حينما تصبح أفراح الآخرين أحزاناً لنا،وحينما تمسي ليالي المكلا على ضوضاء عارمة،وصخب فظيع ، بسبب أصوات الألعاب النارية التي لا تحتوي قواميسها على أحترام ومراعاة المرضى والأطفال وكبار السن . في كل ليلة زواج في المكلا وخاصة في منطقة مساكن بفوة ، تنقلب أجواء المدينة إلى جحيم أحمر،وكابوس مزعج يراود الجميع دون استثناء بسبب الألعاب النارية والرصاص التي تطلق في السماء للتعبير عن الفرحة بالزواج ! إلى ساعات متأخرة من الليل تصل في معظم الأوقات إلى الساعة الواحدة والثانية فجراً تسمع بين الحين والآخر خلال هذه الفترة التي – تصيبك بحالة مزاجية صعبة للغاية – أصوت الألعاب النارية أو الرصاص التي هي أشبه بقصف الرعود الشديدة ،كون هذه الأصوات تتسبب في إصدار رجع صدى شديد نتيجة للبنايات المرتفعة وكثافة البيوت التي تنقل الأصوات إلى كل أذن في المدينة . للأسف الشديد الكثير من الأشخاص الذين جعلوا من هذه الأساليب المزعجة عادات رسمية وتقليدات فرضية للتعبير عن أفرآحهم لا يراعون الآخرين في هكذا مناسبات ،عندما تنظر إلى الساعة وقد شارفت على الأقتراب من الثانية فجراً ،وأنت لم تتمكن من النوم ولا تستطيع أن تنام نتيجة هذه الأصوات المتوحشة إن أجاز التعبير . كم من مريض وطفل وإمراءه وشيخ كبير في السن يحتاج للنوم خلال هذه الفترة التي هي أفضل فترة لراحته ؟ كم هم مزعجين الذين يحرمون هؤلاءِ كلهم من قضاء نومهم بكل هناء وصفاء ونقاء ؟ هل كتب على أهل المكلا أن تكون أفراح بعضهم أحزاناً للآخرين ؟ غريب ما يحدث من هذه العادات التي أرقت الأهالي وسلبتهم حريتهم في التمتع بأجواء صافية تهيئ لهم نوماً مريحاُ ؛ولعل أغرب ما في الأمر أن تجد أهل الأرياف والبوادي أمتنعوا تماماً عن هذه العادات السيئة لا سيما في ظل الأوضاع الراهنة في هذه الأيام العصيبة ،والتي صار الرصاص فيها من السلع المهمة التي لا تقدر بثمن ! في حين نرى سكان المدن مثل المكلا لا يأبهون بذلك حينما يطلقون وابلاً غزيراً من الرصاص يحمل معه أمواج عاتية من الإزعاج والألم الذي يصيب كل من تصل لأذنه هذه الأصوات طوال ساعات الليل . غريباً حالنا حينما نخالف رسول المحبة والسلام والهدى – صلى الله عليه وسلم – عندما وصى أمته بأن يبتهلوا إلى الله ويدعوه في الثلث الأخير من الليل،مبشراً لهم بأن الله ينزل في ذلك الثلث ؛ أليس من العيب علينا أن نستقبل ربنا جلا جلاله في الثلث الأخير من الليل بإطلاق الألعاب النارية والرصاص إلى السماء مصحوبة بأصوات الطبول والموسيقى والفن والرقص الماجن الذي يعد دخيلاً على المجتمع الحضرمي،بدلاً من الدعوات الاستغفارت والصلوات ؟ ألا نخجل من أنفسنا ونستحي من الله ؟ أمراً سيء أن يحصل هذا في مجتمع إسلامي محافظ مثل المجتمع الحضرمي الأصيل ! مساكين هم أؤلئك الذين يقومون الليل في ظلمته العاتمة ،ويناجون ربهم ويدعونه ،ويستغفرونه ويسبحون بحمده ، وهناك من يزعجهم بأصواته ورقصه وفنه ومجونة ! كم هو الفارق بين الفريقين ؟ هل يستويان أصحاب الرقص والضوضاء والمجون والطبول ،مع أصحاب الدعوات والصلوات في الظلمات العاتمات ؟ هل سيمتنع هؤلاءِ القوم حينما يدركوا بأن كل طلقة يطلقونها في السماء تطلق ورائها دعوات المظلومين من أطفال ونساء وشيوخ ومرضى وعباد بالليالي لتكون مضادات لها ؟ يكفي إزعاج وضوضاء ، وإذا أبيتم إلا أن تمضوا على سنتكم هذه فلماذا لا تطلقون هذه الألعاب النارية والرصاص في نهاركم بدلاً من ليلنا الهادئ ..قال الله تعالى (( هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ )). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يؤمن احدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه. رواه البخاري ومسلم. وقال صلى الله عليه وسلم : من احب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنه فلتدركه منيته وهو مؤمن بالله واليوم الآخر ويأتي على الناس الذي يحب أن يؤتى عليه . رواه البخاري ومسلم .