ظهرت في الآونة الأخيرة ظواهرٌ وعاداتٌ سيئةٌ في مجتمعنا الحضرميِّ المحافظ، لم نكن نحن نعرفها قبلا، ولا آباؤنا كذلك. ومن هذه الظواهر التبرُّج والسُّفور بين الفتيان والفتيات، حتى أصبح الأمر وكأنه شرطٌ لإثبات تحضُّرِ وتطوّر المجتمع، وأصبحُ الفتيان يتظاهرون ويتفاخرون بالحصول على رِضَى هذه الفتاة أو تلك، والفتيات كذلك أصبحن في منافسةٍ وسباقٍبينهُنَّللحصول على ودِّهذا الشاب الظريف الشكل والهندام أو ذاك، كل هذا وذاك مما أفسده ويُفسده الإعلام الغربي الموجَّه إلينا لضربنا في صميم ثقافتنا وتقاليدنا وتعاليمنا الإسلامية، و ليس الإعلام الغربيُّ وحده يَعمَدُ إلى ذلك، بل يُؤازرهُ ويُناصره إعلامٌ عربيُّ المنشأ عربيُّ التمويل، ولكنه ساقطُ الأهداف والنوايا، يصرفُ الشباب عن دينهم وواجبهم تجاه أمتهم وقضاياهم، ويُنتجُ جيلا فاشلا فارغةً رؤوسُهم من العلم والثقافة والدين، لا همَّ لهم ولا مطلب إلا في اشباع رغباتهم. ذلك أنَّ الشبابَ متى نهضوا نهضت الأمة، ومتى تمسَّكوا بتعاليم دينهم، وتقاليد آبائهم وأجدادهم، حصَّنوا مستقبلهم وأبنائهم من أيِّ قادمٍ دخيل عليهم في ثقافتهم وعاداتهم. والناظرُ اليوم الى حال الشباب يتحسر ويتألم احتراقاً، ما بالُ هذه الطاقات الجبَّارة مهدرةً في اللهو والفجور، ما بالُ هذه الفتوةتُفسَدُ في أولها، وقبل قِطافِثمارها، وما بال رجال و آباء الغد يَرِدُونَ موارد الانحلال والانحطاط الاخلاقي، ويتشربون بثقافات وتقاليد غريبة النشأة غريبة التكوين. ولتَنظُري أختاهُ من حولك وأعلمي أنما هؤلاء مَثَلُهم كمثل الذئاب تجمَّعوا ليأكلوا شاةً شاردةً من قُطعانها، وأنك متى تركت تعاليم دينك وتقاليد مجتمعك، كنت أنت تلك الشاة، وكان الشبابُالفاسدون من حولك هم أولئك الذئاب. ولقد حَفِظَ الدينُلكِزهرة أنوثتك، وأكْبَرَ فيك غاية نشأتك، ذلك أنك لم تُخلقي إلا لتُكملي مسيرة بناء الانسانية جمعاء، إذ لا يستطيع الرجل بناءه لوحده، ولتكوني أهلا لهذا البناء لابدَّ لك من حفاظٍ وصيانة، ولا بد لك من تأهيلٍ ودراية، فإما أن تكوني أماً أنجبت رجالا أتقياء، وإما أن تكوني امرأة شَقِيَتْ وأَشْقَتْ معها الأشقياء. وقد قال حافظ ابراهيم رحمه الله: مَنْ لي بتربيةِ النِّساءِ فإنها *** في الشرقِ عِلَّةُ ذلك الإخِفاقِ الأمُّ مدرسةٌ إذا أعدَدْتها *** أعددتَ شعباً طيِّبَ الأعراقِ الأمُّ روضٌ إن تعهَّدهُ الحيَا *** بالرِّيِّ أورَقَ أيِّما إيراقِ الأمُّ أستاذُ الأساتذة الأُلى *** شغلت مآثرهم مدى الآفاقِ أنا لا أقولُ دَعوا النساء سَوافِرا *** بين الرجالِ يجُلنَ في الأسواقِ يدرُجنَ حيث أرَدْنَ لا من وازعٍ *** يحذرن رِقبَتَهُ ولا من واقي يفعلن أفعال الرجال لواهيا *** عن واجباتِنواعسِ الأحداقِ