مر عام كامل، وعدد من شباب الثورة معتقلين في سجون الأجهزة الأمنية التي يديرها أقارب للرئيس السابق علي عبد الله صالح، ويتعرضون لانتهاكات مستمرة، وفشلت محاولات بعض المنظمات الدولية والمحلية في الوصول إليهم والإفراج عنهم. وتتوزع أماكن الاعتقال بين معتقلات وسجون بعضها حكومي وأخرى تتبع شخصيات ومسؤولين وقيادات مؤتمرية، بحسب ناشطين وحقوقيين. وارتفعت أصوات قانونية كثيرة داخل اليمن وخارجها منددة باعتقالهم، لكن بعضها تلاشى، فيما لا تزال المطالبات في ساحات التغيير والحرية بضرورة الإفراج فوراً عن رفقائهم الذين اعتقلوا بسبب مشاركتهم في الثورة. ويصل عدد المعتقلين من الشباب إلى أكثر من 190، فيما يوجد عشرات وربما مئات لا يعلم أحد بمصيرهم حتى اللحظة خصوصاً في سجون الأمن المركزي والحرس الجمهوري بحسب ما أفادت به منظمات حقوقية. وجد المعتقلون أنفسهم خارج إطار الواقع الذي تعيشه اليمن مع ارتفاع الأصوات المطالبة بهيكلة القوات المسلحة، وتزايد التركيز المحلي والدولي على موضوع تنظيم القاعدة الذي تركزت الأضواء عليه عقب الأحداث المأساوية الأخيرة التي تشهدها البلاد. التجاهل الحكومي والرئاسي لقضية المعتقلين يقابله شهادات مروعة من معتقلين أفرج عنهم في الفترات الأخيرة، يتحدثون فيها عن تعامل المحققين والسجانين في المعتقلات الأمنية معهم، في أمر خارق لكل قانون محلي أو دولي للدرجة التي جعلت عشرات من المعتقلين يضربون عن الطعام بسبب عدم وجود تهم واضحة ضدهم. ولم تقتصر معاناة المعتقلين في السجون اليمنية على من هم خلف القضبان، بل امتدت لتشمل أفراد أسرهم من آباء وأمهات وزوجات وأبناء، ، بحسب شهادات لمعتقلين سابقين وحقوقيين، حيث حكى كثير من هؤلاء قصصاً مؤثرة عن المعاناة النفسية التي يعيشونها منذ اعتقال أبنائهم فضلاً عن الحاجة التي ألمت ببعض هذه الأسر بعد اعتقال من يعيلها. منظمة هود لحقوق الإنسان تقول إن 195 معتقلاً من شباب الثورة في سجون الأمن القومي والسياسي، أحدهم يدعى تامر رسام (19 عاماً) وجد نفسه قبل أيام ملقىً على الأرض بالقرب من المدينة الرياضية. رسام اعتقل في 22 من إبريل من العام الماضي في المسيرة التي سقط خلالها شهداء وجرحى أمام مدينة الثورة الرياضية، وبعد مرور عدة أشهر، وبالتحديد يوم الثلاثاء الماضي وجد نفسه ملقىً على الأرض وهو يعاني من آلام التعذيب. يقول تامر رسام، الذي نقل إلى المستشفى الميداني بساحة التغيير، إنه ظل معتقلاً في مكان مجهول منذ مشاركته في المسيرة، حيث اختطف من مؤخرة المظاهرة التي كان فيها، وتعرض خلال فترة اعتقاله للتعذيب بالضرب والكهرباء وغرز المسامير في بعض مناطق الجسم. وبحسب الأطباء يعاني رسام من حالة إعياء وصحة متدهورة حيث أصيب بعجز جزئي في القدرة على المشي. يقول رسام «في المكان الذي كنت معتقلاً فيه كنت أسمع تعذيب وصياح آخرين من الشباب، ولا أظن أنه سجن حكومي، ربما يكون مكاناً غير معروف لأنني حين أخرجوني منه ألقوني في الشارع وكنت في حالة إغماء». والأربعاء الماضي أفرج الحرس الخاص التابع لرئاسة الجمهورية عن الجندي يحيى الذيب الذي انضم إلى الثورة في بدايتها، حيث اعتقل في 11 فبراير الماضي في جولة المصباحي القريبة من دار الرئاسة. يقول شقيقه عادل إن خبر اعتقاله لم يصلهم إلا