 12 يناير 1964م؛ إلا أن زنجبار احتفظت بحكم مستقل؛ رغم كونها جزءا من تنزانيا.
مجازر وانتهاكات
وفي الوقت الذي يتعمّد الإعلام الغربي اتباع سياسة التعتيم على ما حدث وما يحدث في زنجبار من انتهاكات واعتداءات ضد المسلمين، نجد للأسف أن الإعلام العربي الإسلامي يتجاهل - بتعمّد أو بدونه - إلقاء الضوء على هذه المجازر والانتهاكات التي تتكرّر بشكل مستمر في زنجبار المسلمة.
وما يحدث في زنجبار شاهد على هذا التعتيم والتجاهل، فهي جزء من ذلك الشريط العربي الممتد على الساحل الشرقي من القارة الأفريقية، ويرتبط معظم سكانها بصلات قربى ونسب مع عرب الساحل الجنوبي من الجزيرة العربية، غير أنها جزء يتعمّد التاريخ إغماض عينيه عنها، ويشيح الضمير الدولي بوجهه عن مآسيها، إذ لم يكتفِ المجتمع الدولي بالصمت إزاء المجازر التي قام بها الأفارقة والنصارى ضد العرب المسلمين في الجزيرة عام 1964م، التي صاحبت استيلاء تنجانيقا (تنزانيا حالياً) على الجزيرة، بل لا يزال يصر على صمته إزاء المذابح التي يواجهها المسلمون حالياًً، والتي تجدّدت على مدى أكثر من ربع قرن.
فقد شهدت زنجبار عمليات عسكرية لقمع مظاهرات سياسية قام بها المسلمون احتجاجا على تزوير الانتخابات العامة التي أُجريت عام 2000م، وانتهت هذه المظاهرات بحصار الجزيرة، واقتحام المساجد، والاعتداء بالضرب على السكان.. وفي الوقت الذي كان الجيش يحصد فيه أرواح المدنيين، كانت الشرطة تُكْمِل المهمة بتكسير عظام ومفاصل الجرحى، وتكويمهم بعضهم فوق بعض في سيارات مكشوفة.
إن ما حدث في زنجبار يكشف نفاق الإعلام العالمي، الذي لا يلتفت إلا للمآسي والمذابح التي تتعارض مع السياسات الغربية، أو تلك التي يتجاوز مداها حدود الصمت والتعتيم كما حدث ويحدث في الشيشان وفلسطين مثلا.
صحوة إسلامية
وأمام هذا التجاهل الإعلامي الغربي والعربي، أبى مسلمو زنجبار إلا أن يكون لهم وجود في الإقليم الذي تبلغ نسبة المسلمين فيه أكثر من 98% من إجمالي عدد سكانه، حيث سعى المسلمون إلى أن يكون لهم دور حيوي في الانتخابات التي أُجريت في أكتوبر 2005م، فيما يُشبه صحوة إسلامية في الإقليم.
ويرى المراقبون للشأن الإسلامي أنه في ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردّية التي يعيشها إقليم زنجبار، فإن هذه الصحوة الإسلامية جعلت الانتخابات العامة أكثر حدة من الانتخابات التي أُجريت عامَي 1995م، و2000م.
محمد سيد علي سكرتير جمعية الوعي الإسلامي وأحد الأئمة بالإقليم، قال: "إننا نرى بوضوح فراغا كبيرا داخل زنجبار، من الممكن أن يملأه النظام الإسلامي"، مشيرا إلى أن علماء الدين يطرحون الإسلام كحل سياسي في زنجبار.
وقال خميس بن علي أحد أعضاء الجمعية: "نحن موجودون في كل حي بالإقليم، نجمع التبرعات للمحتاجين، ونقوم بالوعظ في المساجد، كما نعلم الأطفال في المدارس الدينية آداب وتعاليم الدين الإسلامي.

وقد ترعرعت جهود الصحوة الإسلامية من إرشاد ووعظ وكفالة للأيتام ومعونات للفقراء والمحتاجين، وبدت مظاهرها في تزايد أعداد المتردّدين على المساجد وعدد مرتديات الحجاب الإسلامي، ويطرح العلماء المسلمون الشريعةَ الإسلاميةَ بديلا للديمقراطية الغربية الزائفة، وسط تأييد وتأكيد من القيادات الإسلامية بأن إقرار القيم الإسلامية هو الحل الأمثل لكل المآسي التي يعيشها الإقليم، وأن الإسلام هو العامل الوحيد الذي يوحّد الناس في الجزيرة.
مطالب ضرورية
وتواجه الصحوة الإسلامية في زنجبار العديد من المصاعب، أهمها: الفقر، وحملات التنصير، وتنازع بعض الفرق الإباضية والشيعية.. وفي خضم هذه الظروف والأوضاع المتشابكة، طرحت الأوساط الإسلامية في زنجبار جملة من المطالب ترى أن تلبيتها ضرورية لإحداث أي تطور إيجابي للأوضاع العامة، والعلاقات بين الطوائف الأخرى في البلاد.
وأهم تلك المطالب:
- تداول رئاسة الدولة بين المسلمين والنصارى.
- مراعاة المساواة في توزيع الحقائب الوزارية بين المسلمين والنصارى.
- جعل يوم الجمعة عطلة أسبوعية رسمية بدلاً من الأحد.
- منح الأئمة والعلماء المسلمين حقوقاً سياسية متساوية مثل نظرائهم من رجال الدين النصراني، للتمثيل والترشيح في البرلمان والمجالس المحلية.
- إيقاف استغلال المناصب الحكومية؛ لممارسة الضغوط والاضطهاد على الشباب المسلم في المؤسسات التعليمية والأكاديميات العليا.
- فتح المجال أمام الشباب المسلم - كغيره - في الحصول على منح دراسية في العلوم الحديثة.
وفي النهاية، يمكن القول: إن زنجبار العربية المسلمة تستردُّ اليوم عافيتها بصبر وصمود أهلها الأصليين، وإن الإسلام لا يزال مغروساً وموجوداً فيها رغم الهجمة الصليبية الشرسة، وإن عرب زنجبار لا يزالون يعتزّون بعروبتهم، ويتطلعون إلى عرب الجزيرة والوطن العربي في وقفة مساندة وتأييد لحقوق العرب، أهل البلاد الأصليين في زنجبار بلاد القرنفل والعطور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.