مره أخري و بكل تأكيد لن تكون الأخيرة .. يحاول السفير الاممي جمال بن عمر القفز على حقائق الأزمة اليمنية ويعلن وفي اجتماع لفريق القضية الجنوبية عن اختصار الفريق أو تقليصه إلي 16 عضوا موزعين بالتساوي بين جنوب وشمال ، لمناقشة القضية الجنوبية بحيث يمثل كل جهة 8 أعضاء وذلك في إعقاب عودة ممثلي الحراك الجنوبي إلي الحوار بحسب ما تناقلته وكالات الإنباء والصحافة ومواقع التواصل -المحلية . هذه التصريحات لممثل الأمين العام للأمم المتحدة لا تكشف عن تعقيدات الصورة داخل الحوار الوطني ، بل و يمكن إن يضيف إليها تعقيدات اكبر وربما أخطر ، حوار المساومات والترضيات لإطراف الأزمة اليمنية ، بما فيها الحراك الذي تعددت قياداته في الخارج وفصائله في الداخل وتباينت مواقفها بين رافض للحوار الوطني وفقا للمبادرة الخليجية لتسوية الأزمة اليمنية بحسب آلياتها المزمنة معلنا مطالبته بالاستقلال واستعادة الدولة ، وأخر مطالبا بفدرالية وفقا للنسخة السودانية بحيث تؤدي في نهايتها إلي إقامة دولة جنوبية – جديدة أي فدرالية مختلفة في تركيبتها و نظامها السياسي عن دولة اليمن الديمقراطية المطالب باستعادتها الفصيل الأول الغير مشارك في الحوار ، والذي لا يختلف مع الفصيل الذي يتزعمه محمد علي احمد .. المشارك – المنقطع والعائد إلي الحوار بالإضافة إلي بقية الجماعات والملتقيات بصرف النظر عن حجمها في الداخل أو الخارج ، ومنها عصبة القوي الحضرمية.. فضلا عن تكتل الإقليم الشرقي الذي أعلن عن حضوره من خلال الحوار ويكاد يغطي كل ألوان الطيف السياسي المشارك في الحوار الوطني !! . هذا العدد المتعدد الأطروحات والمتباين الاتجاهات ألا يشكل صورة معقدة وواضحة للسيد جمال بن عمر ؟ ، حني يذهب إلي حد تجاهل وجوده فضلا عن ما قد يذهب إليه لإثبات حضوره على الساحة السياسية و المجتمعية ، لتأكيد رفضه لما قد يتوصل إليه فريق الستة عشر ، بل ورفض كل ما يتوصل إليه الحوار الوطني في توجهه الشمالي الجنوبي .. لا لكونه مقدمة لتوجه إقامة دولة اتحادية من إقليمين فحسب ، بل ولتجاهله لتعقيدات ابعد واخطر بكثير يفترض إن لا تغيب عن جمال بن عمر بعد ما يقارب الستة أشهر من الحوار الوطني ، ولا أظنها غائبة عن فخامة رئيس الجمهورية – رئيس الحوار الوطني .. وهو المسئول الأول في الدولة وعن الحفاظ علي أمنها واستقلالها الوطني . ** على ماذا يدل هذا القفز على راهن الأزمة اليمنية اليوم ؟ ، ثم هل تلك المساومات والحوارات التي تمت خارج أحكام وآليات المبادرة الخليجية قد أبقت منها شيئا ؟ أم إن المبادرة قد تجاوزتها الإحداث والتداعيات ولم تعد الأزمة قابلة للتسوية وفقا للمبادرة لا في إطارها الزمني ولا أحكامها ، بل وأهدافها في تجنيب اليمن الانزلاق في صراع سياسي واجتماعي – مناطقي وفئوي يفتح الأبواب والنوافذ للتدخلات الإقليمية والدولية المتواجدة علي الساحة اليمنية بالأصالة أو الوكالة ولأهداف لا تتوقف عند حدود اليمن الجغرافية والمجتمعية . وبالتالي لا بد من مبادرة مختلفة لوضع حدا لتداعيات الأزمة من خلال إعادة صياغة الدولة اليمنية علي نحو مختلف عن سياسة التلفيقات والتسويات التي لن تؤدي إلي حلول بل قد تؤدي إلي إطالة أمد الأزمة وترسيخ دينمياتها المولدة لصراعات مناطقية وإيديولوجية اسلاموية مذهبية و اجتماعية مناطقية دامية . كل هذه قضايا هي اليوم متفاعلة وقابلة للانفجار وتشكل خطورة حقيقة .. ومعها لم تعد الأزمة سياسية يمكن تجاوز أو تجاهل بعض أطرافها من خلال مساومة بعضها الآخر كما هو حاصل !! ولا عسكرية وأمنيه بين قوي عسكرية كما يعتقد البعض في النظامين الدولي والإقليمي .. بل أزمة مركبة ومربكة ، متعددة الإطراف والاتجاهات . *** لذا المطلوب تحرك سريع ومباشر لمجلس التعاون الخليجي .. لإنقاذ المبادرة وتطويره في مشروع بناء دولة حقيقي . وواضح علي أسس فدرالية تأخذ بعين الاعتبار موروث الاقاليم اليمنية السياسي والاجتماعي بل والثقافي والاقتصادي .. قبل إن تتحول اليمن إلي سوريا أخري في جنوب الجزيرة العربية .. وقطع الطريق امام مشاريع تحويلها الي بديل لمصر الإخوان من خلال هذا القفز على حقائق ومستجدات ما بعد المبادرة .. بل الحوار الوطني الذي اعطي لبن عمر .. حق القفز على واقع يزداد تعقيدا لا انفراجا كما يبدو للبعض .. والدليل هذه القفزة الأخيرة وفرضه تقليص فريق القضية الجنوبية .. فماذا عن قضية صعده و موقف الحوثيون غدا !؟ .