يوم العيد هو يوم الفرحة والسرور ، يوم البهجة والحبور، يوم تنطلق النفوس على سجيتها وهي في أوج أنسها وفرحتها، هناك يقبل بعضهم على بعض مهنّئين متودّدين، يتزاورون ويتسامحون، ويمدون يد العون والمساعدة للفقراء والمساكين بالبر والعطاء، وهم يتذكرون أن العيد هو البشر البهجة الذي يلف كل القلوب فتتسامح وتتراحم وتتآلف على صفا ووئام. ويوم العيد يندب لك أخي الحبيب أن تلبس أحسن الثياب، وتتطيب بأجود الأطياب، لما أخرجه الحاكم من حديث الحسن السبط قال: (أمرنا رسول الله في العيدين أن نلبس أجود ما نجد، وأن نتطيب بأجود ما نجد. وكان النبي يلبس بُرْدًا حَبرَة في كل عيد). ويسن للمسلم أن يذهب لصلاة العيد من طريق ويرجع من آخر لتشهد عليه الملائكة، لما رواه البخاري عن جابر رضي الله عنه قال: (كان النبي إذا كان يوم عيد خالف الطريق). كما يستحب في عيد الأضحى أن لا يأكل شيئاً بعد الفجر حتى يعود من المصلى ، ففي سنن الترمذي بإسناد حسن عن بريدة رضي الله عنه قال: «كان النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- لا يخرج يوم الفطر حتى يَطْعَمَ ، ولا يَطْعَمُ يوم الأضحى حتى يصلِّيَ». كما يسن الخروج ماشيا إلى المصلى لإقامة شعيرة صلاة العيد، للرجل والنساء، ففي الصحيحين عن أم عطية – رضي الله عنها – : قالت : «أُمِرْنا أَن نُخرِج في العيدين : العَوَاتِقَ وذواتِ الخُدُورِ، وأمر الحُيَّضَ أن يعْتزِلْنَ مُصلَّى المسلمين» وهنا ننبه أن السهر ليلة العيد بما لا طائل تحته يؤدي إلى ضياع صلاة العيد وهو أمر لا يصح أن نقره بيننا البتة. ثم بعد الصلاة يعود الجميع فرحين ليهنأ بعضهم بعضاً بهذه المناسبة الطيبة ويزور بعضهم بعضاً مع البشاشة والسرور، وهو معلم جميل من معالم العيد عند المسلمين، وتلك إيام عطرة لطيفة لها أثرها في نفوس الصغار والكبار. ويتأكد التكبير في الأضحى كما قال تعالى:(كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم) ووقته في عيد الاضحى من صحيح يوم عرفة إلى عصر أيام التشريق وهي اليوم الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر من ذي الحجة، وهو تكبير مطلق في كل الأوقات ومقيد بعد الصلوات كما هو ثابت من فعل السلف. ويستحب للمسلم إظهار الفرح والسرور بالعيد، وذلك باللهو البريء، والغناء الحسن، ترويحا للنفس، ففي الصحيحين عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: دخل عليَّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وعندي جاريتان تغنيان بغناء بُعاث، فاضطجع على الفراش، وحوَّل وجهه، ودخل أبو بكر فانتهرني، وقال: مِزمارةُ الشيطان عند النبي – صلى الله عليه وسلم – ؟! فأقبل عليه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال: «دَعْهُمَا»، فلما غفل غمزتُهما فخرجَتَا، جاء في رواية: «يا أبا بكر، إن لكل قومٍ عيدًا، وهذا عيدنا». وهذا الغناء أشبه بالنشيد المعروف للنساء الخالي عن المعازف المكروهة. كما يشرع للمسلم التوسعة على أهله في أيام العيد بأنواع ما يحصل لهم من بسط النفس، والترويح عنهم، وأخذهم للرحلات الترفيهية الخالية من المحاذير الشرعية. وينبغي أن نتذكر هنا أن العيد الحقيقي هو اليوم الذي لا نعصي الله تعالى فيه ،كما قال الحسن :كل يوم لا يعصى الله فيه فهو عيد، وقيل لأحد الصالحين: متى عيدكم؟ فقال: يوم لا نعصي الله سبحانه وتعالى، وقال آخر: ليس العيد لمن لبس الجديد وأكل المزيد، بل العيد لمن أمن الوعيد وكانت طاعاته تزيد. وليس العيد لمن لبس الملابس الفاخرة، إنما العيد لمن أمن عذاب الآخرة. ما العيد إلا أن نعود لديننا...حتى يعود نعيمنا المفقود ما العيد إلا أن نكوِّن أمة ... فيها محمد لا سواه عميد ما العيد إلا أن يُرى قرآننا ... بين الأنام لواؤه معقود * أستاذ الفقِه المساعد بجامعة حضرموت