ينتظر ساكنو مدينة المكلا في هذه الأيام حدثين ساخنين سيزدحمان على مدينتهم المحشوكة بين الجبل والبحر، هي أربعينية تأتيهم من أجواء السماء بحرها الشديد، ومليونية تأتيهم من أرجاء الجنوب بحشدها المجيد، وتجري حاليًا الاستعدادات على قدم وساق لاستقبال هذين الزائرين اللذين لا مناص منهما ولا محيص عنهما . ويأتي هذان الحدثان المقدران لمدينة المكلا بعد انتهاء موسم الهبة وسكون رياحها التي عصفت ببابها وجاست بديارها خلال شتائها وربيعها المنصرم، ثم ولت وهي لا تلوي على شيء غير ولولات بعض الأهالي على أبنائهم، وونونات آخرين من ضربات الشمس وأوجاع حناجرهم من جراء تحمل المشقة وهم يسرسرون في الحارات والأزقة رافعين أصواتهم بهتافات تحولت فيما بعد إلى هتفات عليهم، ولا ننسى لعنات بعض أصحاب الأعمال الخاصة وهو يحسب مقدار خسارته من توقفات تلك الأيام الخالية من كل شيء . لكنني أعتقد أن المليونية القادمة تمثل خطوة متقدمة وجريئة في تفكير حراكيي المكلا، فمن ناحية تمكنوا من إنهاء حالة استئثار مدينة عدن بها وأثبتوا وجودهم وتأثيرهم في العمل الحراكي، ومن ناحية أخرى سيتمكنون من خلالها توفير فرصة جيدة لتعويض أهاليهم المتضررين جميعًا من الهبة المجدبة، ليس طبعًا بتوزيع الملايين، وإنما باستدراج مجاميع بشرية غفيرة للسفر إلى مدينة المكلا ستنتعش بهم أسواقها وتمتلئ فنادقها وتزدحم مواصلاتها وهكذا يستردون في يوم واحد ما خسروه في الأيام المهببة، ومن ثم ينجحون في تقليل حالات الغيظ المنصبة عليهم سواء ما كان منه مكظومًا أو معلومًا . أعتقد أن المليونية إذا تمت وجنينا منها تلك الفوائد والعوائد فيجب أن تكون آخر ضربة حراكية لطواحين الاحتلال اليمني الهمجي، وعلى أعزائنا الحراكيين بعدها أو ما تبقى منهم ومن ماء وجوههم ومن همم شبابهم المنهكين، عليهم أن يتلفتوا حواليهم في حضرموت ليوجهوا ضربات جادة لأهداف أكثر تحديدًا ودقة لكائنات طفيلية موجودة بين ظهرانيهم قد أسنت لطول المكث في مواقعها وهي أشد فتكًا من الاحتلال، أو قل إن شئت هي أدواته، ومع ذلك تعبث بنا بكل شراسة وشراهة وهي آمنة مطمئنة يأتيها رزقها الحرام من كل مكان تطاله يدها الفاسدة . استطلاعات رأي حول المليونية : موظف في الدولة : المليونية حلوة، بس بتكون أحلى لو خلوها أرباع، ويوم الخميس الجاي قده أجازة من الدولة . تاجر حضرمي : ما شي أحسن من المليونية ما دامت بعيدة عن ملاييني . عجوز من حي الشهيد : واه الوقت العيف ذه، صحنا من أربعينية جات نحنا مليونية . فقيه حراكي : لاشك أن المليونية يتضاعف فضلها في الأربعينية، لكن يجب فيها تبييت النية، لتكون ربانية، وليس حركات صبيانية، والله أعلم .