بعد 3 أيام من قبل شخص كان على متن سيارة أخيه، حيث تم اعتقال الاثنين في جولة المصباحي من قبل جنود في الحرس الخاص وأفرج عن الراكب بعد تأكدهم أنه لا تجمعه به صلة قرابة. وأضاف «تواصلنا مع جميع الجهات ولم نصل إلى حل، حتى الرئيس السابق علي عبدالله صالح أصدر أمراً بالإفراج عنه لكن لا فائدة». وتابع «لم يتعرض أخي للتعذيب أبداً، لكن حقق معه بسبب انضمامه للثورة وظهوره على القنوات يدعو زملاءه للانشقاق على نظام صالح»، مضيفاً «بعد تدخل ضابط في الحرس الخاص تم الإفراج عنه الثلاثاء الماضي». وكغيره من المعتقلين بسبب مشاركتهم في الثورة يواصل الطبيب الاستشاري المعتقل توفيق ذيبان إضرابه عن الطعام منذ يوم السبت قبل الماضي، حيث أصبح عاجزاً عن الحركة وحالته الصحية تتدهور. ورفضت النيابة الجزائية (أمن الدولة) الإفراج عنه أو وضعه تحت العناية الطبية، ما دفع أسرته وعدداً من وجهاء محافظة البيضاء إلى الإعلان عن تنفيذ اعتصام مفتوح ابتداء من اليوم الثلاثاء أمام النيابة الجزائية المتخصصة للمطالبة بسرعة الإفراج عنه. وتعرض كثير من شباب الثورة للاعتقالات، خصوصاً في المسيرات التي كانت تواجه بقمع من قوات الأمن، لكن أغلبهم كان يفرج عنهم بعد أيام. الحقوقي موسى النمراني يقول إن منظمة هود منذ انطلاق الثورة تلقت آلاف البلاغات بالاعتقالات، أغلبهم تم الإفراج عنهم، بينما آخرون لا يعرف مصيرهم. وقال «كان نظام صالح يستخدم الاعتقالات القصيرة لتخويف الناس، بحيث يتم الإفراج عن المعتقل بعد أيام عقب تعذيبه وتهديده، كما أن كثيرين اعتقل لأكثر من مرة في إطار سلسلة الحرب النفسية التي كان يشنها على الثوار». وفي إطار ما يقوم به شباب الثورة للإفراج عن زملائهم المعتقلين التقى الأحد الماضي عدد من الشباب رئيس حكومة الوفاق محمد سالم باسندوة، وسلموه كشفاً بأسماء المعتقلين ال 195 وأماكن اعتقالهم، مطالبين حكومة الوفاق بسرعة الإفراج عنهم. باسندوة قال خلال اللقاء إنه أصدر توجيهات بالإفراج عنهم، لكن توجيهاته لم تلقَ أي تجاوب من قبل الجهات المعنية، الأمر الذي يعكس تحذيرات شباب الثورة من بقاء أقارب صالح في مفاصل الدولة، وفي مقدمتها الأجهزة الأمنية والعسكرية. وبات معروفاً من واقع شهادات بعض من أفرج عنهم وتقارير منظمات حقوق الإنسان أن نظام صالح استخدم أنواعاً مختلفة من تعذيب السجناء لانتزاع اعترافات، خاصة القيادات الشابة في الساحات، أو ممن كانوا في السلك العسكري والأمني. ومن المرات النادرة التي اطلع فيها الحقوقيون على المعتقلين وأماكن اعتقالهم، حيث تقول منظمة هود أنه يوجد في سجن الأمن السياسي 35 معتقلاً، فيما لا تعرف أماكن احتجاز الآخرين. وتعتزم منظمات وائتلافات في ساحة التغيير الإعداد لحملات مكثفة للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين على ذمة الثورة، وفي مقدمتها المسيرات اليومية إلى منزل الرئيس هادي ومبنى رئاسة الوزراء ووزارة حقوق الإنسان. ويبقى ملف المعتقلين من أهم الملفات الشائكة التي قد تساعد حكومة الوفاق والرئيس هادي على استقطاب الشباب للمشاركة في الحوار الوطني المزمع عقده خلال الأسابيع القادمة، في حال تم الإفراج عنهم، والتوعد بمحاسبة من قام بتعذيبهم وتقديمه للمحاكمة. اخبارية نت نقلا عن المصدر أونلاين