ألقت الأزمة السياسية الراهنة التي تمر بها البلاد منذ اندلاع الاحتجاجات منتصف شهر فبراير الماضي المطالبة بإسقاط النظام ؛ تداعياتها السلبية على الاقتصاد اليمني ، والحياة الاجتماعية بشكل عام . حيث واصل الاقتصاد إحصاء خسائره اليومية في قطاعات مختلفة ، والتي وصلت خسائره إلى خمسة مليارات دولار بحسب ما قاله وزير الصناعة والتجارة لو سائل الإعلام المختلفة . وكانت العملة الوطنية « الريال » في طليعة المتأثرين بالأزمة حينما فقد من قيمتها 8 % بعد أن كانت قد استقرت عند (213.85 ) شراء ، (213.75) بيع للدولار الواحد خلال الربع الأخير من العام المنصرم ، وانهار في الأشهر الثلاثة المنصرمة ليصل سعر الدولار عند الشراء (250 ) و عند البيع (245 ) ؛ في ظل انعدامه من السواق وامتناع البنك المركزي اليمن بضخ من العملات الأجنبية لإنقاذ الريال من الانهيار الذي وصل إليه ؛ إلا أن الريال بدأ في التعافي مجدداً خلال اليومين الماضين .. وبدأت محلات الصرافة في أمانة العاصمة بصنعاء من تداوله بسعر ثابت عند الشراء (225 ) و عند البيع (214 ) . عدم استقرار أسعار الصرف واستمراره في المد والجزر انعكس ذلك سلباً على أسعار السلع الأساسية في الأسواق اليمنية ، والتي ارتفعت بنسب متفاوتة متأثرة بأسعار الصرف ، خاصة مادة القمح والأرز التي يعتمد عليها اليمنيون اعتماداً أساسيا في غذائهم اليومي.. وانخفض أوزان الرغيف الذي أصبح يباع بأوزان أقل من الوزن الرسمي المحدد من قبل وزارة الصناعة والتجارة . كما أرتفع سعر الذهب خلال الأسبوعين المنصرمين إلى 10 ألف ريال عيار21 جرام وسط توقعات بأن يستمر تصاعد أسعاره إلى مستويات أعلى من ذلك . ومع تصاعد الاحتجاجات وتفاقم الأزمة السياسية في البلاد تفاقمت معها أزمة الغاز المنزلي التي باتت كورقة ضغط تستخدمها النظام والمعارضة في البلاد ، والمتمثل في التقطع على الشاحنات المحملة بالاسطوانات إلى الوكلاء في المدن والمحافظات اليمنية من قبل المعارضة ، وإن نفذت بعضها جيرها النظام لأفراد حزبه الحاكم .. الأمر الذي رفع سعر اسطوانة الغاز وسط العاصمة صنعاء إلى ثلاثة ألاف للاسطوانة الواحدة وخمسة ألاف في الأرياف .. وسط آلام يلتوي منها المواطن البسيط الذي أصبح ضحية أزمة السلطة والمعارضة . وما تزال المخاوف قائمة من اتساع الاضطراب السياسي ؛ التي يحذر منها خبراء الاقتصاد من استمرارها والتي سيدفع ثمنها في المقام الأول اقتصاد البلاد وتضعه تلك الأحداث على حافة الخطر . ودعا خبراء الاقتصاد في حديثهم ل«الاستثمار نت » الأطراف السياسية إلى التوجه نحو العملية الاقتصادية ، وإيجاد حلول سلمية لهذه الأزمة والتوجه نحو بناء اليمن. فالاقتصاد اليمني, الذي يعاني من شحه الموارد ويعتمد على مورد مهدد بالنضوب ويتطلب منه تنشيط القطاعات الإنتاجية غير النفطية, يواجه اليوم هزات عنيفة تضرب القطاعات غير النفطية لتصل خسائر القطاع السياحي, حسب المؤشرات الاقتصادية الأولى إلى 100 مليون دولار, ويواجه أهم القطاعات المولدة لفرص العمل «قطاع المقاولات» مشكلة تسريح مليون عامل مما يشكل ضغطا على العملية الاقتصادية والتنموية, كما أن العملية الاستثمارية مهددة بالتوقف؛ حيث توقف عدد من المشاريع الاستثمارية, من مشاريع صناعية وسياحية وعقارية. حديث ودعوة خبراء الاقتصاد في اليمن أكده صندوق النقد الدولي في تقريره حول الاقتصاد العالمي حينما قال بأن النمو الاقتصادي والناتج المحلي في اليمن سيتأثر بسبب الاضطرابات السياسية الراهنة ؛ متوقعاً انحدار النمو إلى 3.4 % خلال العام الحالي مقارنة ب8 % في العام 2010 م . فرصة لتزايد قضايا الفساد مثل ما أرهقت الأزمة الراهنة المتمثلة في الاضطرابات السياسية كاهل المواطن اليمني وتهدد بشكل كبير الاقتصاد الوطني ونمو الناتج المحلي ؛ فإن ما يحدث حالياً من احتجاجات مطالبة بإسقاط النظام ساهم بشكل كبير في تهيئة مناخات لتزايد وانتشار عدد قضايا الفساد في عموم مرافق الحياة . وقال مسئول رفيع في الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد إن الاحتجاجات القائمة ساهمت في تزايد قضايا الفساد ومثلت بيئة خصبة للمفسدين .. مؤكداً بأن وضع اليمن حاليا أمام المنظمات الدولية غير مقنع وأن مؤشر وضع البلاد قد يتدنى بشكل كبير في تقييمات المنظمات الدولية بسبب الحراك السياسي القائم في اليمن . وبين المسئول الذي طلب عدم الإفصاح عن اسمه أن الهيئة تعاني من ضغوطات وصعوبات كبيرة في عمليات التحري والتحقيق جراء عدد من قضايا نهب للمال العام تتم حاليا من قبل نافذين في السلطة مستغلين الأوضاع السياسية القائمة في البلاد والاحتجاجات المطالبة بإسقاط النظام . وتؤكد المعلومات بان هناك عمليات سطو من الأملاك العامة ، تتم بشكل كبير في عدد من المرافق الحكومية. إلى ذلك كشف رئيس قطاع التحري والتحقيق في هيئة مكافحة الفساد محمد احمد سنهوب عن وجود لديهم حاليا ما يقرب من 120 قضية قيد التحري والدراسة والتحقيق وان الهيئة أحالت خلال الفترة السابقة 38 قضية فساد إلى النيابة العامة . وأشار إلى أن الهيئة تعاملت مع 30 قضية بطريقة إدارية وتم خلالها استعادة مبالغ كبيرة إلى خزينة الدولة ، مضيفا أن الهيئة تعاني من وجود قضايا معقدة وتواجه العديد من الضغوطات والصعوبات . وحسب تقرير صدر يوم الأربعاء الماضي عن هيئة مكافحة الفساد فان الهيئة قامت بإحالة (34) قضية وأكثر من (230) متهما إلى النيابة العامة تمهيدا لمباشرة الإجراءات والرفع إلى المحكمة وان الهيئة تلقت (16484) إقرارا بالذمة المالية .