توقع مصرفيون وخبراء ماليون واقتصاديون أن تشهد السوق المصرية ازدهاراً لخدمات التمويل والصيرفة الإسلامية خلال المرحلة المقبلة انعاكساً لصعود تيارات الإسلام السياسي في المشهد المصري بعد الانتخابات البرلمانية. وقال الخبراء إنه من الطبيعي أن يسعى ممثلو تيارات الإسلام السياسي إلى الدفع بعدد من القوانين الهادفة لتعزيز الخدمات المالية المستندة لمبادئ الشريعة الإسلامية في قطاعات المصارف والتأمين والبورصة وتمويل المشروعات الصغيرة لإحداث نوع من التوازن أمام خدمات التمويل التقليدية المستقرة في السوق المصرية منذ عشرات السنوات. وقال محمد النجار خبير اسواق المال انه المنتظر أن تسلك هذه التيارات استراتيجية إيجاد البديل التمويلي المتوافق مع أحكام الشريعة بدلاً من اعتماد استراتيجية المواجهة أو التحريم تجاه خدمات التمويل التقليدية تجنبا للدخول في معارك سياسية أو اجتماعية مع قوى تحبذ التعامل مع البنوك التجارية العادية مما يترتب عليه اتخاذ العديد من الإجراءات والضوابط القانونية التي يجب تمريرها عبر البرلمان. توقع ان تشمل هذه الإجراءات والضوابط القانونية تعديلات في قانون البنك المركزي المصري و عددا من القوانين الاخري لخلق منتجات متوافقة مع أحكام الشريعة متوقعا ان تشمل هذه الإجراءات تعديل نظم التقنية والقواعد المهنية وتدريب الكوادر القادرة على استيعاب وتطبيق خدمات التمويل الإسلامي، بما يفسح المجال أمام ظهور الكيانات الجديدة الراغبة في العمل بهذه المجالات. والمتوقع أن تبدأ هذه الكيانات بنشاط التمويل العقاري والتأجير التمويلي اللذين يستعدان لانطلاقة كبرى في مصر على خلفية الاهتمام الحكومي الملموس بالتصدي لمشكلة الإسكان وكذلك التصدي لمشكلة البطالة عبر الاهتمام بتمويل المشروعات الصغيرة والمتضمن خدمات التأجير التمويلي أي بيع المعدات بنظام الإيجار الذي ينتهي بالتمليك. ومن جانة قال معتصم الشهيدى خبير اسواق المال إن السوق المصرية تزخر بالعديد من الفرص الكامنة في مجال التمويل الإسلامي، نظراً لوجود شرائح اجتماعية واسعة تفضل التعامل مع هذا النوع من التمويل ولضخامة حجم السوق حيث تشير الدراسات إلى أن السوق يمكن أن تستوعب خدمات تمويلية ذات طبيعة إسلامية في حدود عشرة مليارات دولار سنوياً خلال المرحلة الأولى موزعة على التمويل العقاري والتأجير التمويلي وتمويل المشروعات الصغيرة وتمويل الأفراد مباشرة الى جانب التأمين التكافلي، الذي يحقق نمواً متواصلاً في السوق بمتوسط 15% سنوياً على مدى السنوات الخمس الماضية. اضاف الشهيدى أنه بغض النظر عما يجري في المنطقة العربية حالياً من تطورات سياسية وصعود تيارات الإسلام السياسي سواء في تونس أو مصر أو ليبيا فان العالم كله يتجه إلى الأخذ بالنظام المالي الإسلامي وتطبيق أدوات التمويل الإسلامي لأن الأزمات المالية العالمية التي بدأت تضغط على النظام الاقتصادي العالمي منذ منتصف العام 2008 كشفت عن ضغط وهشاشة هذا النظام ومن ثم فإن مؤسسات عالمية كبرى وجدت ضالتها في خدمات التمويل الإسلامي مثل الصكوك وغيرها حيث إن حجم الصكوك المصدرة في الأسواق العالمية والمتوافقة مع أحكام الشريعة يوازي عشرات المليارات من الدولارات سنوياً. اشار الي أن النظام المالي الإسلامي يعتمد على الاقتصاد الحقيقي وليس الاقتصاد الورقي القائم على المضاربات الوهمية وعمليات البيع الأجل والمضاربة على السلع قبل إنتاجها أو نقلها من أماكن المصدر وقبل وصولها للأسواق الأمر الذي ترتب عليه فقاعات مالية عديدة سواء في سوق العقار أو غيرها من الأنشطة الاقتصادية، أما خدمات التمويل الإسلامي فهي تمول سلعاً حقيقية وأنشطة قائمة بالفعل سواء في الزراعة أو الصناعة. ويرى عيسى فتحى خبير اسواق المال أن قطاع المشروعات الصغيرة سوف يجد فرصا جيدة في إطار خدمات التمويل الإسلامي لأن هذا التمويل منخفض التكلفة ويصل بشروط ميسرة للعميل صاحب المشروع الصغير مما يتيح التوسع في هذا المجال ودخول عملاء جدد لم يكن في استطاعتهم الحصول على التمويل التقليدي مما يسهم في انتعاش السوق. وقال إن خدمات التمويل الإسلامي ليست غريبة على السوق المصرية حيث إن العديد من هذه الخدمات مثل المرابحة والايجارة والتكافل وغيرها معروفة لقطاعات واسعة سواء من المؤسسات المالية أو العملاء من الشركات والأفراد ومن الطبيعي أن يعطي صعود تيار الإسلام السياسي دفعة لأنشطة التمويل الإسلامي مما يعني أن هذه الخدمات سوف تشهد توسعاً كبيراً في المرحلة القادمة وسوف تنضم المؤسسات المالية الكبرى إلى مسيرة التمويل الإسلامي بمرور الوقت