الحديث عن الأستاذ / محمد أحمد باعباد حديث متعدد المشارب والاتجاهات فهو التربوي القدير الذي ترك معالم بارزة في الحياة التعليمية بحضرموت واديها وساحلها فقد عرفته مدارسها وحواضرها بتفانيه في خدمة العلم وربى أجيالا تقلدت من بعده مناصب تربوية وإدارية شهد لها الجميع بالكفاءة وهو نعم المربي الفاضل الذي تلقى تعليمه الابتدائي والمتوسط بغيل باوزير وتخرج معلما من معهد المعلمين او دار المعلمين كما يسميها البعض بالغيل في أواخر خمسينيات القرن المنصرم …!! في حياته العملية أنخرط في العمل السياسي في صفوف الجبهة القومية وكان أحد قياداتها في العمل السري والعلني بالمديرية ولأنه من بيت علم ومعرفة فقد كان أبوه معلما وشيخا وكان قد حظي بأخوال من بيت علم ومعرفة منهم الأستاذ والمؤرخ سعيد\ عوض باوزير والصحافي الشهير احمد عوض باوزير والرياضي الفنان سالم عوض باوزير ومن هذه البيئة تفتقت مواهبه الجمة وكان للفن معه نصيب الأسد..!! منذ مايزيد على نصف قرن من الحياة العملية عاصر فيها أجيال وحكومات متعددة أستطاع من خلالها مجايلة الكثير من الأجيال وقدر أن يتلاقح معها ثقافيا سبيلا منه الى تكوين هذا المخزون الثقافي التراكمي الذي لازال به يمتع ويفيد بما يقدمه للأجيال الحالية من خبرات سنينه بعطاء لاينقطع وبذاكرة جديرة بالاستزادة منها ..!! لقد سخر حياته منذ مايزيد عن نصف قرن بعد أن ترك الاشتغال بالعمل السياسي الموغل بالصراعات الى الإتجاه للعمل الفني وترك بصمات واضحة في مسيرة الحركة الفنية بغيل باوزير منذ أن تعلم العزف على آلة الكمان مبكرا في خمسينيات القرن المنصرم وحتى إتقانها بحرفية في نهاية الستينيات من ذات القرن وانطلاقه نحو تأسيس حركة فنية مؤسسية مع كثير من فناني مدينة غيل باوزير الهواة الذين كانت السمرات والحفلات الخاصة هي مرتعهم لممارسة هوايتهم المفضلة ونبوغ الكثير منهم منها وطارت شهرتهم خارج مدينتهم الى كل مدن حضرموت وبلدان المهجر حينها …!! كان للأستاذ/ محمد أحمد باعباد اليد الطولى في التأسيس للعمل الفني الموسيقي فخطت بجهوده وجهود زملاء له في ذات العمل إلى تأسيس فرقة الأضواء ثم جاء الاستقلال وكانت قد تطورت الى فرقة 22يونيو وهو فيهما بمثابة القائد الموسيقي للفرقة وقد أضحت في منتصف السبعينات من القرن المنصرم تحت مسمى فرقة الفلاح الموسيقية بالغيل حتى نهاية الثمانينات حيث تشكل إتحاد الفنانين الموسقيين وبعدها جمعية فناني حضرموت للموسيقى والتراث الغنائي ..!! خلال كل تلك السنين واكب الأستاذ /محمد أحمد باعباد الحركة الفنية بكا أمجادها وانتكاساتها ولازال يعطي وبذاكرته مشاهدها الحية يرويها بكل دقائق تفاصيلها وهو الراوي للفعل الحكائي المشارك في صنعه ولديه ذاكرة حية تختزن الكثير من مسيرة وحياة هذه الحركة الفنية التي عايشها بل وصنع الكثير من أحداثها بنفسه إذ لايذكر تاريخ الحركة الفنية بغيل باوزير إلا وذكر الأستاذ محمد معها ..!! لقد استضافته جمعية أنصار الثقافة والتراث في منتداها الأسبوعي على مدار أسبوعين ليروي لنا تفاصيل الحياة الفنية في غيل باوزير منذ نشأتها الى تطورها وصولا بها إلى أوجها وعوامل انتكاستها وللأسف الشديد اليوم عن ماشهدته من تطور سابقا ودوره في بعث الحياة الفنية في الأنشطة المدرسية حين كان معلما قبل إحالته للتقاعد ..!! كم نحن اليوم في أمس الحاجة له لتوثيق كل هذه المعلومات القيمة للحياة الفنية بغيل باوزير وتأثيراتها وتأثرها مع بقية حواضرنا الحضرمية وماعداها من الأقاليم التي شهدت في وقتها أوج نهضتها الفنية إذ أن أستاذنا محمد يعد وبلا منازع ذاكرة الغيل الفنية ومن كوادر حضرموت القليلة التي لازالت تتمتع بصحة وحيوية قادرة من الإستفادة منها في توثيق مراحل من حياتنا الفنية …!! وتأسيسا على نشاطه الفني والتربوي والسياسي فإن الأستاذ محمد باعباد لديه إسهامات عدة في مجال العمل المؤسسي المدني حيث له بصمات واضحة في الاشتغال بالعمل النقابي على مستوى المديرية والمحافظة وقاد العمل النقابي لسنوات طوال ولازال يعطي في هذا في هذا المجال كما له مشاركات بل وإسهام جم في قيادة منظمات المجتمع المدني وهو العضو النشط فيها إذ تقلد فيها مناصب متعددة ورأس جمعيات عدة منها جمعية المؤرخ سعيد عوض باوزير وجمعية حضرموت للتنمية الاجتماعية وعضو فعال بجمعية أنصار الثقافة والتراث بغيل باوزير . أمد الله في عمر الأستاذ التربوي والفنان المبدع والصحافي / محمد أحمد باعباد بالعمر المديد والذاكرة المتوقدة ووفقه إلى توثيق مراحل التطور جيال القادمة إسهاماتهم الطيبة في كل مجالات الحياة والإستفادة من تجاربهم وخبراتهم .